جيلٌ يُخَلّد وجيلٌ يحتضر

0 278

وسام سباهي – العراق

الصراع بينَ النوع الشعري والكم الشعري أفرزَ جيلًا سابقًا منتصرًا في فترتهِ الزمنية التي عاشها، وامتدت مسافاتُهِ الطولية من خلال نهضة الفن والموسيقى واقتناء الألحان التي كانت بمثابة مومياء حافظت على جسد النص من التفسّخ.

بالرغم من قلة عدد ذلك الجيل، وكثرة اللوحات الجمالية التي يحتويها النص الواحد، والأكثر من ذلك هوَ نوع الحقبة الزمنية والسياسية والتوجهات، وتنوع وتعدد الثقافات والاختلاط والتلاقح الفكري فيما سلف، والعمل بجديّة على إيصال صوت النص من خلال النوافذ الضيقة جدًا؛  فإن جهودهم الكبيرة  بعددهم القليل تكللت بنجاحٍ واضح. إلى ذلك، فإنّ الجميع من الجيل الحالي والأسبق مرحليًا لا يعي الفرق بين الحداثة والحداثوية والسياقات الروتينية في كتابة النص الحديث، مع الإسفاف في الطرح وتسفيه المضمون من خلال رداءة النصوص المستنسخة من الجيل الذهبي؛ الجيل الذي أزاح الستار عن النص وجمال السريالية والرمزية التي دثرتها النصوص المُعسكرة في فترات الحروب التي توالت بعد فترة السبعينات. والجدير بالذكر أن الصوت الغنائي، واللحن المواكب لذلك الجيل، كان بوابة لتصدير النص بفكرته وإحساسه وعقيدته ومضمونه، وبالأبعاد النفسية والسياسية والاجتماعية التي كانت مقترنات مع بعضها في تلك الفترة.

الحديث عن الجيل الذهبي هوَ حديث عن جيل واكب النص ولم يواكب الفترات الزمنية السالفة، ولم يتعكّز على روحية وموضوع ومفاهيم الجيل السبعيني السابق لكنّهُ خلقَ روحًا من روحٍ أخرى، واستطاع أن يستمر بإيجاد المساحات الذهنية لتلقّي نتاجاته من خلال صنع متلقٍّ يستطيع تحليل وتفكيك الجملة المعقّدة وتأويلها إلى حيثُ يشاء الكاتب.

ولا يخفى على الجميع صعوبة المرحلة التي تمّخضت منها هذهِ التجارب التي عاصرت كلًا من عصر السقوط وعصر النهضة بثقافات السوشل الميديا التي شوّهت الكثير من المفاهيم والأسس فسار عليها – بعد تشوّهها- الكثير من شخوص النص الحديث (نص السوشل ميديا)، واختيارهم الطُرق السريعة للوصول إلى الأذواق الرديئة. ذلك جعل المنافسة تنحصر بين الرديء والرديء وأقصت ما هوَ جيّد من جمال الشعر ورصانته؛ وهذا من أهم الأسبابِ التي حاولت وتحاول قتل روح النص.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.