الأصدقاء؛ يقاطعون الفكرة ليكتمل النص
رقية مهدي – السعودية
الأصدقاء، قاطعو الجنوب في مدارات السماء.
هم الذين يربتون على كتف التعب، يمسدون ريش المجاز، ويخبئون القلوب داخل كهوفهم كي لا تشيخ.
هم الأصدقاء الذين انبرى صوتهم من حافة الأرض، وحط على محورها، فنفرت بدفئه الأشجارُ، والغزالات، والخضرة والمياه، واندفعت به أفواه كثيرة لم تركن لمقامٍ إلا بنصوصٍ طويلة تهبها الريحُ حقيقتها، وتباغتها النظرة بابتسامةٍ توشك أن تختم كل فكرةٍ بربيعٍ، ومنضدةٍ، ويد آنستْ الضوء والسكينة.
الأصدقاء الهوائيون،
هم ذاتهم الذين يجندون الجيوش لتكون القلاع مقيمةً في البحر، ثابتةً تحت الموج، تدل على يقظة شاعرهم المحكوم بأملِ الغواصين، وانحناءات مشيئتهم.
هم حاملو الماء والكأس معًا،
من يشيرون إلى النبض دون أن يفتشوا عن مفردة القناصين، من يمنحون الأسماء بلا علامات، وينتظرون الغيب بيقين الصواب دون رسائل وأدلة.
هم من يقاطعون الفكرة ليكتمل النص، من تبحث الأرض عنهم، عن أيديهم، وأبوابهم، قمصانهم، وأسئلة الحيوات المهرولة على سواحلهم الطويلة.
هم المستقرون عند عضلة القلب،
الذين لا يستبدلون جلودهم؛ لأن عزلتهم الشاهقة تشق ظلالهم الكثيفة؛ لأن عظامهم تؤكد أن البراهين تحمل أنهارهم الرحيمة، لأن السنونوات الحزينة لا تضحك إلا عند رف صباحاتهم، ونور الله يحدق في آدميتهم، يزيّن وشاحهم الوديع، ومنعطفات طرقهم الهائلة!
هم الساكنون في رجفة البحر، المسيطرون على نجومه
وهم أيضًا من يدفعون برفقتهم إلى هاوية انتظارهم، وعند اقتراب بلوغهم من التعب قد يستيقظ جسرٌ أو يغرق سردٌ طويـــــــــــــــــــــــــــــــــــل في مأزق أزمة الوجود القلِق!
هم العشاق المرتعشون: حكاية أعراف الجحيم، وماردها الذي يقف دون أن يسمح للنهرِ بحمل قلب أم موسى على موجة البهجة، الموجة التي لا تريد أن تفي بالنذر، ولا تسأل عن أجرٍ لذوي الصبر، الساهرة حتى مطلع حمل المواثيق أو ردها!