ذكرياتي مع البيّاتي بعبق أبي الخصيب
حامد عبدالصمد البصري – العراق
1- إضاءة
لأجدّد عامَاً قديماً.. وعاماً.. وعامَا….!اً
وأسافرُ مع الغيم والنور!
أسندتُ وجهي إلى حدائق الوجوه
فتفجّر الصمت أطيافاً وخيالات، فترفّقتْ بي الذكريات
وتركتْ من العشب شيئا يغطي يدي، يخفق بتراتيل البقاء
2- يقظة
في يقظات الروح عيناي.. تتطلعان خلف نافذة فضاء مفتوح
فأرى قلبي محاطا، بوميض حلم، ينساب على شواطئ الذاكرة
ومنحدرات جغرافية النسيان، لكنني لا أمسك به،
إلاّ بانتظار من ردهات الصمت؛ وهي تفرش بطاقات الحظ
بين تباطؤ.. إيقاع العمر.. وبين خبز راحتي
أمام ازدحام خيوط الحياة، وتشابك الظلال …!
3- ظلال
عشتُ طفولة طيبة وشباباً غنياً بالبراءة، وفي كلا المرحلتين، كانت تركض بي نحو الكتاب رغبةٌ شديدة ملحة أتاحت لي في زمن غير قصير أن ألتقي بالبياتي شاعراً وإنساناً على الصفحات، وهو يسعى، لكشف دلالات العالم، من اجل تغييره!
4- اعتراف
لا أدري على وجه اليقين متى بدأ تأثير عبد الوهاب البياتي على مسيرتي الأدبـية، فقد كان أخي عبد المعبود أول من فتح لي باب الدخول إلى عالم البياتي في نهاية الخمسينات. فكان أخي علامة إسناد، وهو في حقيقته، عين المبتدأ الذي جعلني، أجمع اللؤلؤ المتساقط، من سفر الأيام وأمضي في أرض، لا حدود لها، تسمّى أرض الشعر..!
5- رائحة جديدة
عصفت رياح المحبة، فانحنى قلبي…
وارتجفتْ في داخلي الأشياء.. لكنني توسّدتُ بعضي
تريّثتُ قليلاً.. نظرتُ للمدى بدهشة…!
– لا تندهشْ..
– إني أعانق هموماً ليست للبيع..! قلّبتُ روحي..
والتفكير يملأ جوانب نفسي ـ وسمعتُ.. رنين هاتف القلب..
وأنا أزحف، في صحراء واسعة، من الشعر.. والنثر.. والبكاء…
– تأملْ.. وانتظر..
– لن أنتظر.. فالطفولة لغة.. وإشارات… والسيدة الجنوبية.. قصيدة جميلة
– ارحلْ.. إلى البياتي، مثلما يرحل السحاب.. باتجاه السماء..
– حسنا.. إني راحل..!
– قد تتعثر بأذيال الليل..
– القمر في السماء.. والبياتي قريب
– أتكتبُ شيئاً جديداً.. لم يجده الناس في الكتب…؟
– ربّما وأنا أنبش بعض الأحلام، وأفتح للحلم النوافذ..
– ماذا تقول..؟
– لم يكن البياتي، ولن يكون.. في فسيح النسيان
فهو يحمل- كلمات لا تموت –
ولا نزاع في سعة افقه، المغنّي – للذي يأتي ولا يأتي-
وقد توهجتْ فيه –عشرون قصيدة من برلين-
مملكة جديدة للحب وخارطة لعالم ينضح.. حنانا.. وسلاماً
فالبياتي قد أبحر – حقا- في زورق عصره
حتى أبدع- المجد للأطفال والزيتون.. –
ابتلعتُ ريقي.. !..وبهدوء قلتُ:
– أتسمعني..؟…….لم يجبني أحد..
6- مشاهدة
عاد صوت الذكريات..
وأشار لي بيده..
– ارحلْ مع الأيام.. باتجاه السنين
لترحل السنون.. باتجاه اختفاء الصمت..
سأرحل… ولن احبس الدموع في حلقي..!
ورحلتُ.. فرأيتك يا عبد الوهاب.. وردة حب.. ونهر حياة..!
يفيض.. يفيض بلسان نقي..
ورأيتك.. تتأمل مسارح افكارك..
