الطفل الذي لم ير الشتاء من قبل

0 364

علي وهبي – لبنان

 

الطفلُ الَّذِي لم يرَ الشتاءَ مِن قبل يغارُ مِنها يضربُها، ليستفزّني كي أرضى وأصيرَ حصانًا للمرّةِ العاشرة، ولا يلتفت إذا ما كان “دون كيخوته” قد سقطَ عن ظهرِي ثلاث مرّات، ولا يهمه لماذا كنتُ خشبيًا في طروادة.

يغارُ الطفلُ منها لأنَّها تسرقُهُ منّي وتبعدُهُ عن ظهرِي يغارُ مِن الكائنات الورقية التي أنشغلُ بها عنه، وعن نداءاتِهِ؛ كلّما أهملتُ نداءَهُ وتباطأتُ في الاستجابة، اختارَ أصغرَ كُتبي ولكمَهُ عشر لكمات، فيدفعني كي أطيّبَ خاطرَهُ، ويسألني صائحًا: خَالي ألا تريدُ أن تعودَ حصانًا عربيًّا؟

الطفلُ الَّذِي لم يرَ الشتاءَ من قبل، يحملُها على يدِهِ كمسعفٍ يحملُ مصابًا، وكطفلةٍ تقطفُ وردةً، وكقلبٍ يحملُ أُمًّا، ويجرى كالإعصارِ والرّيحِ، وهي بيضاء في كفِّه وعيناه لا تفارقانها، ويكادُ يحضنُها بأصابعِهِ، لكنّه يخشى عليها من الدفءِ، فهي تذوبُ قبل أن يفَتحَ بابَ الثلّاجةِ ليضعَها.

يناديني الطفلُ الَّذِي لم يرَ الشتاءَ: تعالَ نلعبُ ونركضُ حيث الخيالُ امتدادٌ لأمنياتي، تعالَ كي أجعلَكَ تعيشُ الحكايات، وتشاركني مغامراتي، تعالَ يا حصاني، كيلا تذوبَ حَبّةُ البردِ، تعالَ لأنقذها من الدفءِ.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.