قَبْل سقوط المطر …. بعد هطول الشعر

0 761

مهدي القريشي – العراق

 

المطر الذي في الأعالي

المطر الحالم يغور في تشققات احلامنا الجافة

المطر الصاعد من شهيق البحر والمتمرد على هدوئه

المتطاير من أفواه الأمهات الثكالى ممزوجا بلوعة تشبه محنة ابي حنيفة، أو نكبة ابن رشد، أو ملحمة كربلاء

يراودنا مرةً على رؤوس الأعشاب، رياح باردةً، وأخرى محلقًا في ثنايا النزيف المقامر في خلجات الروح

المطر المولود للتو من رحم غيمة زاوجت اثدائها، الرعد بالبرق، البرق بضوء القمر المنزوي

المستحي من هيبة الغيم

وهو يتبختر في الأعالي

القمر بعباءة السماء لكي لا تخطفه الارض في غفلةِ السندباد. الرعدُ والبرقُ من نسبِ واحد

الرعد بصفاته الذكورية

والبرق ينساب كأنثى متسللا الى مخدع كوني

تلاقحا في ثكنات الحروب المنسية فولدا المطر. المطر ذكر مُدلل، متدلي من الثريا كأخر العنقود

يصعد بالدعاء ويهبط بالذِّكر الحَسِن

كسهمٍ بلا قوس

تحفز الوردة شبقها فتفتح فاها، ضوء، لاحتوائه وتتلاقفه، الأرض تفتح قلبها هي الأخرى

السير تحت المطر في ربيع العمر ثَواب

ورفع المظلة العانس، سوداء كانت أم بألوان قوس قزح إثم كبير

والزحام بين قطراته صلوات، كما الشعر حينما يولد في زحمة الأنساق المتصاعدة للمخيلة، لترتوي من ظمأ عسل خرافي

فكل قطرة تحمل في تجاويفها سنابلها الذهبية، امرأة غجرية واستهلال قصيدة … الشعر تنعشه المشاكسة وحبات الوطن تُنْضج حروف القصيدة.

مَنْ الذي يجعل طين الصلصال نبوءة … غير المطر؟

مَنْ الذي يمد حبل النشيج الى رحم الأم … غير المطر؟

مَنْ الذي يجعل هبوط لؤلؤات المطر خببًا … غير الشعر؟

مازال المطر يصعد، والمطر ينزل، يتسلل بين النهدين وسعفات النخيل

يغسل المِحنة من أدرانها ويبلل الجسد الطاهر بالحناء ويؤدي طقوس تراتيل التمرد والمباغتة الرومانسية والطهر … والارتماء في حضن دافئ

ونحن ما زلنا نناشد المطر، أن يقف عن ممارسة مزاجه الخشن

لأن بيوتنا ملساء

وجدرانها من طين (الزقورات)

و(ظلفات) أبوابها خلجات مسكونة بصرخات آلامنا

ونحن عاكفون على سكب الحقيقة في وعاء الرماد

أو في انابيب المختبرات

لماذا إذن (تطش) أُمي، الماء خلفي كلما حملت حقائب السفر؟

ألا يكفي نشيد المطر

لتبريد الحصى في الليلة المقمرة المطر اغنية أوراق الشجر وأرجوحة النسيم

المطر ملائكة الله النازلة لترطيب الأجساد

ولنضوج نهود العذارى

ووشوشة الروح

وبلبلة الأجناس المرتمية حتى قاع الزهور

المطر فراشات صاعدة لضوء يتيم

المطر (تفكيكيًا) الميم ماء المدينة، والطاء طريقة حذف الجفاف وامتناع تضاريس الاغراء بممارسة صيد البهجة، والراء رهان التاريخ على ان المطر الذي يولد كل عام ينمو في رحم القصيدة

قد يكون المطر أنوثة مفرطة بالغنج

وفحولة المساحي ترسم طريق فوضاه

وقد يأتي متدثراً بعباءة الحروب

أو في حقائب التلاميذ

أو معلقًا في حمالات الصبايا الناهدات

يتسلل بين الفصول فيختار أجملها

يزاحمه على الجمال فينتصر عليه

قد ينزل بعد ان يشرب الطفل كل ما يملك من حليب الحصة

مطر أحمر يكثر تزاحمه في الشرق الأوسط، العراق مثالًا

فمنذ ألف ونيف من الرقاب والسيوف

عَلَّمْنا الأرض أن تحيي المتعالي بالأحمر

وها نحن نلوك التاريخ بشفايف يجملها الاحمر المعطر

وبقواطع لبنية

ولسان يُجيد العربية نطقًا ولهوًا

ماذا نفعل لو زعل المطر وسلم مفاتيح كينونته الى شفاه متشققة من كثرة الاغتراب

عن القبل المؤمنة؟

هل نحتكم إلى الغيوم /الرعود / البروق؟

 فبقدر ما الحرية شحيحة يكون المطر بخيل

قد يهبط المطر مع هطول الشعر

ويتوارى حينما الشعر يختنق بالمتطفلين لهذا أرى وفرة الشعر في الشتاء

ينمو مع المطر والبرد والاحضان الدافئة

ويسمو مع ارتفاع قامات الحنطة والشعير، تزف المطابع البشرى بصدور الدواوين مع الحصاد

يندس المطر بين طيات قميص المِحنة

والشعر يؤنسنه. إنه بجعة بيضاء تنقر حبات المِحنة من القميص المعبأ بالضجيج والسواد إلى أن تصل الى نرجسة الموت أو الجنون أو الشعر

الكل ينزف، والبلاد نعش بلا مشيعين بعد أن كان أسلاكًا، ومجموعة مخبرين، وجوازات سفر مزورة، وأرقام إيداع (المكتبة الوطنية)، نشرة مجانية تصدر بموافقة (المدير العام لمقهى حسن عجمي) …

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.