ثلاثة أحلام لألكسندر كابيشيف

0 472

قصة: ألكسندر كابيشيف- روسيا

ترجمة: سعاد خليل- ليبيا

عندما نظرت حولي، لم أجد أي حياة، فقط شمسا حارة تسطع بلا رحمة، رمالا تحيط بي من كل مكان، رياحا خفيفة تلقي بحبات الرمال على وجهي لتخدشه بهدوء، وتجبرني على أن أدير ظهري.. صحراء.. البيئة تبدو واضحة… جبال بعيدة، سماء زرقاء، شجيرات صغيرة. العديد من المباني شبه المهجورة التي تبدو وكأنها مزرعة أو مستودع..  ليست بعيدة عني.. مبانٍ أخرى رمادية صامتة دون حياة… تبدو كهيكل عظمي لحياة الإنسان الماضية في هذه الصحراء.

ولكن.. هناك أشكال بشرية تتحرك في اتجاهي. كما ألاحظ عدة شاحنات عسكرية وحافلة متوقفة بجانب تلك المباني.

ولكن من هؤلاء؟ ثلاثة أو أربعة؟ أحاول أن افهم بينما أنظر إلى الصحراء. وأنا غارق في ضوء النهار الساطع.. إنهم ليسوا أربعة.. ولكن لماذا يأتون ويتقدمون باتجاهي؟! ترى، هل هذا جيد أم سيء؟!

عليّ أن أستدير وأهرب. منذ وجودي والوضع غير واضح.. يبدو المكان عدائيا وليس مطمئنا، ولكن لماذا لا يزالون هناك؟ يجب أن أتصرف بسرعة.

وقبل أن أنتهي من تفكيري.. اقتربوا مني وبدأ أطولهم يتحدث..

-أليكس.. ها أنت! لقد فقدناك..

-هل أعرفك، سألته..

سنحت لي لحظة لإلقاء نظرة عليهم عن قرب.. أحدهم طويل بشارب.. شعره أشقر.. ولا يوجد شي في مظهره، كأنه رجل بدون ملامح..

-ها.. أنت جوكر! لنذهب بسرعة، لا يوجد وقت لتضييعه. هيا قبل أن يظهروا..

-أين؟ ومن؟ وإلى أين؟

-أليكس..تعال. دعنا نذهب..

هكذا تكلم الأشقر والمسدس بيده.. ثم استداروا وسارعوا عائدين إلى السيارات..

أما أنا فبقيت جامدا لمدة ثانية.

هل ستاتي؟ سألني الرجل الطويل، وهو يستدير ناحيتي. أجبته بنعم، ولا أدري لماذا تبعتهم..

الآن، تمكنت من رؤية المباني بشكل أوضح. إنها عبارة عن مجموعة معمارية تشبه مزرعة كبيرة مهجورة. تتكون من عدة منازل من طابق واحد، وبرج مياه، وطواحين هواء، وحظيرة حديدية، وسياج شبه منهار يحيطها.

بتعبير أوضح إنها مدينة أشباح.. هكذا هي بالضبط.. وأيضا مزرعة أشباح..

أما في المنطقة المجاورة للمنازل، كما أشرت سابقا توجد شاحنات عسكرية، وحافلتان للركاب. ويوجد أيضا العديد من الأشخاص الذين يتجولون، ومنهم من يقف حول هذه الشاحنات. على ما يبدو كانوا جميعهم ينتظرونني.

صرخ أحدهم : ها هو..!  أخيرا….

عندما اقتربت منهم وتوقفت، أردت أن أقول: مرحبا..

