سماورد
الدكتور نادر كاظم رفد المكتبة العربية بقائمة ليست بالقصيرة من الكتب، وراجع وأشرف وقدّم عددا من الكتب المترجمة والمجاميع البحثة بالإضافة إلى حضوره عبر العديد من البحوث والدراسات والمحاضرات. الجهد الجاد الذي يقوم به الدكتور نادر دور من الأدوار التي ينتظرها الكثير من هذا الجيل ممن يتلمسون طريقهم عبر البحث والتساؤل، ويتطلعون إلى عمليات الإصلاح الاجتماعي والسياسي، هذا الدور الذي وصفه الروائي السعودي مظاهر اللاجامي في أحد مقالاته أثناء تشخصيه للمثقف الناقد من أنه “يشارك حتمًا في عملية الإصلاح الاجتماعي، ولكنه ليس الإصلاح بالمعنى المتعارف عليه والذي يستهدف تحسين أحوال الناس المعيشية واليومية، بل الإصلاح الاجتماعي للمثقف ذو طبيعة ثقافية ومعرفية ونقدية حتمًا، لأن دور المثقف يتلخص في الدرجة الأولى في صياغة الوعي والفكر وإنتاج المعنى الذي لا ينفصم عن الفضاء الاجتماعي.”
القارئ للدراسات النقدية في المجال الاجتماعي والسياسي للدكتور نادر كاظم، القادم من خليفة النقد الأدبي قبل انتقاله للاشتغال في النقد الثقافي، سيبدو له جليا المهارة في تطويع الأدوات الأكاديمية الحاضرة بقوة في كتاباته، إضافة إلى الاستناد إلى العمل الاستقصائي الجاد والمقرون بعمليات التحليل المتأني والنقاش المستفيض للمفاهيم وتطورها والتاريخ (ذاكرة وأرشيفا)، والتقصي النظري والميداني، ليخرج بنتاج متين ولكنه في الوقت نفسه سهل التلقي. القوة والمتانة في الطرح والسهولة في التلقي لم تمنع تفاوت التجاوب مع هذه الكتابات خصوصا تلك المرتبطة بقضايا جوهرية يظن الكثيرون أنها ضمن المسلمات القارة التي لا تستلزم نقاشا؛ وهذا التفاوت في التلقي إحدى ميزاتها. غير أن هذا التفاوت يلتقي في نقطة أن هذه القضايا والمفاهيم ستبدو بعد قراءتها في نتاج الدكتور نادر غير ما كانت قبلها، وتلك ميزة أخرى، ومن أمثلة ذلك ما ذكره أحد القراء من أنه لم يكتشف العنصرية في نفسه وممارسته لها إلا بعد قراءة كتاب (تمثيلات الآخر: صورة السود في المتخيل العربي الوسيط). ميزة ثالثة من المزايا التي يخرج منها القارئ لهذا النتاج، ولا تقل فرادة عن سواها، قدرته إبقاء حالة التشبث بالحلم والأمل وعدم إلغائهما رغم كشفه ما يعتريهما من أعراض بواقعية قد تكون قاسية ومؤلمة بعض الأحيان.
هنا، يحضر الدكتور نادر كاظم في وجوه سماورد عبر شهادتين: الأولى من الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد تشرفنا باستلامها مشفوعة برسالة موجزة قال فيها: “هذه مساهمتي عن المفكر نادر كاظم، ليست طويلة ولكن فيها كل محبتي”؛ الأخرى من الشاعر البحريني جاسم الحاجي أحد القريبين انسانيا للدكتور نادر، الذي قال هو الآخر عن مساهمته: “قليل في حق صاحبي نادر”. ويحضر، أيضا، عبر مطالعتين لمجموعة من كتبه: الأولى للكاتبة الأردنية ناديا محمد ياسين، والأخرى للكاتب السعودي أثير السادة. إلى جانب ذلك، تضع سماورد مقتطفات من كتابات الدكتور نادر عبارة عن فقرات مختارة، كما تستعيد حوارًا أجرته معه في شهر فبراير من العام 2021.