صلاة الغول
براء العويس –سوريا
وجهت وجهي للتي فطرت سماء القلب واحتلبت نياق العمرِ
صوبتِ الرحيقَ ولمّـتِ الشّملَ المُمَـزّقَ بين أشتاتِ النساءْ
أقسمْتُ بالماءِ المُحصّن بالإلهيات
أن أحيا ..
وأدخلَ يوسُـفيّ الثوبِ في خَبَرِ القصيدةِ
عبقريّ العِطْرِ فِي خِدْرِ المساءْ
قد جاءني قلبي من الصحراءِ غَضّاً كاملَ الإيــمانِ موثوقَ العُرى
كالتينِ والزيتونِ والبلد الأمينْ
دنِفاً يَودّ الرملُ لو يُصغي إلى ترنيمةِ
شَرِقت بِشَرقٍ الأرضِ أو غربِ السماء
وربَّـما قلمٌ من المرجانِ سَطّـرَ أَولَ التّـنزيلِ
من كُحْـلِ الظباءْ
لِغَزَالـتي نهرٌ يـدوُرُعلى مَنَافيها
بِـثَجّاجِ الغِـناء
لطفلتي غيمٌ تَرَاشَقَ بالبياضِ
وسدّدَ الرّؤيا بِنَشّابِ النقاءْ
قالتْ أحبكَ حينما قالتْ :
صباحُـكَ لوعة أو دِيْـمةٌ أو دمعة أو أيُّ شيءٍ يَقْبل التأويلَ أو يأبى الفناءْ
قلتُ اجعلي بيني وبينَ الأقحوانِ قصيدةً
وتَمَنّعي فالشّعرُ وحيُ تَمَـنّعٍ
وقِـفي على شَفَةِ الـنّداءْ
غامت و قالت : كُن جديداً مستقيمَ السيرِ ..
باغِتْ كُلَّ شيءٍ بالحقيقةِ
أيها المَحْمِيُّ بالرعدِ الرخيمْ
هذي العُيونُ تُراصِدُ الْغَيْبيّ كَيْ تَشقى على قُرطاسِه
وتمدّ ظِلاً لا تراهْ
قُمْ أيها المُشتقّ مِن خَبَنِ الرّمالِ
وكفّنِ المعنى بِعُرْفِ الْـمُرْسَلات
أنا أُجِيزُكَ فَاقْـتلِ الْميتَ الذي يُؤْيكَ في تَابُوتِهِ
وابعثْ جَديدكَ من قُراهْ
قلتُ : اجعليني طائراً لا شيءَ يُدركني سِواكِ .. فلا كتابَ يَضُمّـني
أو ريحَ تَفْهمُ مَنطِقِي أو لحنَ أغنيتي
ولا وطنٌ يُوسدني ثراه
أما الغريبُ فلا سبيلَ إلى مَـنَابِـتِه
ولا وردٌ يُفتّحُ من عُراه
والتينِ والزيتونِ والعشرينَ من تشرينَ والنخلِ المسافرِ من مراثينا ..
أحبكِ
علميني كيف أنجو من غُزاة النبضِ دُلّيني على ضِديّ وذُوبِي في إنائي
وانشريني بين شِعبيك السماويّين وامحيني
وطيري في فضائيْ
أَمّـا نخيلي فَازِعٌ مِنْ أرضِه مستوحدٌ كاللحنِ في إِشْفَاقِ ناائي
أقسمتُ بالحُمّـى وبالحبِ الْمُبينْ
أقسمتُ بالوادي الذي سَكَنَتْ إِليهِ جِيادُنا حينَ الْتَوَتْ ساقُ الْحـنينْ
أقسمتُ بالغولِ الحزينْ
في القلبِ ما يكفي من الإيمــانِ كَي أصبو إلى الوادي المُـقَدّسِ ..
جفّ وادينا من الإعجازِ والشعرُ القديمُ كمثلِ أَعجازِ النخيلْ
إني تخيّرتُ التّلفّتَ في رِحاب الوحي ؛
كي يتوضأ الغولُ الحزينُ ويدخلَ الظلَّ الذي لا ظلّ إلا ظِلّه ..
ذاتَ البروجْ
وجّهتُ وجهي للذي فَطَر السماءَ
وعَلّقَ القلبَ المُـنَوّنَ فوقَ معراجِ الخرافةِ
تحت وهّاجِ السّراج
إذا السماءُ تجمّـلتْ وإذا النجوم تمهلتْ
وإذا العيون تبللتْ وإذا الغصون تهدّلت
والسّطْرُ يكتبُ نَفسهُ
والعُمْرُ يركضُ نحوَ آخره
ويرجعُ صوبَ أَوّلِهِ ولا يَجِدُ الدليلْ
ماذا تبقّى ؟
صَقْري يَبِيتُ على الطّوى ..
وينوء بالحزنِ الثقيلِ
يَمُدّ مِخْلبَهُ فَـيَـنْهَشُهُ الرحيلْ
في الروحِ ما يكفي من الوديانِ يا قلبي
هلمّ إلى السبيلْ
وأنا الضليلُ ..
أَجيءُ خلفكِ
خلفيَ الشعراءُ يَـخْـتَـانـونَ أَنْفُسَهُمْ ويَرْثونَ الـقَـتيلْ
وجّهت وجهي للتي .. أنتِ ..
اقبليني شاعراً يَدنو وَينأى مِن عواطِفِه وعن شَهَواتِهِ
وجّهْتُ وَجْهي صوب وجهكِ
يا بُلوغَ الدّهْشِة الأولى وألبستُ القصيدةَ ليلها
لــ تَـذُولَ بالليلِ الطويلْ