سألتني امرأة في منتصف العمر..:”ما هي اخبارك؟ هل استكشفت المكان هناك؟”

أجبتها وأنا مرتبك: “هناك؟ جيد..” ولكن يبدو أن إجابتي لم تعجبها، ثم أمسكني الرجل الطويل من سترتي. -لاحظت لأول مرة أنني أرتدي سترة سوداء من الجلد-  وسحبني إلى الشاحنة. ثم ذهب الرجل الطويل إلى إحدى الشاحنات، وقفز على لوحة الركض، فأصبح أكثر طولا وبدأ يتكلم:

كلكم.. الجميع.. نحن نسير حسب الخطة…فترة راحة.. تفقدوا جميع الغرف.. كل الزوايا التي ننتظرها، الطريق طويلة.. كل شيء يمكن أن يكون مفيدا..

وبمجرد أن أنهى كلامه، بدأ الجميع يتفرقون باتجاه المباني.. مرت فتاه قصيرة بجانبي، كانت تدفعني بقوة لدرجة أنني كدت أسقط.

نظرت حولي، رأيت عشرات الأشخاص يندفعون حول المباني.. المباني المهجورة وكأنهم نمل الغابة.

في هذه الاثناء، نزل الرجل الطويل من قاعدته المؤقتة (المنصة)، وقال لي وهو يقترب مني:

-علينا فحص الإمدادات.. هناك متفجرات في مكان ما

سألته : متفجرات؟…

-نعم نحتاجها..

-ولكن لماذا؟؟

قاطعني  قائلا: إنها ضرورية يا أليكس….

لم أجادله، أو أطرح سؤالا آخر. تبعت الفتاة الصغيرة.

قال ذو الشارب الطويل “انتظر! هذا لك”. ، كان يمسك بشارة طويلة تبدو كالبندقية شكلها غير مريح، على الأصح تبدو مثل مدفعية لوغر الحديدية.

-كنت احتفظ بها جانبا من أجلك..

-قلت :أوه! هذا لطيف.. ثم وتوقفت

لم أحب هؤلاء الغرباء رغم أنهم كانوا ودودين معي، وعاملوني بشكل طبيعي. لم أحبهم، ولا أريد أن أمزح معهم.

وللحظة ما زلت لا أعرف ماذا يجري.

أخذت البندقية، ودخلت إلى إحدى الغرف المكونة من طابق واحد، وأنا أتبع تلك الفتاة الصغيرة. لم أعرف عمرها بالتحديد.

الشمس في الأعلى مازالت تسطع بدون رحمة، كل شيء يبدو عديم اللون، ولكن داخل هذه المنازل، يبدو كل شيء مختلفا. كل الأشياء أخذت شكلا ولونا مختلفا.

انحسرت الحرارة، تاركة مساحة للهواء الجاف والثقيل. ولكن ها نحن نمر بالغرف الفوضوية، واحدة تلو الأخرى. هنا. هناك. بعض أثاث قديم: صناديق فارغة، وبعض الخرق، وأغرب شيء وجدته القمامة؛ فهي بلا شكل ؛ صعب جدا ان أعرف مما تتكون. تشبه كثيرا بعض المواد الفردية.

ظللنا نبحث ونحفر في هذه الغرف لأكثر من نصف ساعة. كنت متعبا للغاية، فجلست لأستريح على كرسي مجردا من الغطاء. الغريب في الأمر، أنه لا أحد منهم يشعر بالتعب. كانوا جميعا مستمرين ويواصلون العمل بكل نشاط. في الأدراج والخزائن وأكوام أخرى من الأشياء والقمامة. خلال هذه الفترة كنا، وبالأحرى هم، غير محظوظين في البحث.

وجدنا عدة علب حديدية من الأطعمة المعلبة، وزجاجات من الكحول، وعلبة من الخراطيش. وفجأة، سمعنا همهمة مريبة تأتي من بعيد بتردد منخفض؛ مما جعل الجميع يتجمد للحظة.

أما أنا فقفزت متسائلا: ما هذا؟

همس أحدهم : لقد وصلوا،.

صرخ أحدهم من الشارع “أركب السيارة بسرعة. أوقف هذا.”.

ردد صوت آخر. “لا.. أنا هنا..”

