مـقـابـلـة مَـع الـسـيّـد بـوم أجْـراهـا ج م
جمال مصطفى
طـابَـتْ سَـهْـرتُـكـمْ يا سـيّـد بـومْ، تِـلْـمـيـذُكَ ج م:
شـاعـرُ لا أدريّـاتٍ تَـتَـخـاطـرُ فـي وادي الإيـقـاعِ
وقـد جـئـتُ أحـاورُكُـمْ فـي مـعـنى الـشِـعــريّـة
مَـرحـى بالـشـاعــر
في فـرْدوسِ خـرائـبِـنـا
مَـرحـى بِـكَ في زَمَـكـانِ الـمـخـلـبِ والـمـنـقـارْ
والـطَـيَـرانِ الأخـرَسِ
كالـتـشـويـقِ قُـبَـيْـلَ الـغَــلَـبَـةْ:
هـذا مِـن أعـرَقِ شِـعْــريّـاتِ اللـيـلِ ومـنهـا
تَـتَـفَـرّعُ عـنـدي شـعــريّـاتُ الـحـيـرةِ والأشـواقِ
وحُـسْـنِ الـهـيـبـةِ فـي دَوَرانِ الـرَقَـبَـةْ
بـومٌ أصـمَـعْ
لـكـنْ أسـمَـعْ
أمّـا بَـصَـري
فَـهْـوَ حـديـدُ الـشِـعـريّـاتِ اللـيـلـيّـةِ أجـمَـعْ
يـا أسـتـاذي الـمُـتَـأمِّـلْ
كـنـتُ أظـنُّ الـشـعـريّـةَ في زَمَـكـانِـكَ
أبْـعَــدَ مِـمّـا يـجـتـرحُ الـمـخـلـبُ والـمـنـقـارْ
كـنـتُ أظـنُّ الـشـعـريّـةَ عـنـدكَ
في الأسـحـارْ،
فـي تَـهـذيـبِ هـزيـعِ اللـيـلِ الأولِ
بـالـحَـدْسْ،
فـي الـقَـضْـمِ غـيـابـيّـًا
مِـن قـرْصِ الـشـمـسْ،
فـي الإصـغــاء الـجـارحِ للـصـمـتِ،
وفـي تَـحْـديـقَـتِـكِ الـمَـلَـكِـيّـةْ
كـنـتُ أظـنُّ الـشـعـريّـةَ عـنـدكَ
في الـحـكـمـةِ مِـن فـرْطِ الـخـلْـوةِ
والإطـلالاتِ الـقَـمَـريّـةْ
ومـن الـوحْـيِ إذا جـاءْ
مَـن مـثـلـكَ يـعـرفُ هـذا اللـيـل؟
لا سـاهــرَ إلاّ أنـتُـمْ
لا شـاعــرَ أوغـلَ مِـنْـكُـمْ
فـي الـشـعـريّـةِ قــمْـراءَ وظـلْـمـاءْ
الـمـخـلـبُ خـلّابٌ
يَـجـتـرحُ الـفـتْـنـةَ والـمـفـتـونْ
والـمـنـقـارُ هـوَ الـمِـعْــزَفُ
نـايـاً، بـوقـاً، عـوداً، طـبْـلاً، قـانـونْ
الـشـعـريّـةُ مِـن ألـطـافِ الـحَـقْ
مـوهـبـةُ الـبـومِ إذا رَقْ
خـذْ مَـثَـلًا
قَـبْـلَ ثـلاثِ لـيـالٍ أمـسـكـتُ بِـفـأرْ
وإذا بـي رغْـمَ الـمَـيْـلْ
مـا مَـزّقـتُ ولا شَـرّحـتُ ولَـكـنْ لاعـبـتُ الـضـيـفَ:
يَـفـرُّ وأنـقـضُّ يـفـرُّ وأنـقـضُّ
وأطـلـقـتُ سَـراحَـهْ
أوَ لـيـسَ عـشـائـي تـلـكَ اللـيـلـةَ مِـن شـعْـريـاتِ اللـيـلْ؟
تـلـكَ الـلـيـلـةَ كُـنـتُ الـبـومَ الـشـاعــرْ
كـيـفَ انـزاحَ الـبـومُ الـجـارحُ؟
لا أدري
فـقـلـيـلاً مـا يَـنْـزاحْ
الـشـعـريّـةُ: فـاكـهـةُ الـروحْ
الـشـعـريّـةُ: دحْـرُ الـمَـيْـلِ إلـى الـلـحـمِ الـمـذبـوحْ
لا شـكَّ ولا ريـبْ
يا أسـتـاذي الـمُـتـأمِّـلْ
لـكـنْ
هـل لِـلـشعــريّـة عـنـدكَ
مـا يَـتَـخـطّـى الـزَمَـكـانَ إلـى الـغـيـبِ
ويَـنـفـضُ عـنْـكَ وعـنهـا الـعـابـرَ،
يَـنـفـضُ كُـلَّ صـغـائـرِنـا الـداحـسـةِ الـغـبـرائـيّـهْ؟
ثُـمَّ ألا تَـتَـمـرأى الـشـعـريّـةُ فـي مـرآةِ نـهـارِكْ؟
مـاذا لـو أنّ نَـعــيـقَـكَ غَــرَّدْ
وخـرابـاً مِـن حـولِـكَ ورّدْ
هـل تـقـتـربُ الـشـعـريّـةُ عـنـدَئـذٍ
أم تُـمْـسـي أبـعــد؟
الـشـعــريّـةُ
فـي الأصـلِ جـنـاحـانِ ومـنـقـارٌ مـنْـطـيـقْ
والـشاعــرُ طـيـرٌ بـالـفـطـرةْ
فَـمِـنَ الـرُخّ الأسـطـوريِّ، الـعـنـقـاءِ،
مُـروراً بـالـصـقـرِ، اللـقـلـقِ، نَـقّـارِ الخـشَـبِ، الـبِـلْـشـونِ، الـزرزورِ، الـكَـرَوانِ،
الـزاغِ، الـحَـجَـلِ، الـديـكِ، الـبَـطِّ ـ ـ إلـى آخِـرِهِ، حـتى الـبـطْـريـقْ
يـالَـمَـجـازِ الـطَـيَـرانِ
ويـالَـبـلاغـةِ عـيـنِ الـريـشِ الـوهْــمـيّـة في ذيـلِ الـطـاووسْ
أنَهـارٌ وقـصـيـدة!