وبين يديك – أباريق ليست مهشمة-
وبين حين وآخر، كنت تمسح العرق المتصبب، فوق جبهتك الساخنة جدّا، ثم تخطو خطوة، خط…و..ة..خط..وات… وتخترق الابعاد
فتدخل في ( بستان عائشة).. وبهدوء تضع البذور
بذور الحب على التراب بعد أن باركتها كفك..
لتكون هذه البذور، الآمال لاستقبال فجر جديد، يرتفع عاليا.. عاليا
7- رحيل
– لماذا ترحل أيها البصري….؟
– معذرة.. لقد ضاقت نفسي بالفوضى.. فغادرتُ،
لأعيش في يوم ذي أوراق طرية ناعمة.. لأنسج أفراحي بها..
وارسم لوحات على جدران الزمن.. لرجل رحل عنّا
ولمّا يرحل، لأنفضَ عن روحي غبار التبعثر والرتابة
على الرغم من إنني اعترف بصدق أن اليوم، قد يكون ثميناً..
– لماذا يكون الرحيل الى عالم البياتي؟
– وفاء لما عاهدتُ عليه البياتي العزيز..
في جعل كل لقيا بيني وبينه ذاكرة، تفتح نوافذها
لذلك سأفتح باعتزاز بالغ، هذه النوافذ..!
نافذة للتواصل، نافذة لاستمرارية المحبة..
نافذة للتذكر……والتوثيق و.. للذكريات نوافذ، ونوافذ…!
– شكرا لقد اتسعت الشاشة…….
التفتُ وقد دارت نفسي على نفسها..!
فاستيقظتْ احاسيسي.. بعد أن نعمتْ بالهدوء…
ونالت قسطاً من المنبع الثرّ!
8- لقاء
مضيتُ اعبر جسور الزمان.. وفي كل بقعة أحطّ فيها رحالي
اصممُ مع سبق الاصرار.. أن اعثر عليك.. يا أبا علي.. واتجهتُ إليك
فرايتُك في كلّ الجـهات، وعلـى جبينك الـعريض ابتسامة كالحنطة..!
نظـرتُ الـيك.. بلهـفـة شوق عـارمـة……!
كانت عيونك تحدّق إلى خفايا الوجود، وتقرأ الأسرار في الشكل والمضمون
فقد كانت تجربتك قد نضجت …وتحققتْ.. بشكل اقرب للكمال..!
انحني اجلالاً.. لك، ولقصائدك لأنّها إضاءة إلى أركان الحياة كلّها
9-معاناة
أنت عالم واسع الاطراف، لم تنفصل عن الاخرين، ولم تنسلخ عنهم
كانت ترتجف تحت أقدامك الليالي…. والنهار يولد من جديد
فيك ادخار.. واضاءات.. وإفاضة لحياة..
النسمات الشاردة.. تأخذ قطرات اشعارك، تبعثها إلى القمر..
ليرسل إلى الأرض اللآلئ الفضية العذبة……!
10- عالم فسيح
ما أزال اقـرأ اشعارك…والـهواء مـثقـل بالـكلام
فتباغتني العصافير، في كلّ وقت.. تبوح بأسرارها
وتـكّحـل وجـودي بـ (كـتـاب الـبـحر) فأرى تماماً
كيف ساقتكَ التجارب الروحية والمادية التي عانيتها كثيرا..
إلـى.. اصقـاع الـنـور.. والخـلود……..!
11- إباء
كنت يا عبد الوهاب، تستلهم الحكمة من منفاك، ومن غربتك..
كنـت تدرك أن اليأس أجـوف، فعـلى الرغم من الالآم.. والمأساة
كنت تضحـك في إشراق.. وتتأمّل في قوة، كلّ شيء، حتى مشاعرك
فيك مـروءة.. محـبّة جليلة.. واثـراء يقـيـن، وقلبك كان كبيراً
حتى في حمى الاحزان، يرتقي سلّم المجد بفخر، واباء
12-مشهد 4/4/1972
وضعتُ قدمي على رصيف الباخرة.. امسك سعدي يوسف بيدي.. وقال لي:
– ستـرى شلالاً من الضـوء.. في هـذه الباخـرة..