انطلقت الطلقات الأولى. تلاها المزيد من الصراخ.

“الجميع.. الجميع. إلى المنزل..” بقينا واقفين لعدة لحظات.

جاء الرجل الطويل، وهو يركض عبر الباب ملطخا بالدماء، يحمل رشاشا ويصرخ: اهربوا! كلكم..

وفي لحظة كانوا جميعا بالشارع. أما أنا فلم يكن لدي وقت لأفهم أو أعرف ماذا يحدث؛ ولذلك بقيت خلف الجميع.

بدأ يحثني على الركض “أسرع يا أليكس..” ، ركضت إلى الخارج ولم أكن أصدق ما أرى بالمزرعة، كانت هناك بضع مئات من الزومبي يركضون، بعضهم هربوا وهم على قيد الحياة. والبعض الاخر أطلق عليه الرصاص عند سياج سلكي خفيف.

“أليكس.. دعنا نهرب” بدأ الرجل الطويل في إطلاق النار وهو بجانبي. أخرجت اللوجر التي معي وبدأت في إطلاق النار. كان اثنان من الزومبي يركضون خلف الرجل الطويل. استدرت وأطلقت عليهم النار بضربات قليلة. ولكن صوته أوقفني من جديد:

كان يصرخ من مكان ما “متفجرات.. متفجرات..” ، ومن تحت حشد الموتى أدرت رأسي لأنظر إليه، ولكنني سقطت أرضا. قفز أحدهم على صدري، في البداية شعرت بألم حاد في ذراعي، ثم في ساقي، ثم شعرت بصدي فارغا في كل أنحاء جسدي.

آه، آه، صرخت من الألم بينما أشعر أنني أتقطع إلى أجزاء.

حلم..

********

استيقظت.. أكان حلما أم لا؟؟ عليّ أن أنظر من حولي.

السقف. الجدران. خزانة الملابس. الطاولة. السرير. نعم أنا في المنزل.

لقد كان مجرد حلم.

ولكنه يبدو مثل اللعبة، لا يبدو أنه حلم، كأنه شيء واقعي.

كم الساعة الآن؟  لا يزال الظلام حالكا. إنها 2 و13 دقيقة. يا للقرف. لا يزال الليل طويلا.

عليّ النوم. يا له من حلم غريب. ما زلت أتذكره. لا يهم. لن يحدث مرة أخرى. يمكنني نسيانه.

الصحراء مرة أخرى. تبدو مألوفة تماما.. بالضبط.. نفس الصحراء التي كانت بالحلم. هل أنا نائم الآن؟ هل هذا حلم؟ أم لا.. إذن هم مرة أخرى. نفس الأشخاص يقتربون مني من جهة المزرعة، لكنهم أصبحوا ثلاثة، وليسوا أربعة. لا وجود للرجل ذي الشوارب، لكن الشقراء أتت والطويلة. والرابعة.

بدا كل شيء يحدث مرة أخرى كالأفلام تماما.

“أليكس.. اذهب للبحث بسرعة”. رغم أنني هذه المرة كنت أكثر صمتا وتائها في أفكاري. ولكن ماذا حدث؟؟ ليحدث لي هذا الأمر مرة اخري، في غضون دقائق قليلة سيكون هناك المزيد من أكلة لحوم البشر الميتة. والآن. أنا بحاجة إلى مسدس أكبر.

اقتربت من الشاحنة ومعي بندقيةM4 ، ومخزن مزدوج في المؤخرة الفارغة، ووضعت العتاد على حزامي، ثم أخذت البندقية بعناية ونظرت حولي، لم يكن أحد ينظر إليّ، ولا يوجد أحد بالجوار وضعتها على كتفي وعدت إلى الكوخ. الغريب في الأمر أن لا أحد من المجموعة يبدو مرتبكا أو منزعجا؛ لأنني أخذت المسدس دون أن أسال، وبدون ملاحظة لأي شخص فكل من مر أو وقف بجانبي كان مشغولا بأعماله الخاصة.

