الغريق لخوسيه لويس  بيكسوتو

0 178

ترجمة مهدي النفري – هولندا

أركض بأسرع ما يمكنني

 أشعر بضغط شديد على صدري. وفي منتصف الطريق أكتشف بشكل مفاجئ أن صدري نفسه هو الذي يضغط على صدري. أركض نحو شيء يبدو لي أنه لا غنى لي عنه. لا أعرف كم من الوقت كنت أركض وراء هذا السراب وأفكر في الأمر للحظة الآن.

ثم فجأة انتهى اليوم. مر الوقت. ومرة أخرى كان اليوم غير كافٍ، أو ربما كنت أنا نفسي غير كافٍ.

ومرة أخرى ينقضي يوم آخر، وآخر، وآخر، وآخر، وآخر، وآخر، وآخر، وفجأة وفي نفس الوقت، ينقضي تكرار اليوم، وتكرار الهزيمة. من الصباح إلى المساء، الاندفاع من الصباح إلى المساء لإنهاء شيء ما من أجل إنجاز الشيء التالي. كل لحظات يوم كامل بحساب الوقت الذي يستغرقه الوصول إلى مكان أريد أن أغادره في أقرب وقت ممكن. ما زلت هنا ومع ذلك أفكر بالفعل في الوقت الذي سيستغرقه الوصول إلى هناك والعودة إلى هنا. وفجأة ينقضي اليوم مرة أخرى. إنه الثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة؛ وفجأة يحل يوم الجمعة مرة أخرى ويمر أسبوع آخر، لم تكن الأيام كافية أو ربما أنا نفسي لم أكن كافيًا. أنظر إلى الأسبوع الذي مضى ولا أفهم تلك السرعة. كل ما حولي هو حطام ما لم أتمكن من فعل يحجب عني ذكرى غامضة لكل ما استغرق وقتي. والآن وقد انتهى أشعر أنني لم أفعل سوى ما لم أرغب في فعله.

وفجأة يأتي اليوم الثلاثون. التكرار الممل كما هو متوقع، الثامن والعشرون، التاسع والعشرون، الثلاثون، الثلاثون مرة أخرى، مر شهر آخر، نيسان، انتهى نيسان. كل تلك الأسابيع وكل تلك الأيام كانت غير كافية، أو ربما كنت أنا نفسي غير كافٍ. يتناثر على امتداد هذا الشهر الذي مضى مثل منظر طبيعي أستطيع أن أنظر إليه ولا أستطيع أن ألمسه عندما أمد يدي، أشباح ما كنت أؤجله. والآن، في نهاية هذا اليوم، هذا الأسبوع، هذا الشهر، أشعر أنني ربما أكون قد أجلت تلك الاحتمالات إلى الأبد.

هذه الآن لحظة. هذه الآن استراحة قصيرة. غداً، يبدأ الوقت من جديد. وقت للاستيقاظ، ووقت ومكان لأكون مرتديا ملابسي بسلاسة وحسن تصرف، لدي قائمة طويلة من الأشياء التي يجب أن أقوم بها. وكلما أنهيت الأولى بشكل أسرع كلما كان بإمكاني البدء في الثانية وهكذا من يدري، أنهي القائمة بأكملها. النقطة الأخيرة هي الملتقى، الأفق الذي أراه بعيدًا في ذهني. أتابع نحو ما يمكنني تخيله، البنود المدرجة في قائمتي التي أشطبها واحدًا تلو الآخر. ولكن بعد ذلك يأتي أحدهم متأخرًا ويستغرق وقتًا أطول من المتوقع، الازدحام والمطر وأشياء من لا شيء. وفجأة ينقضي اليوم مرة أخرى، إنه يوم الجمعة مرة أخرى، إنه اليوم الثلاثون مرة أخرى، انتهى الشهر. لم يكن الوقت كافيًا، أو ربما أنا نفسي لم أكن كافيًا.

الآن أغمض عيني وآخذ نفسًا عميقًا. الآن يبدو الوقت كتلة بلا شكل، لا شيء يستطيع أن يمسكه، ينزلق في كل الاتجاهات. هذه سفينة تهلك، الزمن هو الماء الذي يتدفق من أضيق الشقوق، الزمن هو المحيط. أنا جالس على الجزء الأخير الذي لا يزال يطفو، حولي محيط الليل فقط، الوقت فقط. وفي لحظة سأغرق.

خوسيه لويس بيكسوتو
وُلد في غالفياس عام 1974. أحد أبرز مؤلفي الأدب البرتغالي المعاصر. ظهرت أعماله الروائية والشعرية في عشرات المختارات الأدبية، وتُرجمت إلى عدد كبير من اللغات، كما أنها تُدرس في العديد من الجامعات الوطنية والأجنبية.
قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.