الجدوى كلها في الكتابة!

جدل-لمن نكتب؟

0 461

عبد العزيز الموسوي –قاص بحريني-سماورد

ثمّة رأي يقول أن: كل شيء يبدأ بفكرة، وأنا مؤمن بذلك لا يمكن أن تكون انطلاقة نص مهما كان جنسه وشكله إلا عبر فكرة، ليس بالضرورة أن تكون الفكرة في أوج نضوجها، لأن الفكرة تتناسل مثل الفراشات بعدّة ألوان قزحيّة فيما بعد.

’’على القرّاء أن يضعوا في حسابهم ما يقرؤون، وليس العكس، عندما تكتب يجب أن تكون وحيدا إلا منك’’

الكتابة بالنسبة لي إله بكل جبروته ورحمته، يأتي بالشمس من المغرب ويحيي المكان والشخوص بعد موتهم، رحيم وشديد العقاب، قادر على خلق الحياة الأجمل في ذات الوقت الذي يصنع فيه الجحيم. لا يمكن أن يعرف هذا الشعور إلا من كان بين يديه إله يخلق له ما يريد وإن كان على الورق.

ما جدوى الكتابة؟ في الحقيقة الجدوى كلها في القراءة، لا تكون مجدية إن لم تكن قد سبقها الكثير من الحكمة و الدهشة، تستطيع بعدها أن تكون مجدية و وسيلة لـحياة آمنة في زمن لا آمان فيه.

على القرّاء أن يضعوا في حسابهم ما يقرؤون، وليس العكس، عندما تكتب يجب أن تكون وحيدا إلا منك، لا تمكّن أحدا أبدا من أن يقف على جمجمتك ويعظك بما يجب وبما لا يجب، كن نفسك وأترك بعدها النص يشبعوا فيه طعنا أو محبة..

لا يمكن بحال من الأحوال أن نختال من بيدهم الخيار وحده، القارئ ملك نفسه حتى لو تشبثنا به، لن يجدي ذلك إن لم يكن هو من اختارنا.. عند الكتابة نحن تكتب لمجهول لا نعلم من تحديدا قد يذهلنا أحدا لم نتوقعه بفهمه لغايتنا.

إن الذين يدّعون تساوي القرّاء هم في زمن غير الزمن حتماً.. ثمّة قارئ لنقل غير عادي – وآخر عادي، هناك من يذهب لما أبعد من السطور لبينها بينما هناك من يقدّس ما يقرأ وكأنه قرآن مكتوب – وهذا موجود فعلا – هناك من يحلل النص ويضيف له الكثير وآخر لا يفك شفرة كلمة أو صورة وليس رؤية أبعد من أن يصل لها. ثمّة نخب ويجب الاعتراف بذلك في بلداننا العربية على أقل تقدير.الذين يطالبون بمساواة القارئ العادي والناقد والنخبوي هم في حلم جميل نتمنى أن نصحو يوماً فنجده حقيقة.

كثيرا من الروايات حققت نجاحاً إعلامياً وقراءات بأعداد فلكية لكنها على أي حال لم تدم أكثر من زوبعتها، الحكم في الكتابة من المستحيل أن يأتي باكراً دائماً ما يأتي الحكم متأخراً جداً، متى ما بردت الحرائق وهدأت الثورات يتبين حينها القارئ الحقيقة، الضجة غبار، الإعلام غبار، الكذب غبار، ولا يمكننا أن نرى بوضوح إلا حين يزول.

لمن أكتب؟، كل كاتب يتمنى أن يكون قد كتب للجميع دون استثناء، لكننا على أي حال طاقات وإمكانيات قد تفلح في بعض ما تكتب وتنجح في إيصاله للجميع وتخفق في البعض إخفاقاً جزئياً لأن لكل كاتب حتماً أشباه يتلقون ويعون تماما ما يريد إيصاله.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.