المسرح دون الممثل .. عين التحريف

جدل - تكاملية المسرح

0 360

حاتم التليلي محمودي – تونس

لقد سبق لي أن عبّرت في أكثر من موضع عن مجزرة مفهومية تجد اشتغالها في الحقل المسرحي. وأنا أستعمل لفظة المجزرة كاستعارة للتعبير عن العنف القائم أمام فوضى المفاهيم والمصطلحات، أعتقد أنه يجب كنس تلك الادعاءات القائلة بالمسرح دون حضور جسد الممثل، إن جوهر هذا الفنّ هو الدم/ القربان والممثل هنا والآن هو البديل المتعالي عن ذلك القربان، وأن نتحدث عن مسرح دونه فذلك عين التحريف، لا بل عين الخطأ، ولا بل عين الجهل.

في المقابل لا أعتقد أنه يتعيّن علينا فعلا الايمان بنهاية النص المسرحي المكتوب فهو الاستشكال الفكري الأول للعمل قبل أن يصبح فرجة جاهزة، لقد فهمنا هذه المسألة على نحو ميكانيكي والحال أنه كان يجب علينا التفاعل مع النص المكتوب بالشطب والاضافة والتغيير وفق ما يتلاءم ودراماتورجيا العرض، أو كان يجب علينا تغيير مصائر الكلمات كما اتجه إلى ذلك المسرحي أنتوان أرتو. إن التخلي النهائي عن النص هو وضع فريق العمل والعرض برمته موضع فراغ فكري وفلسفي حيث تتمّ عملية تصيير المعنى إلى عدم.

على النحو نفسه، إن فكرة تقديم العروض في المحيط الأقيانوسي للأنترنات ما هي إلا مسكنات يجدها المسرحيون كمتنفس حين يضيق بهم الوجود في المدن التي يسكنوها نتيجة الحروب أو الأوبئة أو انعدام فضاءات واقعية للعروض، وهكذا يصبح الفعل المسرحي جامدا باردا مثل الجثّة على عكس حرارته المنبثقة من اللقاء الحيّ مع جمهوره.

ثمّ ما معنى أن نتحدث عن مبدأ تكاملية عناصر المسرح؟ يمكن أن نقصد هنا عناصر العرض المسرحي، وهذا من الأبجديات طبعا، ثمة دائما عملية لحم بين عناصره على نحو تنشدّ فيه البنية الدراماتورجية برمتها ويتضح نسقه الايقاعي، وثمة أيضا علاقة تواصلية مع جمهوره من خلالها نتحدث عن نجاح العرض من عدمه سواء كان مقصده التطهير أو غيره، أما فيما يخص التجريب ! وهذا وحده اشكال بعينه، إذ لا معنى له خارج اكتمال التجربة، لأنه يأتي دائما بغاية التجديد، ويأتي دائما بغاية الهدم وطرح البدائل، فلنحقق تجربة مسرحية أصيلة فعلا وبعدها فلنطرح هذا المفهوم ونسعى إلى تشغيله.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.