علي حسين ميرزا العالق بين المسرح والفن التشكيلي

0 563

عباس الحايك – سماورد

يعرف علي حسين ميرزا بأنه فنّان تشكيليّ بحريني شاب، شاركَ في العديد من المعارض التّشكيليّة داخل وخارج البحرين، يميل في تجاربه للعمل التركيبي والتجريب المستمر على موضوعاته وخاماته. مع هذا هو مسرحي أيضاً، شارك في تصميم وتنفيذ ديكور العديد من العروض المسرحية، خاصة وأنه خريج المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت تخصص ديكور مسرحي في العام 2010. سألنا علي ميرزا الذي ولد في 1987م، لماذا اختار دراسة المسرح رغم شغفه بالفنون التشكيلية، فكان رده: ” ربما القدر ساقني في نهاية المرحلة الثانوية لعالم المسرح واكتشفته عن قرب، كان حلمي حينها ان أدرس الفنون الجميلة لكن الظروف حينها لم تسمح و لم يكن متاحا هذا التخصص بالبحرين فكان خيار دراسة المسرح وتحديداً الديكور خيارا قريبا وممكنا وليس بعيداً عن التشكيل بشكل كبير واعتقد بأنه كان اضافة مهمة لموهبتي في الرسم، واخذني للبقعة الاهم في تجربتي وهي الفن التركيبي او المفاهيمي”.

له تجارب عديدة شاهدها متابعو المعارض، فقد قدم عدة تجارب تنحو جهة التجريب أو الفن التركيبي أو المفاهيمي، وله فلسفة خاصة لهذا الفن يعبر عنها هنا: “يعتبر العمل التّركيبيّ لدي خلقٌ موازٍ لفكرة الخروج عن خشبة المسرح، والاستغناء عن كلّ إمكانيّاتها، حيث يستبدلُ الممثّل بالمتفرّج الذي يكون هو أيضًا جزءًا من العملِ الفنّيّ في كثيرٍ من الأحيان. فالعالم المفاهيمي مساحة للتعبير عن الكثير من القضايا التي لا يمكن ان تقال باللوحة التشكيلية. وهنا تحديدًا أجد نفسي، عالقًا في المساحةِ ما بين العالمين: عالم الفنّ التّشكيليّ وعالم المسرح”. سألناه عن تقبل الناس لتجاربه، أو لتجارب غيره من الفنانين الذين يقدمون أعمالهم المفاهيمية أو التركيبية، هل يتقبل الناس هذا النوع من الفن الغريب والخارج عن السائد، يقول: “من الطبيعي ان لا يكون هناك قبول بشكل كبير لهذا النوع من الطرح فهو قليل نسبياً ولم يعتد المتلقي عليه، في منطقتنا انتشر في مطلع او منتصف التسعينات فقط وكان عدد محدود جداً من الفنانين توجهوا له في منطقتنا وبطبيعة الحال فانه طرح جديد ولا بد من انه سيلقي هذا الكم من الرفض ليس من المتلقي فقط وانما حتى من بعض الفنانين التقليديين أو الكلاسيكيين ان صح القول، وبالنسبة لي فهذا الطرح ليس مهماً اين وماذا أصنفه فالكثير يقف عند المسمى والتصنيف ما اذا كان فناً او لا وهذه ليست قضية على ما اعتقد”.

ما بين المسرح والفنون التشكيلية وجد ضالته، حيث يعبر عن تلك العلاقة بينهما بأنها “خلقٌ موازٍ لفكرة الخروج عن خشبة المسرح، والاستغناء عن كلّ إمكانيّاتها، حيث يستبدلُ الممثّل بالمتفرّج الذي يكون هو أيضًا جزءًا من العملِ الفنّيّ في كثيرٍ من الأحيان. وهنا تحديدًا يجدُ الفنّان نفسه، عالقًا في المساحةِ ما بين العالمين: عالم الفنّ التّشكيليّ وعالم المسرح”.

ينشط المسرح البحريني ضمن فرق أسست حراكه وهي من يغذيه بالعروض المسرحية والتجارب، ومن هذه الفرق فرقة مسرح الصواري التي أسست في العام 1991  كثالث فرقة مسرحية أهلية في البحرين، وكان الطابع التجريبي في المسرح هو هاجس الفرقة الذي تأسست عليه، فبعد تخرجه من الكويت، كان اشتغاله الأول في المسرح مع الصواري وتحديداً بدأ بمسرحية  مع المعلم عبدالله السعداوي “والمعلوم أن تجربة السعداوي تعتمد بشكل كبير على الجسد وأي شي آخر ليس ذا أهمية كبيرة بالنسبة له بما فيها الديكور والازياء ربما هذا هو التوجه العام لهذه الفرقة المسرحية، وفعلياً أنا لست عضواً رسمياً فيها ولا في أي فرقة اخرى ولكن اجد  نفسي انتمي لها كفرقة وافضل العمل معها ربما لمحبتي وتعلقي بالناحية التجريبية والمتجددة في الفن بشكل عام، ولنقل اللعب بالجسد والايماءات كان ولا يزال هو المحرك لي في التشكيل و مجرد الحضور لإحدى بروفات السعداوي كفيل بتحريك المخيلة التشكيلي لدي”.