– مَن…؟
– لا تستعجل ستقرأ كتاباً ممتعاً.. تقرأ فيه الأيام المتّشحة بالصدق بالإنسانية، وبالشعر
ابتلّ بالعرق جسمي، من الخجل.. وسعدي يشير بيده..
– ذاك هو البياتي.. كان ظهره الينا، ووجهه إلى الشطّ…..
اقتربنا منه.. قال سعدي:
– هذا شاعر شاب.. مليء بعافية الشعر.. والطيبة
مددتُ يدي بحياء أصافح البياتي.. وقد تجلى بأنبل خصائصه وأبعاده المقدسة للإنسان
-أهلا وسهلا… كيف حالك..؟
– بخير والحمد لله.. أنا أسأل عنك وبودّي أن أراك
لأنك قد بذرتَ أيامك وأعوامك.. ليس لحسابك الخاص..
وانما تنازلتَ عنه إلى الاخرين..
ابتسم البياتي.. وقال:
– لأبعثَ الطمأنينة.. والسلام إلى العالم كلّه.. ثم قال:
– من أين أنت..؟
– أنا ابن البصرة من أبي الخصيب من قرية وادعة.. ملاصقة لقرية سعدي….
ضحك البياتي.. ضحكة تشعّ بالصدق والتفاؤل.. وكانت الشمس تسير باتجاهنا..
وكأنها تتعاطف معنا.. لتجعل هذا اليوم أكثر إشراقاً وجمالاً.. ولتحفره في أساس الذاكرة
13-مدارات
– كنّا في صباح يوم 23|12|1978 نتجول في طرقات عتيقة. ونحاول أن نشعر بأن ثياب الدنيا نظيفة ومغسولة، قال لي بصوت هادئ.. وقد ارتسمتْ على وجهه ابتسامة، بياتية..!
– أنت طيب إلى ابعد الحدود.. ولكن طيبـتك تتحصّن.. بالوعي، والشعر.. والحياء.. كان قرص الـشمس الكبـير.. يـطـلّ من وراء تـلال الغيوم.. فيصبغ نهايات البنايات.. ورؤوس النخيل.. بلون ذهبي.. متضرج بالحياء البصري…!
قلت له:
– أي منّا سيمدّ يده لوجـه الشـمس..؟
– أنـت ففيها حياء كبير.. يـشبه حياءك…
ضحكتُ.. وقلت له: لقد لمحت عينيك مفتوحتين، حتى أقصاهما
وكأنك تريد ان.. تقطف خيوط الشمس..
استدار.. فواجهني.. وقد بدا.. كأنه أنعم بالسعادة…!
– البصرة، هي شمسنا في هذا اليوم، فقد توهجت اطرافها..
وتلونت ثيابها.. وها هي شامخة بأنفها..!
– ألم تكن البصرة أنثى..؟
– أجمل أنثى.. في العالم…!
– صحيح.. ولهذا يعشقها الشعراء، انها سيدة جميلة…!
– هي جالسة أمامنا مباشرة، وعلينا أيها البصري
أن نمسك بها، وننهمك في قراءتها …!
– ماذا تقول يا أبا علي….؟
– صدقني.. وفكّـر قليلاً.. كي تتساقط الأفكار..
وتكون القصيدة.. تشق صدر الكون.. وتلبس قميص الآفاق..!
– أنت – حقا- رفضت سكونية التقليد السائدة في الشعر
فخرجت مجددا، معلما.. بانيا.. ورائدا للشعر الحديث..
إنك بثثت الحياة في الشعر.. وبثثت الشعر في الحياة..
بعد أن أثقلته عصور الجمود.. وماتزال يا أبا علي
تقرّب الشعر للشعر.. وتصون البذور.. وتحمل سراج المحبة المضيء للإنسانية
– كلامك صحيح.. ويذكرني بدراسة الدكتور إحسان عباس عني….
ثمّ واصلنا رحلتنا.. في شوارع المدينة.. حتى وصلنا..
الى الكورنيش.. المسكون بالشط، وقفنا حين رأينا الشط..
قد فتح لنا رئة الصدق.. وقال لنا: هذا تمثال السياب..
نظر البياتي للتمثال.. متأملا.. ومتألماً. حبس أنفاسه. ثم.. قال:
– بقي التمثال هادئا.. كغابة أسرار…وكان السياب هادئا..
