أثر القصيدة وما بقي من دمها

0 632

د. كنزة مباركي – الجزائر     

 

في إثر هذا الجرح

نافورة تنشق من القلب

نبعها هذا الوجع المضحك المبكي.

 

يضحك الجريح دما

شفتاه معفرتان

تستقيمان عند ابتسامة لا معنى لها

غير نهر يلد كل لحظة

المزيد من أطفال المنافي.

 

في قواميس الماء يضحك الجريح دما

وأناتٌ متوحشة تقيم في نبض الحياة

فيما عينها على قلب الردى.

 

في إثر هذا الجرح قلب تقلبت أحواله

نجمة معلقة في السماء

فقدت أصبعها الخامسة

هل يمكن لنجمة كتِلكَ أن تبقى في السماء؟

هل يمكن لجرح فقد أثره

المكوث خارج ذاكرة  الغناء؟

يترنم الجريح على عتبة الصباح

شفتاه ممسوحتان بزبد حزن معتَّق

ظلُّه هلالٌ ينحني صوب الشمس

مائلاً يغفو كي يكبر مستديرا

ويغدو قمرا ذات شفاء

لكنه الآن متكئ كالخيبة

مترنما موال أناته الأخيرة قبل أن يباغته الصمت،

والصمت كما تعرفون لا شيء..

أو الشيء كله بكل بساطة.

 

في إثر هذا الجرح

وقت معلب

وقت محفوظ في ورق السيلوفان

يستعمله الجوعى من كل الاتجاهات

كسرة بائسٌ ملحُها،

حين تَزَّاور عن كهفهم أطياف الحياة.

 

هل تعرفون من أين تنبع الحياة؟

أخبروني بما كشفته الرؤى للدراويش

حتى يغلقوا دونكم أبواب الروح

أخبروني..

من أين كان الفقراء يخرجون كالنمل

ليغطوا وجه الكرة الأرضية

وأنتم تسبحون بعيدا في الأنا.

 

هل تعرفون؟

أوجاعكم تأتي من المعرفة

كلُّ حرف تعلمتموه

حملَ أوزار الحروب التي دخلتموها حفاةً عراة.

 

أرجوكم، لا تكتبوا عن الحب

أرجوكم، لا تفلسفوا أوجاع العشاق

لا توجعوا الأرض بألغامكم

كي لا تموت سنابل القمح

وهي تشق طريقها نحو السماء..

 

أنتم يا شعراءَ الأقمار الكالحة

أنتم المتناثرون بين أجساد اللغات..

الصاعدون بعرجكم مدارج الوعي المضطرب الخطى

حين تفكرونَ،

عند الذروة أراكم تقفون نازلين – كالسقوط –

حال التفوه بالقصيدة.

 

حين تستعيرون للحب أسماء لا تليق به

تكتمل الفجيعة..

يثمر الصمت نافورة وجع متاح للجميع..

وأنا الظبية الغريبة بينكم

هل أضحك أم أبكي؟

 

أوجاعي بترت أصابعي

وأراقت ما بقي من دم القصيدة.

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.