مناضد اليقظة
رقية مهدي- السعودية
صوتك الرحمة التي تمس قلبي حتى لا يقتله الشوق، أنا التي أضعتُ كل شيء، إلا آثار الموت والصداع الذي يفقدني القدرة على النوم، أضع رأسي في يدك وأنام !
حتى الآن واللغة تضيع مني أيضًا، المفردة والمجاز، الصيغ، وجنائن الكلام ..اليد الثقيلة، العين الساقطة في فتك السهر، المزاج الذي لا يدرك إلا حلمه،
موقد القلب، وشهقة الفجر، وشرفة الحلم ..
كلها على مناضد اليقظة، تحيك نصها غيمة غيمة من لوعة اشتياقها.
تنفّسْ قلبي
تأهبْ كعاشق وأصابعك تمر على جلدي،
قلّب كواكبك في جهة الدفء،
اقبضْ على بردي وخوفي بأصابعك وتلاوتك،
هبْ لي تدوينًا يُجيزُ السكر،
يفرط في القوة،
هب شفاهك لضياعي،
وأكتافك لذهولي،
وصدرك لحرائقي،
وأطرافك لارتعاشي ..
اجعلني استقيم في غيبوبة وقتك ومعانيك..!
****
أنت تدرك بحتي التي ضاعت دون صوتٍ يعي لوعتها ..
وتدرك تمامًا ما ثرثرته بين يديك، وكان بين يدي العالمِ صمتًا وعزلة
تدرك الآن إنني أتسربل بقلقي وأكتب لك دون يقين الدخول،
لأن المسيرَ مبتورٌ، واليد مشرعةٌ للريح، تفتش عن الوقتِ، والقمر يغمضُ عينه عن ظل الأرض، يخاف قياماتها..!
وأنا
.
.
أتأملك في الشاشات بألوانٍ وصورٍ
وأشتهيك ضاجًا بالموسيقى، وأتخيلك في نهر الانتظار تعرّف صور الكونِ،
وترتِّب صفحات المجاز،
وتلحِّن أمزجة التورية وكناياتها،
وأراك في ريشةٍ تتدفقُ من الشمس فتمس سلالات الوحشة، ومسارات الضوء .. ولا أجدك !
وأنا انتظرك
أضعُ قلبي على الرفِّ،
أثثه بمزاهر الورد وعقوده،
وفي منعرجاته أضع اللآلئ كي تضيءَ لك علامةً ودليلا ،
وفي مآلات دمه أرى مزامير اللوعة وأبوابها، ونياشين البنفسج وبراهينها،
وهدير البحار وما يموجُ في رقصاتها ..
وفي جوفه تلدُّ الصباحات فتعرّف العالم بما كَانَ وما لا يكون ..
فالحمى: سهرُ قدرك على البحر، وسقوط قدمك في قارعةِ الخيال.
والشَّامةُ: غريزةُ وجودك النابت على كآبة نظرتك الباردة
والريح: صدرك المشرع في الظلام لأحجيات هذا العالم
والرئة: خشوعك في مدارات الصمتِ، وسيول الرغبة، ونزف النوافذ الهاربة من شفقك القديم !