الــــحُـــلْـــــــم

0 304

مجدي بن عيسى – تونس

1

رَحُبَتْ

أشْرِعَتُ الحُلْمِ 

فَأغْوَتْنَا

أَكُنَّا

نَذَرُ الأرْضَ لَهَا؟

2

أَوَلَمْ تَجْرِ 

مِيَاهُ الحُلْمِ فِي صَحْرَائِنَا؟

أوَلَمْ نُثْنِ

عَلَى الأمْسِ السَخِيّْ؟

فَلِمَ الحَاضِرُ يَرْتَجُّ بِنَا؟

وَلِمَ عَهْدٌ

قَطَعْنَاهُ مَعَ أحْلافِنَا

يُنْتَقَضُ؟

مَكَرَ الوَقْتُ بِنَا

وَاسْتَعْذَبَتْنَا الطُرُقُ.

3

كَانَتْ الأحْلامُ رَتْقًا

فَفَتَقْنَاهَا

وَأنْبَتْنَا الشَجَرْ

فِي أعَالِيهَا

وَعَلَّمْنَا الفُصُولَ

حِكْمَةَ الشَمْسِ

وَعَادَاتَ المَطَرْ.

4

خَرَجَ الحَاضِرُ مِنْ أضْدَادِهِ

لَمْ يَكُنْ سِلْمًا

لِنَسْتَقْوِي

عَلَى الأحْلافِ أوْ حَرْبًا

فَنَسْتَعْدِي عَلَيْهِ.

كَانَ حُلْمًا

فَتَبِعْنَاهُ

وَأثْنَيْنَا عَلَى أمْسٍ سَخِيّْ.

5

لَوْ رَقِيمٌ دَلَّنَا

لَتَبِعْنَاهُ

لَوْ انْزَاحَ السِتَارُ

لَرَأيْنَا

حُجَّةَ الشَمْسِ

وَلَوْ أنَّا احْتَسَبْنَا.

6

دَرَجُ الغَيْمِ لِسَانٌ

يَقْرَاُ الرِيحَ التِي تَعْبُرُهُ

حَدَسٌ يُفْضِي إلى النِسْيَانِ، ذِكْرَى

وَلُغَاتٌ جَمَّةٌ تَحْتَشِدُ.

حَاضِرٌ هَذَا 

أَمْ المَاضِي الذِي يَخْرُجُ مِنْ مِرْآتِنَا

وَيُؤَاوِينَا وَيَدْخُلُ فِي أحْلامِنَا؟

مَنْ يُسَوِّي 

زَمَنَ الحُلْمِ بِلَيْلِ اليَقَظَةْ،

مَنْ يُؤَاخِي ضِدَّهُ،

مَنْ يُسَمِّي

جَسَدَ المَوْتِ حَيَاةً خَلِقَةْ

سَيُسَمِّي غَدَنَا

وَيُسَمِّي حَاضِرًا

أمْسَنَا الغَائِمَ فِي مِرْآتِنَا المُنْكَسِرَةْ.

7

مَا الذِي يَكْبُرُ فِي الصَمْتِ؟ بَدَاوَاتٌ

تَجُوبُ الأرْضَ ، مَوْتَى

يَتَدَاعَوْنَ مِنَ الذِكْرَى،

شُعُوبٌ

تَتَلاحَى،

أبْجَدِيَّاتٌ تَرِثُّ.

مَا الذِي يَكْبُرُ فِي الصَمْتِ؟ غَدٌ

يَرِفُو ثِيَابَ الأمْسِ، وُعَّاظٌ

وَأفَّاكُونَ، غَيْبٌ

يُلْيِسُ الشَاهِدَ مِنْ أثْوَابِهِ.

……………………………

إنَّهُ حِلْفٌ مِنَ الأضْدَادِ، وَقْتٌ قَلَّبٌ

يَمْضِي بِنَا نُكْسًا

إلى زَمَنٍ فَتِيْ.

شَاخَتْ الآلِهَةُ الأمُّ فَنَسْلٌ

يَرِثُ الأرْضَ التِي 

أوْلَمَهَا السِلْمُ

لِدُولارٍ نَبِيّْ.

