خاطرة عن بودكاست تشاكيل مسرحية البودكاست الذي عزز مفهوم المحبة بين فريق الإعداد

ورشة فن - مسرح

0 707

سحر جعفر – السعودية

حكايتي مع بودكاست تشاكيل بدأت كمستمعة ومتابعة، البودكاست الذي يُعنى بالمسرح وعالمه العميق والمتشعب والثري بحكايا المسرحيين والمسرح. كنتُ استمع إلى حلقاتٍ يتحدث فيها الضيوف عن رحلاتهم الفنية والمسرحية بشكل خاص، يشارك الضيف مستمعيه رحلة حياته كإنسان وكيف أصبح فناناً ثم مسرحياً لتبدأ رحلته المسرحية.

“ما رأيك أن تكوني معي في إعداد البودكاست؟ “، فاجأني بها الكاتب المسرحي ومقدم البودكاست عباس الحايك، لم أتخيل يوما أن أشارك في مشروع مسرحي بل عمل مسرحي، فتشاكيل لا يقل عن عمل مسرحي متكامل في الجهد والوقت. تشاكيل يتخطى مفهوم المسرح في انتاج العروض المسرحية بكل عناصرها ليخبرنا أن المسرح لا حد له ولا قيد ولا تعريف ثابت له…أتحب المسرح؟ ..ستجد أبواباً تفتح لك سبيلاً الى المسرح لخدمته.

وجدت نفسي في غضون أيام أمام طريق يقودني الى العمل مع كاتبين مسرحيين يحفّهما التميز المسرحي والإنساني؛ عباس الحايك وإبراهيم الحارثي. أذكر أول إجتماع لنا على منصة زووم كي نضع خططاً واضحة لإعداد تشاكيل، لحظة الدقائق الأولى لبدء الاجتماع تلقيتُ ترحيباً مدهشاً من عباس الحايك وابراهيم الحارثي، لم أكن الغريبة في ساحة مسرحية بل وجدتُ نفسي وسط فرحة ولهفة مسرحية منهما بانضمامي للفريق. هنا كانا يزرعان في روحي ثقة قوية أني سأنجح معهما في الإعداد بخطى ثابتة قوية. هذه الاجتماعات الأولية كانت مهمة في التعرف على رؤى عباس الحايك لتشاكيل والتعرف أيضا على آرائنا ومقترحاتنا ووضع خطة ثابتة مدروسة وواضحة للحلقات؛ كمقترحات لأسماء الضيوف والتنسيق معهم ومحاور الحلقات الحوارية واختيار المشاركين كضيوف لهذه الحلقات. لا يخطر على بال الكثيرين من المتابعين أن الإعداد كان يتضمن كل تفاصيل إعداد البرامج بدءا من اختيار الضيف وكتابة  مقدمة تعريفية بالضيف ثم تحديد محاور الأسئلة المخصصة في اللقاء من جميع المعدين في الفريق والنقاش في ماهية الأفكار التي ستُطرح على الضيف؛ فهذه المحاور لا تأتي نمطية أو نموذجية في كل الحلقات بل تأتي هذه الاسئلة بعد دراسة شاملة وتفصيلية عن حياة الضيف الخاصة بتفاصيل فنه ومسرحه والتعرف بشكل دقيق وقريب على فلسفة الضيف وأفكاره الثقافية والفنية وبالتالي نخرج بأسئلة  ومحاور تجعل الضيف  مستمتعاً في الحوار ومتلهفاً للحديث عن تجربته الفنية مع المُحاور.

إعداد البرنامج لا ينتهي بانتهاء تسجيل الحلقة مع ضيفنا المسرحي بل يستمر عمل الفريق في النقاش اليومي بيننا حول اختيار اليوم المناسب والساعة بما نضمن فيه مشاهدة كبيرة من قبل المهتمين بالمسرح لتعم الفائدة المسرحية المنشودة من تشاكيل. وفي يوم نشر الحلقة نقوم جميعنا بنشر الحلقة في مواقع التواصل بدقة مدروسة حتى يتسنى للجميع الاستماع الى الحلقة كبودكاست في وقت مناسب ثم مشاهدتها على موقع اليوتيوب في اليوم التالي. ومن النقاط المهمة أيضا التي نهتم بها هي أن نتابع رأي المستمعين والحاضرين للحلقات من أجل إضافة وتحسين وتعزيز ما يتطلع اليه المتابعين لتشاكيل.

