مفتاح العمّاري- ليبيا*
(1)
لست سوى غياب يتأبط كنز رماد،
سوى أفق يرتدي نفقاً ..
أنا روح النار .
(2)
أتبع وسواس يقيني، فأراني قامة شكّ .
أتبع ما يصهر معرفتي ويذيب سؤالي …
ما يتحقّق بي /
ما يأسرني ويأخذ فمي: شطح جداول من نور
ومسافة وجد،
هذه التفاحة شهقة متن
وبريد فتنة .
(3)
أتبع فراغاً أملؤه نثر شوارع غفلته الأنساب،
نثر غرف …….
تقترف الأوتار عزف مخابئها ..
نثر نساء ومنازل شغف،
لعبت بشهوتها كؤوس السمّار
وذابت في سرد مفاتنها الأقمار .
(4)
أتبع الـ هناك من هنا
كل رمل هناك يتوحّد هنا
كل ريح تخدش بابي
أو غيمة تكذب في سمائي هناك
وسادتي هنا
هنا أرق لليل هناك
أصابعي تقتفي خرائط صوتها
وهنا، كل الذي هنا ……..
طوافي هناك:
رياح تتشرّد في لغتي .
هنا شتاء وحيد يوقظ صيفا هناك .
هناك …. أسماء صور تتمزّق هنا …
وكل ذخيرة فيض هناك
تعلن قتلي هنا .
أنا هناك، لأني هنا.
(5)
أتبع ما يجعلني
محض طريد لا يتعب،
الباهرة …..
وهي تمجّد سواد كموني
وتفضحني لأبدو أبلغ غموضاً
أتبع ما يوحدني حين أتعدّد،
ينفيني خارج براءة وحشي الغافل،
يبكيني منتشياً بميراث رحيلي .
أتبع حجبي
مزهوا بمآثر ظلّي .
(6)
ما من شيء تملكه فرشاتي المنبوذة
سوى تكسير الألوان
فغدت معجزتي ضوءاً يصحو خارج
خديعة منازلها
ماذا اصنع …..
ظلامي بصيرة برهاني
جسدي في برلين
وخيالي معتقلا في (باب بن غشير)
أتبع حدسي .
(7)
في برلين سلخت الليل أكابد فزعي، خشية
أن يغزو هتلر غرفة أحلامي
أن يستقبل نثري زوّارا من نسل الموتى.
عقارب صحرائي هناك
تلدغ لغتي هنا.
لم اجنِ من هذي الحرب سوى عكاز
وثلاثة أورام تتبختر وخيال مهجور
لكن ما لم أفهمه حتى كتابة هذا النثر ….
لأي شيء ظلّ اسمي يبتسم ؟
……
(8)
معرفتي تمحوني …..
لا أثر يهرّبني .
(9)
لست سوى نوم يتشتت،
وتيه يتناسل،
تجمعني بذرة خوف،
غير ملتفت لعابرة خرقاء حين غنمت ذهبي
خسرت حكمة معرفتي.
لست سوى سديم يتململ ..
الماء بعض صفاتي.
صور سراب ..
تتعدد عناصر سفري فيتعذر غزوي.
(10)
لست سوى نفير الرائي
وأنا أغادر البشوش بعين راسخة
تقتحم الداخل بعناد الأعمى،
ولهفة السبع العليل إلى الصيد،
وسأم المنبوذ الذي
لا أحد إلاّ هو.
- مواليد ١٩٥٦ بنغازي عضو رابطة الأدباء والكتاب الليبيين.
- متحصل على جائزة الفاتح التشجيعية.
- من الأصوات الشعرية الليبية المتميزة عربيا …وهو صاحب تجربة أدبية غنية حيث يكتب إضافة الى الشعر المقالات النقدية والقصص القصيرة بإسلوب ولغة صوفية جعلته من أهم القامات الأدبية المعاصرة مغاربيا.
- صدر له عدد من المجموعات الشعرية منها: (قيامة الرمل/ كتاب المقامات/ رجل بأسره يمشي وحيدا/ ديك الجن الطرابلسي/ جنازة باذخة)