في البدء كانت الأخت
في البدء كانت الأخت، ثم نورها. ومن العتمة أخٌ بسبع سنين يلهثُ من الركض شوقاً للأحضان. كانت الأختُ ولم تكن ظلمةٌ، أو هذيانٌ يجمعُ قبعاتِ التعبِ ويضعها في حقائب الأحلام. لم يجد البرد بعدُ طريقًا للثلج. ولم تلتق أوراق الخريف بالأرصفة والشوارع. ثم شهقت الأختُ وزفرت الحنينَ يمسّد عتباتِ المادّة. خشيَ العدمُ انتهاءه، فبزغ الأخُ ليتّخذ من الركض صفة المسافة والمصائر. وانبلجَ ماءُ سهوِهِ وطلعَ الزمنُ الماضي.
كانت الأختُ ولم يكن انتظارٌ. من الركضِ ولدت اللعبة، من اللعبةِ عثرةُ القدم، ومن العثرة خرج الانتظار. ومن العثرة وجدت البئرُ ذاتها وتكّلم الليل. وكان الليلُ قميصَ يوسف قبل أن يكون يوسف والقميص. وكان الليلُ كلّاً، وأولَ القصائدِ، قبل أن يلمح الأخُ اختَه وتطلُّ الليلةُ مفردةً بلا قمر.
لم يكن المؤجّلُ قانون اللهفة، أو كانت النار، حتى التقى الأخوة وصارت القبلةُ. ومن القبلةِ خلقت الحروف والأسماء. كان أول النطق “بيان”، وكانت الأخت.