تِـلـكَ إذنْ (شـعـريّـاتُ ضُـحـاهـا)
شـعــريّـاتُ الـلـيـلِ: سـكـوتٌ مِـن ذَهَــبٍ
شِـعـريّـاتُ ضُـحـاهـا مِـن فـضّـهْ
مـا تـكـتـبـهُ أنتَ الآن (مـقـابـلـةً مـعـنـا)
هـذي مِـن شـعـريّـاتُ ضحـاحـاهـا
مـا تـكتبهُ أنت الآنَ نـقـيـدَه
بـإهـابِ قـصيـده
لألاءُ الـشعــريّـة مِـن وَمَـضـاتِ الـبـاطـنِ:
الـسـرُّ، الـظِـلُّ، الـغـمّـازةُ، فـتْـحُ الـبـابِ مُـواربـَةً والـهـمْـسْ
لا جـدوى في الِـشِـعْــرِ مِـن الـشـمـسْ
الـشـعـريّـةُ لـيـس اللـمْـسْ
اللـمْـسُ قـلـيـلْ
الـشِـعْــريّـةُ تَـقـبـيـلْ
يا أسـتـاذي المُـتَـأمِّـلْ
يَـبـدو أنَّ الـشـعـريّـةَ مـاءُ دنـانِـكْ
وبِـه تَـتَـرَعْــرعُ
فـي الـربْـعِ الـخـالي مِـن روحِـكَ خـمـريّـاتُـكَ: تـلـكَ شـقـائـقُ نُـعــمـانِـكْ
إنّ الـشـعـريّـةَ مِـيـتـا فِـيـزيـقُــكَ فـي فـيـزيـقِــكْ
أو فـردوْسُـكَ فـي زَمَـكـانِـكْ
الـشـعـريّـةُ
أنْ تَـفْـركَ جَـوهَــرَتَـكْ
لِـتَـكـونَ الـسـاحِـرَ والـمـسـحـورْ
الـشـعـريّـةُ
لـيسـتْ مـيـمَ الأكـمـلْ
بَـل مـيـمُ الأجـمـلْ
الـشـعْــريّـةُ
ذكـرى الـمـسـتـقـبَـلْ
الـشـعـريّـةُ
لـيـسـتْ فـي تَـهـذيـبِـكَ حـنْـجَـرَتَـكْ
لِـتـصـيـرَ الـشـحـرورْ
الـشِـعـريّـةُ
أنْ تُـوقِـظَ مَـقـبَـرَتَـكْ
إذ تَـنـفـخُ فـي الـصـورْ
شـكـراً شـكـراً يا أسـتـاذي
وأخـيـراً
هَـلاّ
شَـعْـرِنْـتَ لـنـا فـلْـسَـفَـتَـكْ
أرِنـا زيَـتَـكَ حـيـنَ تُـضـيءُ بـه لُـغَـتَـكْ؟
مُـنْـغَــمِـسـاً في آيـةِ كُـرسِـيّـكَ آنـاءَ اللـيـلِ
وغـصـنُـكَ مَـعْـبَـدْ
الـشـعــريّـةُ
طـفـلٌ أبَـديٌّ
أبَـواهُ: مُـخـيّـلـةٌ وتَـصَـوُّفْ
الـشـعـريّـة
أنْ تَـغــرقَ فـي نـارِ الأسـبـابِ
فـلا تُـحْـرَقْ
الـشِـعـريّـةُ
ثـقْــبٌ أزرقْ
تَـبـتَـلِـعُ اللـيـلَ نـوايـاهْ
الـشـعْــريّـةُ وعْــدٌ
فـي أنَّ الـشـاعــرَ
قـد
يَـسـمـعُ صـوتَ الـلّـهْ
حوارٌ مدهش، فلطالما أحببتُ البوم وحِكمته.
تحياتي