نصان للشاعر نيرمالاندو جون*

0 557

ترجمة مهدي النفري **

 -1-

ربما أنا لست بشرًا

ربما أنا لست بشرًا
فالبشر مختلفون
يمكنهم
المشي
والتجول من غرفة إلى أخرى
هم مختلفون
يخافون الموت
يخافون من الثعابين
ربما أنا لست بشرًا.  فكيف لا تثير الثعابين الخوف بداخلي؟
كيف يمكنني الوقوف بمفردي طوال اليوم مثل الشجرة؟
كيف لا أغني أغنية وأنا أشاهد فيلم؟
كيف يمكنني أن أشرب الخمر مِن دون ثلج؟
كيف يمكنني أن أمضي ليلة دون أن أغمض عيني؟
في الواقع أشعر بالغرابة عندما أفكر في ذلك
الطريقة التي أعيش بها من الصباح إلى المساء
من عشية إلى ليل
عندما أكون على قيد الحياة
أشعر بالغرابة
عندما أكتب
أشعر بالغرابة
عندما أرسم
أشعر بالغرابة

ربما أنا لستُ بشرًا
لو كنت إنسانًا
كان لدي
زوج أحذية خاص بي
منزل خاص بي
غرفة خاصة بي
كنت أشعُرُ بالدفء عندما أحضن زوجتي في الليل
على بطني كان طفلي يلعب ويرسم

ربما أنا لست بشرًا
لو كنت إنسانًا
لماذا أضحك
عندما أرى السماء فارغة مثل قلبي؟

ربما أنا لست بشرًا
البشر مختلفون
لديهم أيادٍ وأنوف
لديهم عيون مثل عينيك
بإمكانهم أن يكسروا الواقع
طريقة انكسار المنشور للضوء

لو كنت إنسانًا
كان لدي ندوب حبٍ على فخذي
كان لدي علامة غضب على عيني
كان لدي أم
وأب
وأخت
كان لدي زوجة تحبني
لدي خوف من الحوادث أو الموت المفاجئ

ربما أنا لست بشرًا
لو كنت إنسانًا
لم أستطع كتابة القصائد لك
لا أستطيع أن أمضي ليلة بدونك
البشر مختلفون
إنهم يخافون
من الموت
من الثعابين
يهربون عندما يرون الثعابين
بينما يهربون من أماكنهم،  أراهم أنا أصدقاء لي
أقترب منهم، و أُقبِّلهم.

-2-

ما هي الخطيئة التي تخلصني؟

لم أتذوق فاكهة

الشجرة المحرمة أبدًا

كنت منتظرًا

انتظرت

مثل بحرٍ ينتظر النهر

أو نهر ينتظر ارتفاع المد

في الأمل البعيد

سوف يتقلص الشعور

من داخل الصخور

ليضرم قلبي بشغف

لم أذهب أبدًا إلى بيت دعارة

ولم أغرق في تلك اللذة المحرمة

كنت أنتظر، أنتظر

أحب الثورة التي تختمر وتغلي

وأنتظر بفارغ الصبر ساعة الذروة

أو مثل حضن عذراء شابة

في انتظار حبها الأول

لم أنم أبداً مع أي فتاة سعيدة

على أمل

هذا الحب

مثل وحش البحر

يخوض مبارزة تزاوج عنيفة

كي يُعلمني الفن

قولي لي، أيتها الروح الحكيمة، ماذا أفعل؟

أية خطيئة تخلصني؟

*  نيرمالاندو جون شاعر ورسّام من بنغلادش، ولد في العام 1945. أصدر مجموعته الشعرية الأولى (أريد

نيرمالاندو جون

الدم / Rakto Chai) في العام 1972، وتوالت بعدها إصدارته حتى وصلت قرابة المائة، تضمنت بالإضافة إلى مجاميعه الشعرية التي تجاوزت الخمسة والأربعين ديوانًا مجموعات نثرية. تزخر قصائده بنقد لاذع للأغنياء ومحدثي النعمة، وكشفٌ عميق مؤثر للهوة والتباين الذي يكتنف مصير الجماهير، وتعرضت قصائده أيضًا للحب والحرية والإيمان العميق بالإنسانية.حاز غون على العديد من الجوائز الكبرى كشاعر، منها على سبيل المثال: جائزة الاستقلال في العام 2016 ، وجائزة إكوشي باداك في العام 2001، وجائزة الأكاديمية البنغالية في العام 1982.

 

مهدي النفري

**  مهدي النفري شاعر ومترجم ورسام عراقي مقيم في هولندا، يكتب بالعربية والهولندية ويترجم لهما ومنها، صدر له عدة دوواين شعرية منها: تلك الأسئلة دونتها الأحذية والشوارع، لا تأمن الدَّهْشَة وأنت ضَرير، المطر أيضًا غابة، كلب أخرس، ريح تتظاهر بالنوم، عصفور النهر. في الترجمة صدر له مؤخرًا مختارات من الأدب الهولندي، بعد أن قدم سابقًا كتابًا لمختارات من الشعر الهولندي.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.