دور النشر وتحديات المشاركة

جدل - الناشر العربي

0 529

محمد سيف الرحبي – دار بيت الغشام – عُمان

الدافع للمشاركة

يوماً بعد آخر، تبدو معارض الكتاب في عالمنا العربي محفزة على الإحباط بدلاً من أن تدفع دور النشر للمشاركة. الحافز الوحيد الذي بقي هو رغبة الناشرين في تأكيد أنهم ما زالوا أحياء، ومحافظين على ما تبقى من أمل في أن الكتاب باقٍ، رغم كل التحديات والظروف. بالنسبة لنا، فإن قرار المشاركة في المعارض الخارجية مرده فقط إلى التأكيد، أمام الكتّاب الذين ينشرون معنا، أننا نشارك في معارض خارج البلاد أيضاً، لإرضاء غرورهم، على الأقل؛ وبأن هناك من يقبل على شراء الكتب في تلك المعارض بكثافة مما يجعلنا نبدو أننا لا نعود خاسرين، بينما الحقيقة هي أن العودة بالخسارة غالباً، إذا احتسبنا قيمة الكتب الأصلية مع حسابات كلفة الإيجارات والمصاريف المعروفة لدى كل ناشر.

أختلاط الأهداف

الفعاليات المصاحبة جيدة لو أنها تحتفي بالكتاب، وتحرص على تقديم الكتاب الذي يحمل المعرض اسمه، لكن نجدها فرصة للمؤسسة المنظمة لتقديم أنشطة ثقافية تؤكد نجاحها، وكأنها في سباق لتحقيق الأرقام القياسية في عدد الفعاليات، كما هو حرصها على رقم أعداد دور النشر. الأغرب هو مزاحمة المؤسسات الرسمية بأجنحة فاخرة وفي الواجهة، مع أن المعرض ليس لاستعراض إصدارات الوزارات والمؤسسات الحكومية، بل للكتاب المحسوب على الفكر والأدب، وهكذا ينالون الحظوة بالظهور لأن الكلفة المدفوعة من المال العام.

فعاليات موسيقية، وورش في الرسم، وأخرى تعليمية للأطفال، فاختلط الهدف الأساسي مع أخرى لها مواقعها التي تحتفي بها، كما هو حال معرض مسقط للكتاب الذي يكرم كل عام مبدعين محسوبين على الفن التشكيلي والمسرح، متناسياً أنه معرض للكتاب، وليس مناسبة ثقافية عامة.

المكان بين تراجع الشراء ونشاط الرقيب

الرقابة أصبحت هماً. كنا في مسقط الأفضل في المنطقة من حيث انسحاب الرقيب قليلاً، وهذا بشهادة الناشرين، لكنه منذ عامين هجم علينا بشراسة. صرنا نسأل أنفسنا هل ستتم الموافقة على هذا الكتاب، أم نرفض طباعته ونشره. في الآونة الأخيرة، برزت موضة جديدة هي سحب الكتب بما فيها التي وافقوا عليها، تلك القادمة من دور النشر الخارجية، أو حتى العابرة لمكاتبهم.

وهكذا، فإن النظر في العناوين؛ أتناسب مكان انعقاد المعرض أو لا تناسب؛ هي أولوية لدى الناشرين. الأمور تتجه نحو الأسوأ في العواصم الخليجية على الأقل، حيث أن عدم قبول اسم مؤلف يدفع لطلب سحب كتبه من القائمة المرسلة للمعرض، حتى وإن كان الكتاب لا يثير غضب الرقيب أو كدره على الأقل!!

مكان المعرض يعني أن تأتي الأسئلة: ماذا يناسب لهناك؟ وماذا لا يعجبهم؟ وماذا يمكن أن لا يثير غضباً أو عتباً؟ مع أن مشاركاتنا الخارجية ليست كالتي يقوم بها الرفاق في دور النشر الأخرى، فإنا نلاحظ المعاناة التي تكون على وجوههم في كل معرض؛ تراجع الشراء في مقابل نشاط الرقيب. هذا يحدث بالطبع في زمن السماوات المفتوحة، بحيث أنه يمكن إيجاد العذر للقاريء في تراجع نشاطه الشرائي، لكن ماذا عن الرقيب الذي يوقن بأن الكتاب الذي يصادره يعني أنه وقّع إعلاناً دعائياً لذلك الكتاب، وأن الطلب عليه سيزداد.

التعويض بالتقرب إلى اللجان

بعض دور النشر محظوظة من خلال علاقاتها بالمسسؤولين الحكوميين في دول الخليج. هؤلاء يعّوضون أي خسارة بفاتورة شراء واحدة؛ لذلك نلاحظ الحيوية لدى الناشرين للوصول إلى لجنة الشراء الرسمية (أو اللجان) للمرور على أجنحتهم. مرورهم يعني البركة المنتظرة، والسخاء الخليجي القادر على ضخ الحياة في دور النشر العربية، وهذا ما يبقي أكثرها حية إلى الآن، ولولاه لأغلقت أبواب، وللأسف.

بعض الناشرين انتبهوا مبكرا ماذا يريد القاريء، الروايات المترجمة والكتب الإشكالية، وتلك التي لها علاقة بالتنمية البشرية والأطفال، وبالطبع مع الكتب التعليمية في هذا الجانب، وهذه تستطيع إقناع لجان الشراء أكثر.

للتواصل مع الدار:

 

 موقع دار بيت الغشام على الويب (مجلة التكوين)

 حساب دار بيت الغشام على الفيسبوك

حساب دار بيت الغشام على تويتر

 حساب دار بيت الغشام على الانستغرام

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.