ومن الإنصاف أن نذكر.. انه كان مسكينا، مريضا.. عليلا..
وكانت أشعاره تبكي عليه.. والمهم.. اننا قد وصلنا اليه..
والوصول إلى تمثاله.. بعض وفائنا للشاعر…!…
صمت قليلا.. ثم قال: لقد حاولت أن التفت إلى الوراء..
الا.. إنني لم أشعر بقوة كافية لأفعل ذلك..!
ألقينا على التمثال نظرات ونظرات.. حتى دق قلبي سريعا..
فقلتُ للبياتي.. وأنا اضطرب..:
لنغادر.. فالذكريات قد فاضت عيناها،
وقد رأيتها تخرج منديلاً من حقيبتها.. وتجفف دموعها..
– إنها قطرات الحزن المعتّق وعلى إيقاع خطوات سفر الفقر.. سمعته يقول:
-السياب يرقد الآن في قبر صغير، أصغر من مائدة افطاره..
وحيدا.. هامداً.. وربما تحول إلى ذرّات غبار تسفيها الرياح…!
– أرجوك دعه يلتقط أنفاسه.. واتركه فقد عضّه الدهر..
وبدأنا نجر خطواتنا على ارضية الكورنيش..
– لو بقينا أكثر لأحسست بأن عليّ.. أن اتكلم.. ولكنك حسناً فعلت..
حين قلت لي.. لنغادر.. قبل أن يغوص قلبي بين جنبي..
فجأة.. ونحن نمشي ببطء.. صادفنا المحامي عبد الخالق المظفر..
فأتجه نحونا بسرعة، وعانق البياتي بحميمية، وهو يقول:
-أشعر بسعادة كبيرة.. وأنا أراك يا أبا علي، إنها مصادفة جميلة
والتفت إليّ وصافحني.. وأوضح لي: لقد تعرفت على أبي علي
في القاهرة.. في فترة الستينات.. قاطعه البياتي، وهو يبتسم.. ويقول:
كان طبّاخا ماهراً لمرق الباميا، وكنت ضيفه الدائم في هذه الوجبة
ضحكنا جميعا، ثم مضينا نتأمل شط العرب.. ونلصق أمواج الشط الندية بزجاج نفوسنا…!
وبودنا أن نملأ الدنيا محبة.. شعرا.. وابداعاً..
لنفتح في الحياة مسالك ومسالك.. فالشعراء دائما
يجودون بأنفسهم عن طيب خاطر …
14- مشهد مساء يوم 23-12-1978
وقفَ جمهور البصرة في قاعة المركز الثقافي لجامعة البصرة احتراماً لك، وأنت تدخل القاعة بطلعتك البهية واستتب الناس في مقاعدهم، قدّمك الدكتور زاهد العزي تقديما جميلا وطريفا. فهو يعرفك من زمن بعيد، وكتب رسالته عنك لنيل شهادة الماجستير – القضايا الإنسانية في شعر البياتي.
كنت على المنصة تتحدث عن الظروف التـــي مهدت للشعر الحديث فــي الأربعينات، والخمسينات حيث إن ظهوره في تلك المرحلة. وتبلوره عبر قيم وأبعاد جديدة، ارتبط بشكل جدلي بحركة الإنسان التحررية وكنت في حديثك تطير فوق العالم الكبير.
في سفينة مثقلة بالعاج والورود…. تحمل للإنسان …قلبك هدية …
وتشع في مرافئ الوجود، أيها النجم النبيل ما أزال أراك ..!
– أأنت في حلم..؟
– ربما..!
– لماذا…؟
– الحلم يجعل العالم مستمرا.. والحياة متفائلة، ومتواصلة …
– وبعد..؟
– في نهاية الامسية. فتحتَ ذراعيك تحاول احتضان الجمهور
وانت تستمع إلى الأسئلة
وتردّ عليها، ورأسك مملوء، بالأحلام الوردية …
– شكرا يا حامد …! شكرا لوفائك …وطيبتك
طيبتي من الطيبين أمثالك
15- مشهد الأخضر بن يوسف
سألتك مرة، في شهر حزيران من العام 199… عن سعدي يوسف.. فقلت:
شاعر أكلته الخمرة.. وبقي عظامًا.. ولكنه يبقى شاعرا جميلاً.. الاّ.. انه للأسف..
