قبل سَكراتِ الوِصال
أنا هنا
وأنتِ هناك
أفكر بأي قلم أكتب
لقد أضناني الشعر
كما يضني الجنين حامِلته
لقد أضناني الدهر
كما يضني السيدُ مولاه
أنا هنا
وأنتِ هناك
والحرف مثخِن في صدري جراحَه
لا هو يغتالني فأستريح
ولا أنا أغُمِدُه فيطمئن
أنا هنا
وأنتِ هناك
تائهان قد أضلا طريق الوجود
واغترب عنهما الوطن
لبِس وشاحا وعرى على ساقيه
وصار لُجة للعابرين والمطايا والسبايا
والعلوج والبغايا والعرايا
أنا هنا
وأنتِ هناك
تمنيت لو كنت يدا للقدر
أو جارا لنيرودا في المنفى البحري
أو صاحبَ دكان يبيت فيه الجاحظ
أو عصفورا لا يطل إلا في صباحات الربيع
أو دمعة دفيئة في عين امرأة في القطب الشمالي
أو مباركا يمسح على قلوب القوم لينالوا النعم
أنا هنا
وأنتِ هناك
والكلماتُ تجرني كعربة خيل طاعنة
قد أصابتها بؤر التفاهة بالتعثر والتبعثر
لا أقوى على نزف الأحاسيس المصنوعة من جلد العجلات
وليس في روحي منفذ للإسمنت والفولاذ والثراء
أنا هنا
وأنتِ هناك
والقمرُ يعشق الفقراء
وندى الصبح يهوى شفتيك الوردتين
حتى لو بقي في العمر لحظة
وأنا الملاح المبتل البردان الذي لا يحلم بالعودة
لولا كثبانك الصحراوية الفاترة
أنا هنا
وأنتِ هناك
نسكن وجهَ عصرِنا الوحشي
تبتسمين وأكتب
هكذا نمارس الحب
يا أرضي الحسناء التي بخير
أنا هنا
وأنتِ هناك
نسافر بين قلبينا كالغجر
فلا فتر ولا ضجر
نرقص عند الأحزان
وندمع عند الأفراح
ونثمل بقطرات المطر
أنا هنا
وأنتِ هناك
يا نُهود الشوق
وصمتَ مُدني القديمة
يا عيونَ الوطن
يا قبرَ أحزاني العميقة
افتحي الباب
يا كُلَّ المفاتيح
أنا هنا وأنتِ هنا
فلنطرح كل شيء ونعانق