تسابيح في نهار
حامد عبدالصمد البصري – العراق
حظ معطّر
سمعتُ كلماتها الأخيرة
– سأخطو خطوة للمستقبل –
قبل أن تغادر المكان
كان بإمكاني
تأخيرها بعض الوقت
لكنّي لم أفعل لأنّها تملك رجفة الوداع
وقبل قليل، قد قالتْ لي:
– دعني على مسرح الشوق
فالنوافذ لم تزل عذراء –
ثمّ رحلتْ
ولأنّها الوحيدة التي جفّفتْ آلامي
ولأنّها بالأمس، كانت تقول لي:
ما خفقتْ شفتاي لغير اسمك
إن غبتَ أغيب عن الدنيا-
هكذا هي… هي حقّاً
كانت (…..) قصيدة فاتنة
تنطق بصدق العاطفة والشعور،
وجمال التعبير، والأشواق
تحمل زادا لقلبي
وللأرواح المحلّقة مع النجوم ..!
كيف أستطيع أن أطوف
بين بحور كلماتها،
وهي حافلة بالكنوز…..؟
والدرر الكامنة، والصفاء الجنوبيّ الحالم تنبض بالحس الحضاري الرائق الذي سبق زمانه …!
مسيرة طويلة ،
لم تصدأ طرائقها ،
عقل اكتمل بالرقة
والنوادر والطرائف ، والفكاهة المثقفة،
قصيدة باطار لوحات سردية،
شعرية متدفقة عذبة
بإيقاعات جنوبية، خصيبية تماما،
ذات وقع في نفسي
النفس التي تبحث في أيّام هاربة،
وبين جبال الشوق،
وبين حلم جديد قديم
وفي مواكب الجمل الاعتراضية
عن هامش من حزن مسرور…!
لا ينفق الدمع في درب الوداع ….!
أشواق
في تلك الليلة
على الرغم من ثقتها المطلقة بنفسها
تبعثرت أفكارها
خفتتْ أضواء حركتها
بادلتْ نفسها الحوار
– هل تنامين …؟
-لا.. لن أنام …!
بقيتْ تصارع اليقظة
ساهرة، قلقة.. متلهفة
ترتدي ثياب الحنين
جلستْ على كرسيها الوحيد
راحت تكتب في دفترها:
” انتظرتك طويلاً
أياماً.. وأياما
فرشتُ روحي
لك وروداً.. وبساطاً من سندس
كنتُ أظنّ
أنّك اسطورة رائعة.. تنطلق الكواكب أمامها
وأنّك أجمل ما رأيت.. في أفق الوجود
وأجمل ما سمعت…كأنّك عطور تغنّي ..!
لكنّك قد ترحّلتَ وحدك
وفي صدري لك ألف عتاب.. وعتاب
فالمحبّة الحق
لا يحطّمها البعد..
ولا العمل…
ها هو قلبي
ينبض بالاشتياق
ينادي عليك
لعلك تسمع
وتردّ على ندائي
لكي أبتهج بصوتك
أو بمقدمك…”
تركتْ قلمها يستريح
وهو يحتفظ بحفنة من الأسرار
رفعتْ رأسها
تتأمل سقف غرفتها
……………..
أطرقتْ
ثمّ توجّهت ْ
إلى سريرها
وهي تردد في نفسها
بآهات وحسرات:
ممتنة لوجودك معي
الذي أزهر بالمعاناة
على أجنحة الغيم
وفضّة النجوم
آه يا أيّها الشاعر
تبقى أيام العمر
تتهادى
همسة مجروحة
خيوطاً من الذكريات
خيطاً أخضر..
خيطاً أزرق……خيطاً أسود….
خيطا بلون الوهم……!
لقاء
كنتُ وحدي
على سطح البيت
نائماً فوق السرير
أتأمل السماوات
وأعدّ النجوم
فجأة سمعتُ
صوت نجمة
وأنا يطوقني الصمت
قالتْ:
كن زلازل …وبراكين،
وأرجوحة الأمل البعيد القريب
يا أيّها الشاعر،
وشلالات عواصف
ولاحقْ النجمات السابحة في طيبها –
– معذرة يا نجمتي
لا لن أكون
سوى شاعر..
يهيم في فضاء الأفق
ويستقيم دائما
كنخلة، من نخيل أبي الخصيب
وفي فمي ألف ابتهال-
ثمّ التفتُ نحوها..
والأشواق في صدري ملوّنة كالحلم
لكنّي لم أجدها..
لم أجد بنفسجية الشال
آه …. أوووووووف
قد غابتْ..!
كلمات صادقة
ألتفتَ عليَّ
وأنا أقلّب خاطري، في التذكارات القديمة
قال لي:
المرض والعافية
صديقان مختلفان
يلتقيان
في مكان واحد
جسدي
– اللهم أبعد عنّا المرض –
أو.. جسدك، يا صديقي الأصيل
لن أتحدّث أكثر…
فلا أريد لفمي
أنْ يكون ثرثرة
أتمنى لك، ولي، وللجميع
طمأنينة البقاء …!
شعرتُ كأنَّ صاحبي نهر من الحنين
كلّ شيء به يتدفّق…!
قال لي:
أتمنى لك وقتاً ممتعاً، خلف ألوان الغروب
قال لي: ……………..
………………….
فجأة
وهو يهمّ بمغادرة المكان
قد سقط أمامي
بلا حركة …بلا أنّات..
آه …آه
أنّ الرجل قد مات ….!