هل يكذب كاتب الرواية؟

0 877

جمانة السيهاتي -السعودية

يقول ماركيز أن الحقيقة أفضل شكل أدبي. وتقول آن لاموت أن الكاتب يبحث عن الحقيقة، ويروي الأكاذيب في كل خطوة على الطريق إليها. وتقول بثينة العيسى أن الحقيقة في العمل الفني شيء يستحيل القبض عليه، فهي الشيء الذي نحاول بلوغه بسرد الأكاذيب، وهي أيضًا، ما نراه ونشعر به أثناء سردنا لتلك الأكاذيب.

عندما أكتب رواية، فأنا أبرم اتفاقية مع القارئ، سأكذب، وستدفع مالاً مقابل كذبي، ولكنني في واقع الأمر لا أكذب. أنا أوارب؛ أضع الحقيقة ضمنيًا في أكاذيب شتى. أنا ألاعب القارئ لعبة ذهنية؛ ألبس الحقيقة أفكارًا من أفكاري، ليقرأها القارئ بأفكاره!

الحقيقة هي الغاية، والكتابة هي الوسيلة. أو بمعنى أدق الخيالُ هو الوسيلة.

في واقع الأمر، الخيال مصطلح فضفاض جدًا، فمهمة الكاتب هي توظيف الخيال لأجل الحقيقة.. وأعتقد أننا من هنا نستطيع القول أن الحقيقة نسبية جدًا، لا شيء فيها ثابتٌ على وجه اليقين. لا شر مطلق، ولا خير مطلق؛ ولا حتى حيادية. قد تكون الحقيقة التي تراها إنما محض وهم!

في بنية الرواية، تقوم الأعمدة السردية على الحقيقة، أي حقيقة يخشى الكاتب التفوه بها بشكلٍ علني، ستجدها مختبئة في إحدى رواياته. لم تكن الرواية محض كذبةً أبدًا. الأدب على وجه العموم، والرواية على وجه الخصوص لها القدرة على تهذيب العالم، والتقليل من وطأة التوحش فيه. الرواية بناء قائم على الحقيقة، حتى وإن سُردت الأكاذيب في متنها.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.