يصافح حتى عدوه…!
أهكذا.. يا ابا علي..؟
– أنا اعرف أنك قادر على تصنيف الشعراء إلى درجات.
ولكنك في هذه المرة.. نسجت كلاماً.. ارتعش قلبي منه…!
ضحك.. وقال.. سلامتك.. وأنا أدري، أنك معجب بسعدي البعيد عن سمائه الأولى…!
شكرا.. يا أبا علي.. ستبقى شاعرا.. انساناً.. تحتفظ بهدوء اعصابك.. وستبقى نبيلا..
حتى في أحلك الساعات خطرا.. لأنك لم تكن في جو مغمور راكد..
ولم تك في فراغ.. وحين تفقد الأشياء حقائقها.. تبقى أنت الحقيقة الناصعة
سنقلب كف أشعارك.. نعبر جسر الصمت.. ونتجول معك في دروب الايام..
16-شفقة
قلت لي مرة. بعد أن عرضت عليك قصيدتي – نون والقلم..:
– أنك مهموم يا بصري.. وبـحاجة إلـى جو بـهيج.. والى علبة بيرة-!
قلّبتُ كفي.. رفعتُ رأسي قليلا.. وتركـّز بصري عليـك..
وأحسستُ أني غير الـذي قـلـتَ..
– الآن.. وأنـت هـنـا يـا أبـا عـلـي..
العـبـيـر يحملني بـيديـن حانيـتـين.
ويرقـص بـي.. على الحان أنغام علوية شفيفة
فابتسمت.. وشددت على يدي.. ثم عـدتَ تقرأ قصيدتي بنظرات فاحـصـة..
حتى قلت لي: انشرها في مجلة الثقافة، مجلة الدكتور صلاح خالص
-شكرا ..سأرسلها
17- مشهد المعرض
همسات شفاه.. خفقات قلوب. دنيا من اللوحات والصور
عقد البياتي كفيه وراء ظهره.. وانشأ.. يحدّق برعشة واتقاد الى لوحة للفنان موريس حداد..
تراجع قليلاً.. وقال:
-إننا عندما.. نكون قد أدركنا مدينة المستقبل يكون الزمن قد تجاوزها..
أو نكون، نحن، قد تجاوزناها ..!
-أنت بحق تحبّ التجاوز، وتنجز أعمالك بمروءة
-أوغل البعد فينا، والمسافات الشاسعة.. وضعت ألف جدار
– اللوحات خطاب.. وطقس من طقوس المحبة..
– اصغِ لحديثها..
– امتلأ قلبي بالعواطف الكبيرة.. واندفعتْ روحي الى تأملات غنية..
– للفن قدرة على إثارة الأسئلة..!
– ولذلك أنت تواجه واقعية الحياة.. بفهمك الخاص..
– شعري صوت عاصف…!
– كلما قرأت اشعارك.. أحس بضجة في رأسي.. ضجة لا تهدأ..
جميلة ولها عطر.. ونكهة..!
ضحك البياتي.. وقال:
– بعد أقل من عشرة أيام.. سيكون العمر ،قد ..عبر.. بنا إلى ضفة عام جديد
– من كفيلنا.. لنعبر إلى ضفة 1-1-1979 ..؟
18-خاتمة
أيها القمر اليقظان.. يا ذا الجبين اللؤلؤي.. أيها الزاخر بالعواطف الإنسانية، شعرك ساعدنا على أن نحب.. انه يهز أرواحنا فهو دليل متعة أبقى، وجمال اسمى.. شعر يرفض استكانة النفس.. لأنك كنت تشعر بجوهر الأشياء لا بعددها.. ولا بإحصاء اشكالها.. والوانها… أيها الطائر على بساط من زهر …!
لقد بقيتَ حاضرا.. موفور العافية.. قريبا بسيطا.. طيب القلب.. حلو الروح.. على الرغم من رحيلك.. ويحق لك أن تغتر اغتراراً بهيجاً..
ايها الغائب الحاضر.. بقيتَ طريقنا إلى المدينة الفاضلة..
وباسمك تتسع الآفاق وتتهادى أغصان المحبة اليقظة بثمارها..
وظلالها.. ستبقى.. ونبقى أوفياء، لك.. للشعر وللإنسان.