اكتشاف الحياة في رواية (احتضان)! للأديبة الأيرلندية كلير كيجن
خالد ماضي – مصر
في مطلع العام الجديد 2022 م أتحفتنا دار الكرمة للنشر (القاهرة ـــ مصر) برواية من القطع المتوسط 106 صفحة للأديبة كلير كيجن المولودة في أيرلندا 1968 .
ما يجذب في رواية ” احتضان ” أن القارئ يكتشف الحياة من خلال أعين ومشاعر طفلة تفتقد للحنان في بيتها، حيث يرسلها أهلها لأسرة من أقارب أمها، لتعيش معهما فترة من الزمن. تحظي خلالها الصغيرة بالاهتمام والحنان، فتدرك الفرق بين عيشها فى بيت أبيها الذي كان قاسيا عليها وأمها التي أصبحت تنتظر مولودا آخر بعد أخيها الصغير وشقيقتيها.
لكن ليس هذا كل شيء، فحينما نتقدم في قراءة نوفيلا احتضان للأديبة الكبيرة كلير كيجن والتي حازت بها جائزة ديفي برنز التذكارية؛ نكتشف أن الأسرة المستضيفة لبيتال بطلة الرواية، مات طفلها الوحيد غرقا في خزان مياه حينما جرى وراء الكلب، هنا مأساة إنسانية وفقد، جعل هذه الأسرة المكلومة فى ابنها تعوضه في حنانها على الطفلة بيتال، التي بدورها تفتقد هذا الحنان في بيت والديها. كأن الحياة تماما مفتقدة للكمال الوجودي، بل يكمن في جوهرها النقص.
إن هذه الرواية رغم قصرها إلا أنها تحفة إنسانية رائعة. علاوة على متعة القراءة الأدبية والعقلية، وكم المشاعر الإنسانية التي بها. إنك ترى عزيزي القارئ وتتعرف على جمال وحلاوة المعيشة بالريف الأيرلندي الذي أحسست معه أنا شخصيا بقربه من الريف المصري واستخدمت الكاتبة مفردات الريف من وصف للطبيعة الخلابة من خلال الطفلة الراوية البطلة وكذلك اكتشاف عالم الكبار، وما يشوبه من كذب ونفاق ومشاعر قاسية أو رحيمة. أيضا لمّست الرواية على السياسة كالسوق الأوربية المشتركة والإضرابات. كذلك مشاكل الزراعة ومعوقاتها في الريف وعاداته الأيرلندية الاجتماعية، كالتعاضد والتعاون بين سكانه خاصة في الموت والحداد.
برع المترجم أنور الشامي في ترجمته هذه الرواية البديعة، فاللغة أسلوبها شيق جذاب ممتع. رغم أن الرواية إيقاعها هادئ، وحبكتها قد يتبين لغير المتمرسين في القراءة الأدبية بسيطة لكنها تحمل معاني ومثل إنسانية رائعة، وإني أراها من الروايات التي يمكن أن تدرس لأبنائنا العرب في المرحلة الثانوية أو الجامعية كنوع من الانفتاح على الأدب العالمي.
يذكر أن للأديبة كلير كيجن ثلاث مجموعات قصصية وتنشر قصصها القصيرة في كبرى المجلات مثل مجلة جرانتا، وذا باريس رفيو. حازت المؤلفة على جائزة وليام تريفور وجائزة رونى للأدب الأيرلندي. كذلك المؤلفة من بين أدباء المعرض الدائم لمتحف الأدب في أيرلندا الذي يحتفي بالمؤلفين الأيرلنديين الكبار من القرنين العشرين والحادي والعشرين. كما نالت كلير كيجن شهرة عالمية في تدريس الكتابة الإبداعية.