زياد إبراهيم – بيت الياسمين للنشر والتوزيع – مصر
التحدي الأكبر إقناع القارئ
معارض الكتب، في الوطن العربي، تكون بمثابة متنفس للناشر العربي، وتعطيه الفرصة للتعرف على اختلاف الذائقة للقارئ العربي. بناء عليه، فكرة المشاركة هي الرئة التي تعطيه الفرصة في الاستمرار. تأتي أيضاً أهمية المشاركة في مختلف البلدان في ظل مفهوم أن الكتاب لدى القارئ العربي – حتى الآن وللأسف – سلعة ترفيهية، وإلى تراجع مبيعاته امام السلع الأخرى. وبالتالي إن التحدي، في الأساس وسط هذه الظروف، هو الوصول إلى الذائقة المختلفة بين مختلف الجنسيات، بمعنى ان ذائقة القارئ الأردني مثلاً غير الاماراتي غير السعودي، وعلى الناشر الجاد إرضاء جميع الأذواق، على الرغم من ان التقاطعات الرئيسية بين جميع القراء هي جودة العمل المقدم من الناشر طبعاً. في كل دولة لها مؤلفيها (كتب محلية)، وأنا كناشر مصري دوري الحقيقي هو الوصول بمؤلفي الدار الى جميع الدول العربية للتعرف عليهم، ونشر كلماتهم في مختلف الأقطار. هذا دور غير يسير وبه العديد من المخاطر. ما الذي يدفع القارئ السعودي إلى التعرف على كاتب مصري؟ هذا أكبر تحدي، خاصة إذا كان الكاتب غير معروف لديه، ويشق طريقه في بدايته مما يزيد من الأمر صعوبة.
تحديات أخرى
بالنسبة للأمور المتعلقة بالشحن، والترتيبات اللوجستية للتواجد في المعارض، هذه أمور طبيعية ومن المسلمات في عالم النشر، ولا تشغلنا؛ لأنها من اختصاص الاتحادات الإقليمية التي نشارك في المعارض عن طريقها؛ وهي المعنية بتلك الأمور. كناشر، لست معنياً بها، وليس دوري ان أنظمها، ادفع اشتراك سنوي في عضوية لاتحاد الناشرين المصريين ليقوم هو بتنظيمها. دوري الحقيقي هو نشر المعرفة المصرية للقارئ العربي، هذه هي رسالتي.
أما عمليات تزوير الكتب، طبعاً هي تحدي آخر يزيد من الأمر صعوبة، ولا خلاف عليه؛ ولكن مع الاضطرابات التي تعيشها الأوطان العربية، منذ حرب الخليج الأولى حتى الآن، يأتي هذا التحدي في آخر اهتمامات الحكومة. بمعنى أوضح، مصر، مثلاً، تعيش اضطراب حرب مع الإرهاب؛ فليس من المعقول أننا حين نتقدم بشكوى لتزوير كتاب أن تهتم وزارة الداخلية به فلديها أولوياتها. الاتحاد الإقليمي تقدم بمشروع تغليظ العقوبات على المزورين، ولكن جاءت أحداث ما يسمى بالربيع العربي أجلته حتى الآن. اتفقنا في بداية لموضوع أن الكتاب – حتى الآن للأسف – يعتبر سلعة ترفيهية، والأمن من الضروريات وأقصد هنا استقرار الدولة. فمن اولى؟ ولكن بعض الدول العربية مثل السعودية والامارات تكاد تكون نسبة تزوير الكتب لديها معدومة، ونضيف لديها الكويت وسلطنة عمان. بالمقابل دولة مثل العراق، أو الأردن لديها كتب مزورة بشكل قوي، بالرغم من محاولات الأردن الجادة لإنهاء هذه الظاهرة. بملاحظة بسيطة، تجد أن الدول المستقرة ليس لديها كتاب مزور، ولكن مصر على الرغم من استقرارها لديها (كتاب مزور)، ويرجع لضعف العقوبة على المزور.
مازال فاعلاً، ولكن تأثيره محدود
هل مازال دور الرقيب فاعلاً؟ الحقيقة نعم، ولكن هناك تقدم في مثل هذه الأمور، والتغيرات إيجابية على نحو كبير. أما على تأثيره على توفير انتاج الدار فليس كبيراً؛ قد يضطر الناشر الى استبعاد عنوان او أكثر من قائمة تضم ٣٠٠ عنوان. إجمالاً، الآن تأثير الرقيب بات محدوداً.
انتظار الموعد، والفعاليات تضيف جمهوراً
ليس صحيحاً أن الفعاليات المصاحبة للمعارض تؤثر على دور النشر المشاركة. نعود للنقطة الأولى؛ الكتاب سلعة غير اساسية في الوقت الراهن. هذا الازدحام الذي يأتي من وجود فعاليات يساهم بشكل أو بآخر في رفع نسبة مبيعات المعرض. في النهاية، تجد أن معظم هذه الفاعليات هي فعاليات ثقافية بالأساس، تتقاطع وتتماس بشكل أو بآخر مع الكتاب كمنتج وسلعة ثقافية. جمهور المعرض ينتظر ميعاده من العام إلى العام التالي؛ وجمهور الفاعليات يضيف الى جمهور المعرض ولا ينتقص منه بل يزيده. من جاء إلى الفاعلية الثقافية يتسوق في المعرض في النهاية.
المشاركة التراكمية
مكانة المعرض ومستواه معروفان لدى الجميع، قبل انعقاده؛ إلا إذا كان المعرض جديداً، وهنا يجب على المنظمين الاهتمام بالدعاية للمعرض. في كل الأحوال، مكان المعرض مهم، ولكن الدعاية والتسويق من قبل المنظمين هو الأهم. أما عن تأثير مكان انعقاد المعرض على أولويات الدار في المشاركة، فليس من المعقول ان يتم تغيير طبيعة وسياسة النشر لدى الدار على اساس المكان. طبعاً، هناك معارض قوية واخرى أضعف ولكن قوة المشاركة تكون تراكمية تزيد عاماً بعد عام.