حَائِكُ الكَلِمَاتْ
خالد أحمد النعيمي – الإمارات
عِنَّدَ الْبِــــــــدَايـــــــــــاتِ،
كَانَتِ الأَشّيَـــــــــــاءُ نَــــــــــائِمَةً
تحّتَ عبـــــــــاءةِ الزمـــــــــــــــانِ
وَالكَوّنُ فِكْرَةٌ تَــــــــــائِهَةٌ
في مُخَيِلَةِ الأَقّدارِ.
لَمْ تَكُّنْ الأَصْوَاتُ قَدْ وُجِدَتْ بَعّدُ
أذنٌ تَسّمَعُها،
وَلَمْ تَكُنْ الأَلَّــــــوانُ قَدِ رُسِمَتْ بَعّدُ
عَيّنٌ تَرَاهــــــا.
كــانَتِ الحَرَكَةُ هَمْسَةً مَخَّفِيّةً
مُعَلَّقَةً بَيّنَ غَيَاهِبِ البِدايــــــَـــاتِ.
نَظَرّتُ حَوّلي
وَجَدّتُ العَـــــالَمَ يُطّلِقُ زَفَرَاتُهُ الأُوّلى.
تِلّكَ اللَحّظَةُ
تَأَرّجَحَتْ عَلى حِبَــــــــــالِ الآمَالِ
فانبثقت مِنّها شَراراتُ الحَيّاةِ.
أَمّسَكّتُ بَالضّوْءِ بَيّنَ أَنَامِلي
كَطِفّلٍ يَلّهُو بِزَغَبِ الأَطّيَــــــــــــــــافِ.
كُنُّتُ أَوَلَ مَنْ سَـــــارَ
عَلى مَدارَاتِ الفَجَّرِ
قَبْلَ أَنْ تُعَــــــــــانِقُ الطُرُقَاتِ خُطــــــــــــاهـــــــا.
عِنَّدَهَا
كَانَتْ الأَمَانِيَ غَافِيةً،
مغلقةً في سُبَاتِها،
تِلّكَ الأَحَّلامُ تَنَّتَظِرُ
شُرُوقَ الوَعّيِ لِإيِّقَـــــــــــاظِهــــــــــا،
كُنُتُ هُنَــــــــــاكَ،
عِنّدَ الفَجَّرِ الأَوّلِ،
أَعُدُّ النُجُــــــــــومَ قَبَّلَ أَنّ
تُوُلَدُ في سَماهـــــــــــــا.
تَمَـــــــــــايَلّتُ مَعَ الرَيـــــــــحِ
سَمِعِّتُ سِرَّها وَنَجَّواها،
كُنُّتُ صَوَّتُ الهَمَّسِ
وَعَيَّنُ العَــــــــــاصِفَةِ الجَبــــــَّـــــــــاره.
وهَـــــــــــكَـذا، بِلا مُبَــــــالاةٍ،
كَـــانَتِ الأَزَّمِنَةُ تُحَـــاكُ حَوَّلي،
كَأَنَّنَي قَلَّبُ الكَوّنِ
تَتَلاقَى فِـــيــها الأَبَدِيَةُ
تَحَّتَ نَظَـــــرَاتِيَ الثَـــــــــاقِبَه.
أُغّمِضُ عَيَّني
فَتَتَشَّكَلُ عَوَالِمَ خَفِّيَةٍ
خَلَّفَ جِفُـــــــونِيَ المُغَّـلَقَه.
أَزَّرَعُ في أَرَّضِ الخَيــــــــــالِ
قُصُــــوراً
أُحِيـــــطُها بِحَدَائِقَ مِنْ أَزَّهَـــــــــــارِ.
هُنَاكَ، حِينَ لا يَحُدُني مَكَانٌ
أَبَّني جُسُورًا مِنْ أفكـــــــــــــــارِ
وَأَعَّبُرَ فَوَّقَ خُيُــوطَ الأَضواءِ.
(٢)
أُرَّسِلُ رَســــــــائِلَ مُشَفَرَةً
في قَواريــــرَ أَمَلٍ
لَعَلَهـــــا تُلّــَقــــى عَلى شَوَاطِيء بِحَـــــــــــاري.
تَرَّوي قِصِصَ غُرَبَــــــــاءٍ عَبَروا
بِلا وُجُوهٍ أَوْ أَسَّمـــــــــــــاءِ.
كَلِمَاتي تَنَّمُو بِصَمْتٍ،
تَحَّتَ غِطــــــاءِ النِسَّيــــــــــانِ.
تَشُقُ طَريقَها نَحَّو
ضَوَّءِ النَهــــــــــــــــارِ.
أُرَاقِبُها تَبَّنى جُسُورُها
وَتَنَّسُجُ مِنَ الأفّكــــارِ حِكَـــــايـــــــاها.
هـَـــــــكَذا، اَسَّتَمِرُ ،
أَبَّحَثُ في أَعَّمَــــــــــاقِهــــــا،
أَسَّتَكْشِفُ أُبَّعَادُهــــــــــا،
أُعَانِقُ نِهايَاتُهـــــــــــــــــا.
أَنَا البَحَّـــــارُ، الخَريــــــطَةُ، والسَفِينَةُ
أَجُوبُ الفَضـــــاءُ الرَحَّبُ
حــــــــــامِلاً أَشَّعــــــــــــــــــــاري.
(٣)
أَفَّتَحُ الأَبَّوابُ المُغَّلَقَةَ
وَأُطِلُ عَلى عَوالِمَ تَتَنَفَّسُ
تَحَّتَ المَــــــــاءِ،
كَأَنَّها أَنَّهـَــــــارٌ تَتَلاقَى
في لَوَّحَةٍ وَاحِدَةٍ،
أَرَّتَشِفُ مِنَّها الحِكَّمَةَ
وَأَغَّرُفُ مِنَّهـــا رَحِيــــــــقُ أَزَّهـــــــــــــاري.
هُنــــــاكَ،
أَقِفُ عَلى حَــــــافَةِ الكَلِماتِ
أَتَأَمَّلُ الهُوَةَ
بَيَّنَ اللُغَةَ وَالمَعَّنـــــى.
في تِلَّكَ الفَجَّوَةُ
يُولَدُ الشِعَّرُ،
كَفَراشَةٍ تَخَّرُجُ مِنْ رِدائـِـــــــي.
أُسَــــــافِرُ بَيَّنَ السُطـــــورِ
أَتَّرُكُ خَلَّفَهــــــــــا
آَثَـــــارُ أَقَّدامـــــــــــــي.
أَكْتُبُ، أَحِيــــــكُ،
كُلُ حَرَّفٍ يَحَّمِلُ دَاخِلَهُ
نـــَـــــــاري وَمـــــَــــائي،
يَحَّيـَـــــــا وَيَمُـــــــــوتُ،
يُنْبِتُ وَيَزُولُ،
عِنَّدَ مُفَّتَرِقِ
النــــورِ والظَــــــلامِ.
أنا، أنا
خَلَقَّتُ الشِعَّرَ،
لِكَيْ يَكُونَ نَبْضي،
لِيَحَّيــــــــا وَيَمـُـــوتُ بَيّنَ لَهَّفــــــاتي،
لِيَكُونَ عَهَّدي وَمَرايــــا أَنَّفَـــــــاسي.
أنا، أنا
الشَـــــاعِرُ، وَالكَــــــوّوونُ ، وَالقَصيــــدَةُ الأَبَديّــــــــــــــةُ