المسرح والتشكيل لا ينفكان كفنين يغذيان بعضهما بعضاً، حيث يجيب علي ميرزا عن سؤالنا حول رؤيته لعلاقة المسرح بالتشكيل بأن “المسرح يعتمد على بناء الصورة من خلال كل العناصر المتاحة من الجسد وحتى اصغر قطعة اكسسوار وتلعب الإضاءة الدور الأكبر فيه وكذلك في التشكيل اذ يلعب الرسام دور المخرج ربما لتوزيع الكتل والعناصر والألوان على القماش، والرسام اذا كان ملما بالتشكيل يمكن ان يكون عنصرا مساعدا يعي اللعبة المسرحية لذلك تجد المخرج المسرحي عندما يكون فناناً تشكيلياً ترى كل عناصر العرض تأخذ حقها ويكون هناك عرض مسرحي متكامل كما في حالة الفنان البولندي تادووتش كانتور“.

في أغلب لوحاته التشكيلية، حضور إنساني، فلا تخلو لوحاته من بشر، ومن يراهم يحسب أنهم ممثلون، وكل لوحة حكاية، أو كأننا نشاهد عرضاً مسرحياً. يجيب عن تساؤلنا حول الحضور الإنساني في لوحاته: “كتبت سابقًا في افتتاحية احدى المعارض التشكيلية فقرة ربما تلخص الإجابة، اذ ذكرت ان هذه التجربة هي مجرد محاولة لخلق حالة من التواصل في إطار اللوحة أجرب هذه المساحة مكانًا للتعبير من خلال إيماء الجسد. لا أعرف ما الذي ساقني لاتخاذ الجسد .. هي حالة اشتغال مستمرة على مدى سنوات، ربما لأن الجسد هو اللغة الإنسانية المشتركة والأرجح أن لدخولي في عالم المسرح أثرٌ كبير في ذلك”، ويضيف في إجابته “في هذه المرحلة التي أعيشها أؤمنُ بأن وجود الجسد الإنساني ضرورة في العمل الفني، فلا يمكن لخشبة الحياة أن تكون بلا ممثلين”، وهو لا يرى أنها القناعة التي لا تتغير ولا تتبدل “فقد يأتي يوم أصل لقناعة فيه بأن الاستغناء عن الجسد في اللوحةِ.. ممكن، حينها سأتخلص من الممثلين..لتبقى الخشبة خالية الا من أثرهم”.

توجّه علي ميرزا بعد مسيرته التّعليميّة نحو عالم الطّفل، إذ قدّم العديد من الورش والفعاليّات التي تهتمّ بفنّ الأطفال، حيث قاده مشروع التخرج الى هذا العالم، اذ كان حول مسرح الطفل، حيث حصل على امتياز عن مشروعه، ويحكي عن علاقته بعالم الطفل الذي لم يعمل فيه سابقاً “الصدفة قادتني في ٢٠١١ للمشاركة في اقامة ورشة رسم للأطفال ومنذ ذلك الوقت وأنا أقدم ورشا بشكل مستمر فقد اكتشفت أن فن الطفل هو أهم مصدر للفنان التشكيلي على ما اعتقد ليتعلم الجرأة والعفوية وحتى كيفية اختيار مواضيع الرسم”.

حصدَ الفنّان علي ميرزا خلال اشتغالاته على عددٍ من الجوائز، تكريمًا لأعماله ومشاركاته في مجاليّ التّشكيل والمسرح، وقد نال مؤخرًا جائزة الدانة عن مشاركته في المعرض السنوي للفنون التشكيلية في النسخة 44، ولا يتفق مع من يرى أن الفن التشكيلي هو فن نخبوي وليس فناً شعبيا، حيث يعتقد “أن أي تصنيف للفن وخصوصاً التشكيل لا يندرج في هذه الخانة، ربما من ناحية الاقتناء نعم فهو لمن هو مهتم ويملك المال ولكن الفرجة متاحة للكل، فحين يقام معرض وخصوصاً في منطقتنا لا يتم مثلاً احتساب تذاكر للدخول والتفرج ولا يمنع أحد من الحضور. فما أعنيه انه لو كان هناك تصنيف او تقصير فهو مشكلة قد لا تخص الفنان عندما تخرج اللوحة من مرسمه لأي جهة فتبقى قضية تخص دور العرض ربما الذي يستهدفون جمهور معين ومشكلة مجتمعية أو فردية لها علاقة بالثقافة والاطلاع وهذا ليس حكراً على فئة دون أخرى”.

لمتابعة أعماله على الانستغرام:

Ali H Merza (@ali4artgallery) • Instagram photos and videos

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.