23 نيسان/ أبريل

2 1٬716

علي وهبي – لبنان

23 نيسان/ أبريل، مِن كلِّ عام، منذ 1995، هو اليوم العالميّ للكتاب وحقوق المؤلّف.

كتابٌ أصليُّ الكافِ، فلا هي حرفُ جرٍّ، أو أداةُ تشبيهٍ، أو حرفٌ زائدٌ لِرَجُلٍ تابَ عن ماضيه وحاضرهِ؛ وما تابَ الكتابُ عن أوراقِهِ الَّتِي ما زالَ وفيًّا لها.

الكِتابُ أوّلُ أضلاعِ القلبِ وآخرها، وهو “ليس روايةً بختامها يتزوّجُ الأبطالُ” (نزار قباني) الكِتابُ خمرةٌ، القراءةُ النّشوةُ

الكِتابُ أرخميدس القَراءةُ “وجدتُها”

الكِتابُ سائلٌ أزرقُ / أسودُ لزجٌ يبدو لعينِ قارئِهِ دمًّا ضخَّهُ الأبهرُ…

الكِتابُ قلبٌ ورقيٌّ يجعلُهُ المؤلّفُ الجادُّ على هيئةِ قلبِهِ، فإذا سُمِعَ نبضُهُ، لاذَ الجهلُ بالخجلِ.

الكِتابُ سِلكُ معانٍ ضوئيٌّ ممتدٌّ بين مكتبات العالمِ. الكِتابُ وشوشةُ شوقٍ، همسةُ محبٍّ، صرخةُ نصرٍ، نداءُ تعاونٍ، وابتهالُ قارئٍ…

الكِتابُ طودٌ عظيمٌ، وإنّني أمامه طفلٌ

الكِتابُ وترٌ، والقارئ آلةٌ موسيقيّةٌ لذا ترى هذا ربابةً، وذاك عُودًا أو قيثارةً…

الكِتابُ قصبٌ، نحاسٌ، والقارئُ نايٌّ، مزمارٌ، بوقٌ…

الكتابُ دواءٌ مرُّ المذاقِ، ربّما عند أوّلِ جرعةٍ، ومع تتابعها يحلو ويحلو

الكتابُ بساطُ ريحٍ، مهلاً! لا تتربّع فوقه، بل غُصْ قِراءةً يرفعْكَ، يَطرْ بكَ وكأنّكَ جمعتَ علاء الدين والسندباد في جسدٍ واحدٍ.

الكتابُ مجهرٌ، انظرْ عبر عدستيه بعينيّ العقلِ والقلبِ لمعرفةٍ، لا كذب ولا رياء ولا مكر فيها.

الكِتابُ قافلةُ أفكارٍ، باقةُ مشاعرَ، طفلٌ ورقيٌّ، شجونٌ معتّقةٌ، ورقٌ منحوتٌ، ماءٌ منقّى، وسحرٌ صادقٌ… و”إنَّ مِن البيانِ لسحرًا”

الكتابُ نداءٌ، وكلُّ قارئٍ يأخذُهُ برغبةٍ، بشوقٍ، بتوقٍ، وبقوّةٍ لبّى نداءه.

الكتابُ عينُ مؤلِّفٍ، إنسانٍ، سالَ دمعُهُا قبل حبره، وقد يكتبُ بالحبرين معًا فاقرأْ برأفةٍ بحكمةٍ.

الكتابُ تعبُ كاتبٍ ذاقَ الصّبابةَ كمغرمٍ، الكتابُ ذاكرةُ كُتبٍ، وخلاصةُ قراءاتٍ، وبصيرةُ القلبِ والعقل.

الكتابُ نهايةٌ غيرُ أخيرةٍ لألفِ بدايةٍ مِن القراءة.

الكِتابُ حواسٌ، جوارحٌ، وعيناي المتعبتانِ مِن بيتٍ إلى بيتٍ؛ مِن معنًى إلى معنًى. يا حادي القراءةِ، رفقًا بهما، متكئتين على دمعتين…

النّظّاراتُ خدعةٌ طبِّيّةٌ، تكبّرُ الحرفَ ولا تُوضحُ المعنى.

لن تجدَ الوطنَ مصادفةً بين زقاقين، على بسطةِ بائعِ كُتبٍ يتمنّى لو كانَ متجوّلاً. هو ليس طيَّ الكتبِ، أمّا أنتَ فربّما لو تابعتَ القراءة!

مسدّسي ورقيٌّ يُصيبني بلفظتين متفجّرتين، أتظاهرُ بالموتِ،

أتوسّدُ كتابًا كلَّ يومين، كلَّ أسبوعين، كي أتنفَّسَ، ويتساقطَ منّي تعبي ولا تتبلّلُ الأرضُ ولا خدّاي…

حواسي كتابٌ، ولا أجيدُ ترجمةَ الحواسِ. ألهثُ قبيل الصّفحةِ الأخيرة، هل لي ألّا أقرأَها؟

أنتقلُ إلى الكتابِ التّالي، الآتي، والقادم، وأغفو بانتظارهِ كقهوةٍ بردتْ.

قد يعجبك ايضا
2 تعليقات
  1. لينا شباني يقول

    علي…
    أذهلني السحر في تعابيرك, وتمنيتُني حرفاً في كتابٍ ليصلني قبس من ألق أبجديتك التي رسمتَ بها الكتاب… كلَ كتاب.

  2. علي وهبي يقول

    شكرًا شكرًا، أسعدني تعليقكِ أستاذة لينا، وأرجو أن أكون عند حُسنِ ظنّكِ عن كل كتابة وقراءة
    دمتِ بخير وسلام

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.