من أجمل ما شهدتُه بعد نشر الحلقات هو تفاعل المستمعين  مع المَحَاور التي نوقشت في الحلقات والأجمل أن نشاهد أن بعض الضيوف المتواجدين في حلقة الحوار المسرحي يتشاركون الآراء والخطط  أثناء تسجيل الحلقة بل بعضهم يتعرف على مسرحيين من بلدان عربية مختلفة لأول مرة من خلال لقاءات تشاكيل ونجد هنا بداية صداقات مسرحية تمتد من تشاكيل الى ما بعد تشاكيل، هنا حققت تشاكيل في حلقات الحوار التي تجمع اكثر من ضيف تجمعاً  مسرحياً من مختلف المدن العربية لتُكوّن صداقات مسرحية مستقبلية ومسرحا تجتمع فيه القلوب المسرحية من أجل المسرح.

حكايتي مع فريق تشاكيل حكاية مسرحية عزيزة على قلبي وستظل دوما كذلك، حكاية رسمت لي مساحات وذكريات عنوانها الجمال والانسانية والمحبة. فتفاصيل تشاكيل كانت من المسرح وإلى المسرح ومن اجل المسرح فقط. عباس الحايك مسرحي يحمل شغفا مسرحيا مختلفا يجعله مجداً ومثابراً في مجالات متعددة لخدمة الفن والمسرح ونشر الوعي الثقافي المسرحي بشكل مدروس، هو مسرحيٌّ مجتهد في خططه ومثابر في تحقيق أحلامه المسرحية ورؤاه الفنية. عباس الحايك بنى تشاكيل بخطى ناجحة ومدروسة وبشغف حقيقي جعل تشاكيل يصل الى قلوب المسرحيين ومحبي المسرح بكل نجاح وتميز، هو صبور وحليم تجاه كل العقبات والصعوبات، كان يصارع الوقت من أجل انجاز الحلقات كما يجب وبأفضل صورة، يناقشنا في تفاصيل العمل الصغيرة والكبيرة وحتى في تفاصيل التصاميم وتوقيت نشر الحلقات واختيار الضيوف والتنسيق معهم، عمليا هو يجيب على كل التساؤلات ويعزز من قدراتنا المسرحية بكل ثقة وهدوء لتنتقل هذه الثقة إلى روح العمل بيننا فتصبح عزيمة وشغفا مسرحيا يجمعنا جميعا من أجل تحقيق حلقات مسرحية مختلفة. الحايك كان يحتضن كل الآراء والاقتراحات بكل قبول ورحابة صدر وترحيب حقيقي، يناقش كل الأفكار الممكنة في سبيل الحصول على نتيجة تخدم برنامج تشاكيل نحو الأفضل.

إبراهيم الحارثي زميلي في فريق الاعداد يحمل قلبا مسرحيا ولغة مسرحية توصله الى كل بقعة أرض تنطق مسرحا فيغرف منها حكايا مسرحية ويُهدي من روح مسرحه الكثير من الجمال والعطاء والكثير من الأثر المسرحي البنّاء في قلوب محبي المسرح والمسرحيين، أذكر أول اجتماع لفريق تشاكيل كان حاضرا نشطا يلتقط بذكاء وسرعة بديهة الخطة المطروحة من قبل عباس الحايك ليحولها في لحظتها الى نقاط قابلة للتنفيذ، في لقائنا الثاني كنا نناقش الاسماء المسرحية المقترحة للاستضافة وكنا نحاول ان  نضم اسماءا تشمل كل المدن العربية قدر المستطاع، أذكر تماما بمجرد ذكرنا لبلد عربي كانت اقتراحات اسماء المسرحيين تُنطق من ابراهيم في ثواني وكأنه يحمل ملفات مسرحية في قلبه يحفظها عن ظهر قلب ليقترحها لنا. فنشعر بحماس مسرحي يعم اللقاء والعمل نستمده من روحه المسرحية المليئة بالأمل والصدق. ابراهيم يملك تجربة مسرحية ثرية في شتى المجالات وثقافة مسرحية عميقة جدا ويلم بكل أخبار المسرح من كل الأقطار العربية كل هذا كان جليا في اجتماعاتنا وعملنا في تشاكيل. اقتراحاته، خططه وافكاره كلها كانت ذا وعي مسرحي وعمق ثقافي مدروس.