دخلت، “وماذا بعد؟؟ عليك أن تتخذ موقعا مريحا للدفاع عن نفسك”. حملت بعض الصناديق الفارغة إلى جهة النافذة وغطيت ظهري بسرير مقلوب. ربما عليّ أن أحذر الآخرين بطريقة ما، ولكن ماذا أقول لهم. بدأ الزومبي في الظهور من جوانب مختلفة. أخذت الرشاش وفتحت النار. تطور الوضع بسرعة، ولكن هذه المرة وبنجاح أكثر من المرة السابقة. ربحت الوقت لأصدقائي؛ حتى تمكنوا من الفرار ومن إطلاق النار أيضا، لكن كل الطلقات كانت ضائعة.

بعد أن أطلقت النار من كل الخراطيش نهضت ونظرت حولي. لم يكن هناك أحد ورائي. لقد ذهبوا جميعا. هربوا جميعا أو اختبئوا. توجهت إلى المخرج والبندقية بيدي. ما زال يسمع صخب وضجيج في الخارج، لكني لست متأكدا مما كان يحدث. خرجت. رأيت الكثير من الموتى.

ماذا يجري؟ لم يكن الأمر واضحا. كان أحدهم يطلق النار من الجانب الآخر للمزرعة. كنت غاضبا ومنزعجا. كان يجب عليّ أن أحذر الجميع.. لماذا لم أفعل؟

بدأت أشعر أن نظري يغيب  عن الأرض التي أمامي، وأحسست بشيء ما تحت قدمي، أنه رشاش خفيف بحزام ذخيرة طويل.. أمسكته وبدأت في إطلاق النار.. كان ثقيلا جدا.. واستمر الارتداد في القذف من جانب إلى آخر، ولكن فاعلية إطلاق النار كانت قوية لا تصدق. لقد سحقت عدة مجموعات من الزومبي الذين ركضوا نحوي؛ وبهذا منحت وقتا لرفاقي لاستعادة الوعي وإيقاظي. وفي أقل من دقيقة، لم يبق أي أحد بالمزرعة.

المجموعات الغريبة، تغرق في برك من الدماء، وجثثها بارزة بشكل واضح.

ومن خلف الزومبي الذي لم ينقرض بعد، رأيت ذلك الطويل.

قال، “إليكس.. عليك ان تذهب”، ولكنه لم ينتهِ من كلامه حتى سقط ميتا، وهو يشير إلى خيمة مغطاة بالقماش تحتها عدة صناديق لفتت انتباهي. إنها المتفجرات، ثم عاد الطنين مرة أخرى وكأنه ينزل من التلال. استدرت، ونظرت إلى أقرب شخص لي. كان الغبار يتصاعد ببطء. ترى من أين يأتي هذا الطنين؟ لم انتظر الإجابة طويلا.. خرج الآلاف من الزومبي، بل عشرات الآلاف. وتسابقوا نحو المزرعة، وكأنهم تسونامي الموت.

افعلوا أي شيء!

صرخت فيّ الشقراء وأنا متجه إلى الشاحنة.. “اخرجْ من هنا!”

“وماذا عن المتفجرات؟”

سألتني مستغربة. “ماذا تقول؟”  “لا يوجد وقت.. تقدم.” توقفتُ واستدرتُ مقتنعا ومندهشا..

لقد غيرتْ فكرتي. وركضتْ أمامي.. ركضت وقفزت إلى الشاحنة. وبدأت بتشغيلها.. وأطلقت الغاز.. كنت أنا ومقاتل آخر مرتدين الزي العسكري والقناع الغازي، بالكاد كان يمكننا النظر إلى مؤخرة الشاحنة، اسقطت الرشاش من يدي. والبقية فعلت مثلنا أيضا. كل الذين ما زالوا على قيد الحياة ركضوا بسرعة إلى السيارات، بينما كانت المزرعة مخفية من قبل حشود الزومبي المتقدمين الذين يركضون بشكل عنيف وأخرق في نفس الوقت.

