في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة!!

0 39

أيوب إبراهيم – الدنمارك

 ليس بين المرأة والرجل تفاضل؛ بل اختلاف بيولوجي وظيفي غايته تكامل الطرفين وازدهارهما! “لمن تُسوّرُ الوجودَ بدفء تائها المربوطة. المرأة! لمن تفتحُ السماءَ بألفِها المقصورة.. الأنثى! لمن تحضن الحياة بين ألف الابتداء وميم الانحناء، لتمنحنا سرَّ البقاء.. المرأة التي تعطي بلا حدود. ولكن كيف يمكن لهذا القلب الذي ينبض بالدفء أن يتحمل قيود العنف؟ وكيف لهذه اليد التي تُحيي الحياة أن تُقابل بالظلم؟”، إذا كان الرجل هو الوجود لذاته، فإن المرأة هي الوجود بحد ذاته. وما أعتمَ كوكبنا لولا تاء التأنيث، التي تزيّن الحياة بوجودها، وتمنحها الدفء والمعنى. ولكن خلف هذا الدور الملهم، تُعاني المرأة في صمت من أشكال متعددة من العنف التي تُهين كرامتها وتهدد إنسانيتها، وكأن العطاء الذي تقدمه لا يُقابل سوى بالجحود.

 قال الله تعالى: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا” (سورة النساء: 19). العنف الأسري هو صرخات صامتة تُمزق القلوب. يقول الكاتب الإنجليزي وليام شكسبير: “عندما تبكي المرأة تتحطم قوة الرجل”، احترام المرأة وتقدير دورها في حياة الرجل والمجتمع هو جزء من بناء مجتمع عادل ومستدام. لكن العنف الأسري يُخالف هذه القيم، ويكشف كيف يمكن أن تتحول الحياة المشتركة إلى ساحة للصراع والأذى.

العنف الذي يصبه الرجل على المرأة لا يقتصر على الضرب، الذي يمكن اعتباره جبنًا واعوجاجًا عقليًا، بل يتجاوز ذلك إلى العنف النفسي والعاطفي، حيث يكون تأثيره عميقًا ومهينًا. كلمات مثل:”ما في رز؟ شو كنتي تعملي من الصبح؟” ،”شوفي فلانة، عندها ثلاث أطفال ولا مبين عليها.”  تبدو هذه العبارات بريئة لكنها تحمل عنفًا نفسيًا مستمرًا يؤثر على ثقة المرأة بنفسها ويدفعها لقبول حياة بلا معنى أو هدف. هذا العنف لا يتوقف عند المرأة وحدها، بل ينسحب على حياة الأطفال الأبرياء الذين يكبرون في ظل صراعات لا ذنب لهم فيها.

البُحة والصرخة السورية التي شرخت الروح تتردد اليوم في مصر والعراق وأغلب المجتمعات التي يُفترض أنها مؤتمنة على كرامة المرأة. أطفال ضعفاء يتوسلون بصراخهم وأجسادهم النحيلة لمن يُفترض أن يكون أبًا وشريكًا، يطلبون منه أن يترك أمهم وشأنها، ولا يقتلها.

إنها ليست مجرد قصص عنف تتناقلها الأخبار، بل مآسٍ إنسانية تحمل في طياتها ألمًا لا يوصف، حيث يواجه الأطفال أعنف أشكال الواقع. هؤلاء الأطفال يشهدون الوحشية من أقرب الناس إليهم، فيتحول الأمان المفترض في المنزل إلى رعب لا ينتهي. العنف الأسري هو جرح غائر في قلب المجتمع، أكثر من مجرد أذى جسدي؛ إنه نزيف مستمر يحفر ندوبًا عميقة في الأرواح، ويزرع بذور الخوف والغضب في نفوس الأبرياء. هذا العنف ليس قضية عائلية فحسب؛ إنه قنبلة موقوتة تهدد استقرار المجتمع بأسره. الأطفال الذين ينشؤون في بيئة مليئة بالعنف قد يحملون هذه التجارب معهم إلى حياتهم البالغة، فيعيدون إنتاج هذا العنف في علاقاتهم المستقبلية. إنها دائرة مفرغة يجب علينا كسرها. إذا كانت الطبيعة تحتفي بالإناث وتمنحهن سلطاتهن كاملة، فإن مجتمعاتنا البشرية – للأسف – ما زالت تُقصي المرأة تحت وطأة الثقافة الذكورية. فما يجمع بين إناث النحل والنمل وإناث البشر هو التصميم والصبر والحكمة والعمل الدؤوب. فلا يكللن ولا يمللن، من أجل ضمان ممالكهن في حالة النحل والنمل، وبيوتهن في حالة إناث البشر. مع أني كنت و ما زلت و سأبقى مع جميع الحركات النسوية لاسترداد حقوقهن ومعاملتهن على قدم المساواة مع الرجال.. رغم الوضاعات الأخلاقية والإنسانية في مجتمعنا للانتقاص من قيمة المرأة هو عار كبير ومُشرّع قانونًا ودينًا في بعض المجتمعات. مجتمع يسمح بالعنف ضد المرأة ويتسامح معه هو مجتمع يفتقر إلى الإنسانية والعدالة.

ختامًا، الرحمة لكل من فقدناها من أمهاتنا بسبب التعنيف، والصبر لعائلاتهن. نتمنى السلامة والصحة والعافية لكل السيدات حول العالم، ونُؤكد أن بناء مجتمع عادل يبدأ بحماية المرأة وصون كرامتها.

 

اليوم العالمي للعنف ضد المرأة
يُحتفل به في 25 نوفمبر من كل عام، وقد حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف رفع الوعي بالقضايا المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات. كما يمثل بداية حملة “اتحدوا!” والتي تستمر لمدة 16 يومًا من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة. يُذكر أن هذا اليوم يُنسب إلى مقتل ثلاث ناشطات، يُعرفن بأخوات ميرابيل، عام 1960.

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.