حكايا مسرح وصداقة وذكريات كثيرة مليئة بالمحبة لا يسعني الحديث عنها. لكنها دوما في الذاكرة وأثرها باق أينما نكون. هما لا يعلمان الاثر الباقي دوما في ذكرياتي ورؤيتي للمسرح من خلال العمل معهما، هما لا يدركان كيف كنت أتطلع يوميا الى اجتماعاتنا ونقاشاتنا وعملنا، وهما لا يعلمان كيف كنت استمد منهما الجمال المسرحي بما يحملانه من قيم مسرحية مهمة لمسرحنا.

نحن الثلاثة مختلفون برؤانا المسرحية والثقافية والفكرية، متحدون ومجتمعون عند عهد واحد عهد المسرح وتشاكيل، كنا نناقش ونقترح ونتفق ونختلف ونمزح ونضحك ونقلق لنعود بثقة وفرح عند نتيحة واحدة أن تشاكيل شكّلت فينا الوانا من الصداقة والمحبة والهدف الواحد، نحن حتى في اختلافات وتنوع استيراجيتنا في العمل كنا ندرك يقينا أن حب المسرح هو السر في بقائنا معا ووحدتنا وقوتنا أمام كل اختلاف وكل عين تراقب فريقنا المتحد والمحب للمسرح ولتشاكيل. دون أن نشعر أصبح لتشاكيل ركنا خاصا في قلوبنا ومثالا حيا لنقاء المسرح الذي يجب أن يكون عليه كل مسرح عربي.

في أول تجربة لإعداد حلقة تشاكيل فوجئت بردود فعل مدهشة من عباس وابراهيم، تلك الملاحظات والآراء والنقاط، ذاك الدعم المعنوي الصادق، ذلك التواضع وتلك العفوية والبساطة منهما، ولا أنسى دوما ذاك العمق المسرحي في قلوبهم النابضة بالفن والنقاء، استقبلا تجربتي بكل رقي وجمال وتشجيع صادق نقي، لم أشعر معهما أني بعيدة عن النجاح، عباس وابراهيم تجمعهما صداقة مسرحية نقية وصادقة، صداقة ملؤها الصدق والعفوية صداقة عطرها حب المسرح. فهما لا يعملان من أجل شهرة أو تواجد إعلامي على الساحات، يخدمان المسرح في كل صوَرهِ وساحاته. هنا سر المسرح وسر النجاح في وسط مسرحي. خدمة المسرح بكل إيثار وصدق ووفاء وصبر هي أساس الوصول الى التميز المسرحي بينهما.

التحق بنا مؤخرا ثامر الحربي المثابر في سبيل المسرح دوما، للأسف لم تسنح لي الفرصة للعمل معه مباشرة ولكني متأكدة أن ضمه للفريق هو إضافة مهمة للفريق فله كل التوفيق والامنيات الصادقة في خطاه المسرحية دوما.

يقرر القدر أن تنتهي رحلتي مع تشاكيل. لكن حكايا تشاكيل كثيرة مليئة بذكريات جميلة عزيزة أحملها معي بكل حب ووفاء. في شهر فبراير يكمل برنامج البودكاست تشاكيل عامه الأول بكل نجاح وتميز. كل عام وتشاكيل بتألق دائم في خدمة المسرح ومحبي المسرح من فنانيين وجمهور وأكادميين وطلاب.

هو فخر لي وفرح ان أكون ضمن فريق تشاكيل، فَسِرُّ نجاح عملنا كفريق هو صدق الغاية والهدف وصدق العمل وصدق القلوب التي نحملها تجاه تشاكيل والمسرح، السر في تميزنا كفريق هو صدقنا تجاه الآخر، محبتنا وصداقتنا النقية ووحدتنا الصامدة أمام كل الصعوبات والاختلافات وفرحة قلوبنا أمام نجاح الحلقات ونجاح تشاكيل. شهدت ُ في تشاكيل ألواناً من الصداقة والمحبة والانسانية أحملها معي بكل امتنان ومحبة لفريق مدهش لن يتكرر.
الصديقان المدهشان عباس الحايك وإبراهيم الحارثي شكراً لكما من القلب والروح …دمتما لمسرح نقي يشهد لكما وبكما جمال الفن والمسرح.

للاستماع لحلقات البودكاست على الساوندكلاود:

بودكاست تشاكيل | Free Listening on SoundCloud

ولمشاهدة الحلقات على اليوتيوب

#بودكاست_تشاكيل المسرحي اللبناني عبيدو باشا (الحلقة1) – YouTube

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.