جلست في الخلف فوق بعض الخزانات الحديدية. نظرت إلى النار والماء. هذا البحر المقرف ومثير للاشمئزاز بسبب الجثث المحتشدة. ركضت مجموعة من هذه المخلوقات التي لم تمت بعد. ركضت تحت عجلات الشاحنة، وارتدت، ثم تدحرجت مبتعدة إلى الجوانب.

أما أنا فقد ارتفعت إلى أعلى وانقلبت في الهواء كجسد مجهول، وارتطمت رأسي بالإطار الحديدي لسقف الخيمة. أظلمت عيناي، ودقت أذني من الألم، وشعرت بضربة أخرى، هذه المرة كانت أكثر هدوءً، ولكن ليست أقل إيلاما، توقفت أخيرا….

كانت عيناي مظلمتين، لم أستطع رؤية أي شيء. كان جسدي كله يتألم، وثمة شيء دافئ يغلفني. والضجيج يعلو من حولي. ما زلت لا أفهم ما يحدث؟ سمعت صوتا عشوائيا عالي النبرة: وكأنه من أحد الناجين كصوت امرأة عالي النبرة من مكان بعيد. “متفرجات..”

ثم ساد الصمت. استيقظت بسرعة.

استيقظت! تكرر اندهاشي مرة أخرى. كيف حدث هذا؟ كم الساعة الآن؟ نظرت حولي، غرفتي، كل شيء على ما يرام. لا يوجد شيء من الفوضى، أو أي أثر أو إثارة من التي كانت برأسي منذ لحظات. سألت نفسي مرة أخرى: كم الساعة الآن؟ أجابتني الساعة بصمت أرقامها المجانية “إنها 4 و13”. كنت نائما نوما عميقا، ولكن ما زال هناك وقت للنوم. رغم أنه يصعب علي أن أغفو بعد الذي حصل. أوه.. لأجرب.

لم أر الشقراء هناك. بل تلك الطويلة فقط ، والأخرى الغريبة، وهناك عدد أقل بكثير من الأشخاص في الخلف، ومع ذلك كنت أعرف ما سيحدث تماما كما كنت أعرف مكان الديناميت. وبكل ثقة، تقدمت للاجتماع بدون أي تكليف؛ وبالتحديد، لأبدأ البحث في هذا الحلم.

.” صاح الرئيس بمرح. “يعجبني أسلوبك أليكس, ذهب إلى العمل.”

لبست نظارتي الشمسية، وما زلت لا أدري من أين يأتون؟ ثم أخرجت المتفجرات من جيبي بعد أن نفذ صبري مما يحدث. وأخيرا وجدت الشجاعة لأسال: لماذا نحتاج للمتفجرات؟

“هل تمزح؟ اذهب وامسح الكتل التي في الوادي للعبور. هل نسيت؟” شرح لي، وهو يبتسم.

أجبته بمرح وثقة “الآن كل شيء واضح”. ، ثم تركته في حالة من القلق والحيرة. ذهبت إلى خيمة القماش، ومن تحتها كما كنت أعرف جيدا توجد صناديق المتفجرات.

قلت: “ها هي المتفجرات.”

ابتهج الرجل الذي بدون ملامح وقال: “رائع انت يا اليكس. أنت سوبر, علينا تحميلها وشحنها بسرعة. سيكونون هنا قريبا “. التفت أنا باتجاه الطويل.

-هل انت متأكد؟

-صدقني.. ثق بي..

-هيا سنقوم بسرعة بشحن كل شيء.

وأخذت الصناديق وذهبت إلى الشاحنة، ركض الكثير من الأشخاص لمساعدتي. وبسرعة أخذوا الصناديق ونقلوها.

أما أنا فذهبت إلى درج كان مفتوحا وأخرجت منه بعض الرموز.

