الذئب المعطَّل ونصوص أخرى

1 1٬264

زكي الصدير – السعودية

بيان

في كلِّ مرةٍ أتهجّى فيها اسمي النابتَ من قبيلةٍ منسيةٍ في شرقِ الجزيرةِ أقترحُ على نفسي مانفستو: ربما ولدتِ الأرضُ شبيهاً لوجهي فأعاذني البحرُ من أبوتِهِ ونفاني. ربما لم تكتملْ دورتي فانتخبتني الطبيعةُ جيناً منشقاً، واستسلمتْ غيمةٌ فأمطرتني. ربما في مضمارِ السبّاقينَ تعثّرتْ طينةٌ برجْلي فاسترخصتْ أن تنجبَ رملَها على الإسفلتِ فنستني. ربما لم تردْ لي الحياةُ سوايَ فوهبتْ نفائسَها لغيري. وربما -في سنواتِ القحطِ- افتتنتْ أصابعي لوتدٍ مشدودٍ على قادمةِ جناحٍ فجعلتني سمّارَه. من يدري؟! ربما!.

الذئب المعطَّل

 

كلّما حدّقَ ذئبٌ في خرافي لُذْتُ بالباب

رؤيةٌ لا نهائيةٌ لاحتمالاتِ الهرب

ولإمكانيةِ المكوثِ أيضاً

خدعةُ الجدران

تلويحةُ الضائع:

ليستْ طريقاً متاحة، ولا بئراً للطمأنينة

البابُ موصودٌ

الجدرانُ مشرعةٌ

والذئبُ المعطّلُ بينَ خرافي.

الطريق المجرّبة

 

جرّبتُ الطريق
كانت آمنةً
آمنةً للحدّ الذي لم ألتفتْ خلفي
لم أستربْ فيها من غريب

جرّبتها
كانت سهلةً
لدرجةِ أني لا أذكرُ الدربَ الذي سلكتُه
لم تكن موحشةً
لم أصادفْ ذئباً
لم يوقظْ غفلتي قاطعُ سبيل

جرّبتُ الطريق:
مطمئنٌ، وخائفة

مجون الضائع

 

وكان كلّما هدأ الدخانُ لوّح بيدٍ

أيقظ الفتنة بيدٍ أخرى

ورقص حول النار

يفسدُ على المقيمين ترتيبَ مواعيدِ المطر

يأخذهم مع ضالي السبيل وخدّامِ الرمل

وحده، لا يهتدي إلى نجم

ولا يعظّمُ شأنَ الصحراء.

لو أنك أبطأت قدميك قليلاً قبل أن يبدأ الدَّركُ في عدِّ الرّصاص

لو أنك لم تقصدِ الأرض والسماء معاً

تعتلُ برجلين متعبتين الغبارَ، وتتوعّد المجذوبين

لو أنّك استرحت على عتبة القرية ساعةً

ثم مددت عنقك لبنادقهم.

حفلة الموتى

 

في انتظار حفلة الموتى

الموتى الذين يباغتونني ويأخذون طريقاً آخر

أقفُ متأهّباً في انتظارِ الفرجةِ السماويةِ الباهرة

أفتحُ أنخاباً جديدة

أمنّي نفسي بالخلاص

الخلاص الذي يلفّ جلْدَ الكون

ينتظرُ الطوفان

يعلّق أحاجيه في العتمة.

هكذا ينتهى بي اللّيل على جرفٍ يصّعد بي إلى السماء

كلما فتحت له هاوية للأرض باغتني بشهاب.

في الحربِ القادمة

كنتُ قلماً مصنوعاً من شجرةٍ يتوسّدها جندي…

قلماً ينتظرُ الأخبار ليكتبَ التاريخ

أتذكرُ أنني رسمتُ على جدارٍ في المدينةِ وجهاً دمرتْهُ قذيفةٌ ارتطمتْ بهِ بالصدفة.

هو الآنَ يشعرُ بالوحدة،

لا يرى المدينةَ

لكنه متيقنٌ بالحرب.

سأحتاجُ زمناً طويلاً حتى أعودَ من جديدٍ إلى شجرة

سأحتاجُ زمناً أطولَ لأصيرَ قلماً

سأحتاجُ الجنديَ ليدلَّني على وجهيَ الذي دمرتْهُ الحرب.

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. وسام هاشم يقول

    نص مشغول عليه ، شكرا لكم سما تكشفون المستور من الجمال

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.