غياب الدعم وارتفاع التكلفة ومواجهة القرصنة

جدل - الناشر العربي

0 426

شريف الليث – دار تويا – مصر

أزمة السوق المقرصن ورسوم المشاركة

ربما يعتبر أهم تحدي للناشر العربي حالياً هو أزمة التزوير، أو سوق النشر المقرصن المنتشرة بشكل كبير في كل الدول العربية – على ما أعتقد – بلا استثناء. مؤخراً اكتشفت وجود (فرشات كتب)، أمام بعض فروع “مكتبة جرير” – أحد أهم المكتبات السعودية – تبيع كتباً مقلدة، وكان هذا الشيء قاسٍ جداً. للأسف، توجد سوق الكتب المزورة حتى في البعض التي لم نكن نتوقعها مثل الإمارات والكويت، وكذلك في الأردن منتشرة بها التزوير بشكل بشع. يعتبر هذا أهم تحدي، فالكتاب حين يكون مقلداً ومتوفراً بسعر رخيص؛ يعيق المشاركين سواء القادمين من خارج مصر أو الناشرين المصرين، وهذا ينطبق على أي معرض آخر. توفر الكتب بأسعار أقل بكثير مما يعرضه المشاركون المعارض – أصحاب الحقوق الشرعيين – يهدد مشاركتهم فيها. بالإضافة إلى ذلك، هناك التحديات المستمرة والدائمة طيلة الوقت، دون تحسن وضعها. يمكننا أن نذكر منها أزمة الانتقال وتكاليف الشحن (ذهاباً، وفي أحيان كثيرة عودةً)، إلى جانب الرسوم المدفوعة من قبل الناشر للمشاركة في المعارض حيث أن بعض المعارض ذات السمعة العالية تبالغ في قيمة هذه الرسوم. قد شهدنا بعضها بدأ مجاناً بدون أي رسوم خلال دوراته الأولى، مثل معرض أبوظبي إلى أن استطاع أن يكوّن سمعة جيدة، ويكسب ثقة الناشرين والرواد معاً، لترتفع بعدها رسوم المشاركة بشكل كبير. أعتقد التكلفة بشكل عام مبالغ فيها. لو أردنا قياسها بالنسبة لمعرض خاص للكتاب، فيتم تحميل الرسوم لتغطية بعض التكاليف مثل: تكلفة توفير المكان وتجهيزه باختلاف طبيعته إن كان أساساً مخصصاً للمعارض أو المؤتمرات؛ وتكلفة الدعاية والإعلان والتسويق وتكاليف أخرى يتطلبه تننفيذ هذا الحدث؛ ويتزامن ذلك مع غياب الدعم في الدول العربية الذي يعتبر عاملاً مؤثراً. بالرغم من هذا الحدث يستفيد منه قطاع كثير من المشاركين فيه، إلا أن الناشر هو أقلهم ربحية، هذه المشكلة يمكن تخطيها لو كان الدعم الحكومي لهذا الحدث موجوداً.

حالة متكاملة

أنا مع الفعاليات الثقافية والإعلامية والفنية، بكل اشكالها. أرى الفن والثقافة والكتاب موصولة بعضها بالبعض، وذلك ليس حديثاً فقط، وبنيها جميعاً ارتباط وثيق. أنا لم أعرض الموضوع من جميع زواياه أو جوانبه، إلا أن ثلاثتها في النهاية تصب في قالب واحد. لذا أنا لست ضدها؛ لأنها تؤدي إلى نتائج إيجابية، فهي حالة متكاملة. كان لي شرف المشاركة مع اللجنة المنظمة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، وكنا قريبين منها وبالمساهمة بدور في تنظيم بعض الفعاليات الثقافية والفنية على هامش المعرض، وشكل ذلك إضافة كبيرة.

الابتعاد عن أذى الرقابة

تشهد الفترة الأخيرة، في مصر بالخصوص دون التطرق إلى خارجها، توجهاً عاماً يتخذ بعض النقاط المتعلقة بالسياسة والدين والجنس (المثلث الدائم) لاستحضار الرقابة. الرقابة حاضرة وبشدة لأي موضوع تعتقد أنه مرتبطة بهذا المثلث، كما شهدنا الفترة الماضية مصادرة لكتب كثيرة، كما رأينا (حبس) بعض الزملاء الناشرين والتهمة هي (كتاب). إذاً، الرقابة موجودة لدرجة قد تدفعنا للتدخل أحياناً لمراجعة بعض النصوص؛ لاحتوائها على ما قد يتسبب في أذىً، أو مساءلة قانونية، أو توجيه تهم جنائية؛ في محاولة للابتعاد عنها في ظل الظروف الصعبة حالياً.

عامل القوة الشرائية

بالتأكيد كل معرض له ظروفه و(طقوسه) المختلفة. مع ذلك، يبقى العامل الأول هو القوة الشرائية للبلد المستضيف للمعرض، بغض النظر عن تعداد السكان أو حجم هذا البلد. على سبيل المثال، قطر رغم أنها دولة صغيرة الحجم إلا القوة الشرائية بها كبيرة، ويأتي في هذا السياق دول مثل الكويت والإمارات والبحرين؛ هي دول ليست كبيرة جداً، لكن القوة الشرائية فيها تعادل دول أخرى يبلغ فيها تعداد السكان أضعافاً. ولعل ذلك ينطبق على نفس المعرض حين تغير موقعه، كما اتضح في معرض القاهرة. المعرض في دوراته القديمة، حين كان ينفذ في أرض المعارض بمدينة نصر، ورغم مساحته الضخمة، كان على الدوام مزدحماً للغاية لكن القوة الشرائية ضعيفة. على العكس منه، خلال الدورتين الأخيرتين، بعد انتقاله لمركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية بالتجمع الخامس، أعتقد أن عدد الزوار قلّ وأقتصر على بعض الفئات قوتها الشرائية أعلى. لذا، أعتقد أن هذا هو المعيار المحفز للمشاركة.

من ناحية أخرى، كل دولة لها قراؤها المختلفون من حيث الاهتمام والذائقة القرائية التي تميل إلى لون أدبي معين، تتباين عن قراء دول أخرى؛ فطبيعة المؤلفات التي نشارك بها في المعارض وعدد نسخها تبعاً لذلك.

الدعم الحكومي لتعزيز المكتبات الوطنية

ينبغي تسليط الضوء على توجه الحكومات المتمثل في الدعم والتنسيق فيما بينها. في السابق، وجد هذا الدور في تعزيز المكتبات العربية عبر رصد كل دولة ميزانية تضخها لهذا الغرض. منذ حوالي عشر سنوات، وبعد فترة الربيع العربي، هذه الميزانيات تقريباً انعدمت، وأعتقد أن دولة الإمارات ربما تكون الوحيدة المستمرة في فتح هذا الباب الذي غاب بإغلاقه بالكامل لدى البقية. أتنمى أعادة فتح هذا الباب، لنرى الكتب العربية موجودة في المكتبات المصرية مثل المكتبات العامة ومكتبات الهيئة العامة للكتاب. والعكس كذلك أتمنى عودة الكتاب المصري لبقية الدول العربية، حيث كانت، على سبيل المثال، مكتبة الملك فهد الوطنية مستورد قوي جداً للكتب المصرية لتعزيز أركانها.

 

 حساب دار تويا على الفيسبوك

 حساب دار تويا على تويتر

حساب دار تويا على الانستغرام

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.