سألني الرجل الذي بدون ملامح “لماذا تفعل هذا؟؟”.

قلت له: عندي فكرة، هل لديك ولاعة أو أعواد كبريت؟

قال وهو يبتسم “لديك يا اليكس ولاعة في جيب سترتك”..

ولاعة في جيب السترة؟  ابتعدت عن الخيمة، ونظرت في الأفق، إلى التلال. لا يزال الآخرون يتفقدون المباني المهجورة.

لا يوجد شيء هناك، لا فائدة.. صرخت في وجوههم: أنا بحاجة إلى بعض الرجال، احتاجهم للدعم الناري.. والبقية للمركبات.

ثم حدثت ضجة.

نفذ الوقت. هروب! ظللت امزح، وأنا أشعل النيران في العصي لإلقائها في المستودعات، والثكنات. بدأ الانفجار الأول، والثاني، والثالث، وعلى الفور اندلع الحريق بسرعة.

لقد كانت ضربة حظ أن ننجو. مرت هذه الفكرة في ذهني. لقد أُنقذنا وحُملنا إلى الشاحنات بسرعة. هناك مجموعة من جحافل الزومبي قد ارتمت بعيدا عن طريق المتفجرات والنيران. مازال هناك القليل من الوقت.

كنت جالسا في مؤخرة الشاحنة، وكنا نبتعد عن المزرعة اللعينة.

قال لي الرجل الطويل “هذا كل شيء يا أليكس”. نظرت إليه، ثم نظرت إلى المسافة بيننا وبينهم.

كانت الشمس قريبة ودافئة وشبه بيضاء، غلفني نورها بضوئه. فتحت عيني.

ما الذي يجري؟ أين أنا؟ في حلم أم في واقع.

في غرفتي  بالفعل. جاء الضوء من خارج النافذة. أتراه الصباح؟ أهو يوم آخر ماذا حدث اليوم؟ ثلاثة أحلام متطابقة؟ واحدة تلو الأخرى؟

إم م م. ماذا يحدث ؟ لم أعد أتذكر كثيرا، بعض القصص، الأجناس، الركض، كانت أحلاما غريبة بل كانت كوابيس، ولكن كان هناك شيء مضحك. حان وقت الاستيقاظ.

مهما يكن هي مجرد أحلام لا تعني شيئا، كل ما هو مهم ومثير يحدث في الحياة الحقيقية الحياة الواقعية.

المترجمة: سعاد خليل هي ممثلة و مسرحية ومترجمة ليبية بدأت حياتها المسرحية منذ ما يزيد عن 50 سنة على مسرح مدرسة إيطالية بمدينة بنغازي، تتقن اللغات الإيطالية والإنجليزية والفرنسية،  تقوم بترجمة محاضرات عن الآثار و الموسيقى و تنشرها عبر صفحات المجلات والصحف الليبية وكذلك مجلة نون المصرية ومجلة الثقافية العربية بالإضافة لكونها قد عملت بركن الأطفال في الإذاعة المرئية الليبية كما انها أقامت عدة معارض في مدينة فيرونا الإيطالية ونظمت ندوات للشعر العربي في إيطاليا ونظمت معارض للفن التشكيلي الليبي وعرفت المتابعين من الإيطاليين بالفن التشكيلي الليبي وهي من ضمن مؤسسين الإذاعة الأوروبية بعد 17  فبراير والتي تبث باللغات الفرنسية والإيطالية والإنجليزية في مدينة بنغازي.

ألكسندر كابيشيف
كاتب روسي. صدر له عن دار (Ukiyoto Publishing) الكندية: (Red Coral & Restaurant “Mother Russia”)، وترجمة عربية لهما في مصر عن دار المكتبة العربية للنشر والتوزيع بعنوان (المرجان الأحمر) و(مطعم روسيا الأم). صدر له أيضا صدر له عن نفس الدار (A Matter of Choice)
قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.