جمانة القصاب، الروائية والشاعرة والفنانة
القراءة أعطتها القدرة على تنشيط المخيلة لتتجاوز العالم المادي
عباس الحايك – سماورد
قبل سنوات، تداول رواد التواصل الاجتماعي على الواتساب وتويتر وفيسبوك، مقطع فيديو لشاعرة شابة تلقي قصيدة، افتتن الناس بأسلوب إلقائها، بقصيدتها، فتداولوا الفيديو/ القصيدة. وكان الفيديو هو ما عرف الكثير على جمانة القصاب الشاعرة ربما، أو الروائية ربما أو المصممة ربما أو التشكيلية ربما. هي كل هذا، ففي الشعر لها تجربة حاضرة وضعتها ضمن التجربة الشعرية الشابة في البحرين، وفي السرد لها رواية حازت بها على جائزة الشيخ خالد بن حمد للروائيين الشباب الخليجية عن روايتها (الوحوش لا تموت)، وفي التشكيل والتصميم لها تجارب لكنها بعيدة عن متناول النشر.
كانت بداية جمانة مع الكتابة الأدبية، من المكتبة، والرغبة الدائمة في فهم كل كتبها، والولج إلى عوالمها، وتعتبر بدايتها الفعلية مع الكتابة عبر دروس الأستاذ عبد الجبار علي في مركز الموهوبين، بين السرد والشعر. أما التشكيل، فكانت علاقتها من خلال الدراسة الأكاديمية، فبعد ثلاث سنوات من دراسة الحقوق في الجامعة، نقلها الشغف إلى دراسة التصميم بعد افتتاح التخصص في الجامعة التي كانت تدرس فيها. فوجدت في التشكيل والتصميم والألوان، مساحة لما يتعذر على الكلمات قوله، كما عبرت. وعن دراسة الآداب وهي المشغولة بالكتابة، فإنها ترى أن دراسة الأدب يمكن أن تنفي الشغف بالكتابة، كونه سيكون تخصصاً وسيتحول لاحقاً لروتين وعادة.
ولأنها تكتب الشعر والسرد، فسألناها عن أثر الشعر في كتاباتها السردية فأجابت “أظن أن لكل منهما خصوصيته، في الحقيقة لم أدرس الأمر، ولكن أستطيع رؤية أثر السرد على الشعر، توجد دائمًا في جميع ما أحاوله (الحكاية)، وهي ما يحدد سيرَ الأشياء.. سردًا وشعرًا .. ربما أثر الشعر في كونِ السرد عندي يميل لأن يكونَ “مقروءًا” بصوتٍ عالٍ حين أركب جُملَه”، وعن أيهما أقرب لها، الشعر أم السرد، ترى جمانة أن السرد هو الأقرب، لأنه يسمح لها بأن تفكر وتبحث وتتعايش، فيما يندفع الشعر بشكل آخر، كنهر يبقي أصابعك مبللة وعطشة دون أن يحتوي أو يمسك -كما عبرت.
تغيب جمانة القصاب عن النشر، فنصوصها لا تنشر إلا لماماً، وتصميماتها غير حاضرة في شبكة الانترنت، هي لا تنشر لأنها دائماً ما تشعر بأن ما لديها لا يهم العالم، وتحبذ أن لا تكون مرئية، لاعتقادها بأن نتاجها الأدبي والبصري لم ينضج بعد، ولكونها تميل أكثر للعزلة، وتفضل أن لو بإمكانها أن تعبر بأقل أثر، لكن ذلك لم يحدث، فقد بان أثرها سريعاً. ورغم غيابها عن النشر فإن لها رأي في استسهال البعض في النشر على وسائل التواصل الاجتماعي والتي أتاحت الفرصة لكل من يكتب أن ينشر دون انضباط، وترى أن “الحياة ليست عادلة، وتساوي الولوج للنشر الآن متوقعٌ ومنطقي، أظن أن الغث والسمين كان وسيبقى موجودًا، الكل يستطيع أن يكتب والكل يستطيع أن ينشر ما دام له قارئ ما، وأعوّل على أن نضج الاشتغال يملك من الثقل ما يواجه به”، ولكنها تعتب على إبعاد الثقافةِ والتعليم الجيد “عن أطفالنا ومراهقينا، والمسافة الفكرية التي يحافظ عليها من يحسب كمتعاطٍ للثقافةِ.. إننا بحاجة لحرية على كافة المستويات ليكون للنتاج الأدبي والفكري والثقافي قيمة حقيقية.. وإلا فإننا لا نزال عالقين بعيدًا عما نكتب.. وعما نحلم”.
وعن علاقتها بالتصميم والفن التشكيلي تتحدث “علاقتي بالتصميم شائكة بعض الشيء ولكنها قدريّة/ حتميّة بسبب الظروف وسوق العمل، الرسم وسيلة تعبير أستلذّ بها، لكنني أعتبرها خطوة للمشروع الأهم.. أي النحت”، ومع كل هذه التجارب التي خاضتها على مستوى العمل الإبداعي، ترتبط جمانة القصاب بعلاقة عضوية مع مسرح الصواري بالبحرين، وهو من الفرق المهمة التي اتسمت باشتغالها التجريبي والنوعي، والتي قدمت للمسرح البحريني بل الخليجي أعمال مسرحية نوعية، تقول القصاب عن هذه الفرقة ” الصواري هو جهتي المخصصة للجنون، المكان الذي لا أشعر فيه بأنني نغمةٌ ناشزة، بل فكرة محتملة ضمن ضجيج الصواري وفوضاه، أدين كثيرًا ومرارًا للمسرحِ بالنجاة.. لأستاذيّ إبراهيم خلفان وعبد الله السعداوي هناك، وللأصدقاء اللذين يعرفون أنفسهم جيدًا”.
جمانة القصاب من الأصوات الشعرية الشابة في البحرين، انطلقت إلى عالم الكتابة عبر القراءة، فالقراءة وسيلة للهروب من المعتاد ومن رتابة العالم.. وعيش الحياة بطريقة مختلفة، والقراءة ذاتها أعطتها القدرة على تنشيط المخيلة لتتجاوز العالم المادي. من القراءة أبدعت شعراً وسرداً وفناً. وصارت مرئية على غير ما ابتغت.
للإطلاع على أحد نصوصها:
للتواصل مع جمانة القصاب: