مجرد ونس !!!

0 523

مرفت نصحي – مصر

 

في أحد شوارع القاهرة القديمة وأمام أحد المحلات تجلس سيده علي باب المحل تبدو أنها متقدمة في العمر ترتدي معطف -بالطو- يخفي معظم ملامح جسدها، فهو واسع وطويل وذو لون رمادي باهت وله ياقة عريضة تخفي معظم ملامح الوجه.

بمجرد أن تشرق الشمس وتدب الحياة في الشارع، تظهر هذه السيدة ولا ترحل إلا مع رحيل آخر مظهر من مظاهر الحياة في الشارع. تساءلت كثيرا لماذا تجلس هذه السيدة هكذا ولماذا لا تتحدث إلى أحد، ولا يحاول أحد أن يتحدث إليها، يلقون عليها النظرات في صمت ويكملون مسيرهم في هدوء!!

هل لا تستطيع التحدث؟ هل هي شخص عدواني لا يريد أحد الدخول معها في جدال أو مشاكل؟ أين أهلها؟ ولماذا ترتدي هذه الملابس كل يوم؟.

اخذني الفضول إلى أن أراقبها وألاحظ تصرفاتها، جلست على أحد المقاهي المقابلة للمحل الذي تجلس أمامه ومر الوقت ولكن لا جديد، تجلس في مكانها تلاحظ المارة ومختفية وراء معطفها الرمادي، أصابني الملل فسألت عامل القهوة فحكي لي الحكاية، وكانت المفاجأة !!!

هذه السيدة ليست بعجوز ولكنها شابه في منتصف العمر! وجميلة ! ، لماذا اذا هذا التخفي ؟، هذه  الشابة وحيدة فقدت في حياتها كل مظاهر الونس وزهدت في هذه الدنيا، لا تريد شيئاً سوى الوجود وسط أناس آخرين، لا تتحمل الوحدة ولا تريد من الدنيا ولا من الناس سوى أن يروها وأن يلاحظوا اختفاءها اذا حدث لها مكروه.

على الرغم من غرابة القصة لكنها حال أناس كثيرة في هذه الأيام، يريدون أن يلاحظ الناس غيابهم أو اذا شعروا بمكروه، لا يطلبوا من الدنيا سوى الونس، مجرد ونس !

الحياة السريعة والمحمومة بالمشغولية جعلتنا لا نرى من حولنا، جعلت كل منا يعيش في جزيرته وحيدا بالرغم من وجوده مع أخرين، وحينما تهدأ الحياة وتقل المشغولية نكتشف اننا بحاجة لصوت حولنا يعطينا أحساس اننا لسنا وحيدين … مجرد صوت … مجرد ونس.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.