8

قَدْ عَرَفْنَا

كَرَّةَ الأحْقَابِ، لَمْ يَأتِ بِنَا الأمِسُ

وَعُلِّمْنَا

مِنَ التَأْوِيلِ مَا يَكْفِي

لِنَعْرِفَ

أنَّ مَا يَأْتَلِقُ الآنَ كَنَجْمٍ 

يَأْفَلُ.

رَغِبَ الغَيْبُ 

عَنْ السِرِّ، فَمَكْشُوفٌ

قَضَاءُ النَاسِ، مَنْهُوبٌ

وَعَارٍ مِنْ أمَانِيهِمْ.  

إبْرَةُ الوَقْتِ

تَشُدُّ الأمْسَ لِلحَاضِرِ، مِنْ وَخْزَتِهَا

يَسْتَيْقِظُ اللاهُوتُ والعُنْفُ المُقَدَّسُ،

يَنْهَضُ الحُلْمُ القَدِيمُ المُوحِشُ.

كَذِبَ المَوْتَى 

أرَاجِيفٌ رُؤَاهُمْ

هَذِهِ أزْمِنَةٌ شَتَّى

وَعَصْرٌ وَاحِدٌ

إنَّهُ الحَاضِرُ والقَادِمُ وَالمُنْصَرِمُ.

9

سَأسَمِّي حَاضِرًا

بَذَخَ القَتْلِ وَنَارَ الفِتَنِ.

سَأُسَمِّيهِ غَدٌا يَخْبُو

وَأُسَمِّيهِ انْكِسَارَ الحُلُمِ.

تَتَنَادَى الكَلِمَاتُ:

مَنْ يُسَمِّي

ألَقَ الحَاضِرِ؟ مَنْ

يُقْرِضُهُ مَعْنَاهُ كَيْ

يَخْرُجَ مِنْ إعْجَامِهِ؟

تَتَنَادَى الكَلِمَاتُ:

أيُّهَا المَعْنَى الذِي يُعْجِزُنَا

لَسْتَ آيًا

فِي كِتَابِ الوَقْتِ كَيْ تُزْرِي

بِمَجْدِ الكَلِمَاتِ.

10

أزِفَ الوَعْدُ الذِي

عَاهَدَنَا الوَقْتُ عَلَيْهِ.

هَا غَدٌ

يُفْشِي أمَانِينَا وَيَذْرُوهَا

وَهَا أنَّا نَرَى

غَدَنَا المَدْفُوعَ لِلْعُزْلَةِ يَقْفُو

أثَرَ الأمْسِ الذِي

شَرَّدَنَا الحُلْمُ إليْهِ.

11

هُزَّنَا

يَا وَقْتُ مِنْ أعْطَافِنَا

هُزَّ غَيْمَ اليَأْسِ 

كَيْ تَصْحُو سَمَانَا

وَارْمِ صَحْرَاءَ الحَنِينِ

بِالغَدِ الفَظِّ

وَبِالحَاضِرِ

وَانْهَبِ

حَجَجَ الأمْسِ العَيِيِّ.

12

عَبَرَ المَاضِي

وَلَمْ نُدْرِكْ

غَدَ الأسْلافِ.

قَدْ مَرَّ النَهَارُ

وَاسْتَطَالَ اللَيْلُ. لَمْ نُبْصِرْ

غَدًا

فِي آخِرِ الدَرْبِ الذِي

يُفْضِي إلَى الأيَامِ

لَكِنَّا رَأيْنَا

أنْجُمًا تَنْكَدِرُ

وَقُرًى تَخْبُو

وَمَجْدًا يَأفُلُ.

13

لِغَدٍ يَقْرَاُ أسْلافَ المَكَانِ

لِنَهَارٍ أعْزَلٍ

لِرُؤَى الشَاعِرِ

وَالأخْيِلَةِ المُمْتَنِعَةْ،

يَكْتُبُ المَاضِي

وَصَايَاهُ

وَيُمْلِيهَا:

حِكْمَةٌ

مَنْذُورَةٌ لِلْمَحْوِ

مَا يَكْتُبُهُ اللَيْلُ

وَمَا يَتْلُو النَهَارُ.

لا تُحَاجِجْ

زَمَنًا مَرَّ.

أَنَا النُسْغُ الذِي يَحْيَا

وَ أنْتَ الشَجَرَةْ.

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.