مريم الشملاوي تتضامن مع المرأة عبر تعبيرية الفن التشكيلي

الشملاوي: اللوحة هي مرآة لروح الفنان ومقياس لعمق فكره

0 355

عباس أحمد الحايك – سماورد

فنانة تشكيلية اختارت اسلوبها الخاص الذي ميزها، ميز لوحاتها التي تحتفي بالمرأة، بقضاياها، بألوان صريحة وبلا مواربة، مريم الشملاوي ابنة القطيف شرق المملكة العربية السعودية، التي لم تدرس الفن التشكيلي أكاديميا، بل درست الفيزياء والإدارة ولكنها طورت إمكاناتها التشكيلية عبر الدورات، تقول عن بدايتها “لا أذكر أبداً متى بدأت، بل لا يكاد يذكرني من حولي إلا وأنا أرسم منذ مسكت يداي قلما وورقة”، كانت خربشات طفلة كما وصفتها، ولاحقا طريقة تعبير مراهقة، لكن الانتباه لهذه الموهبة جاء لاحقا، حين انتهت من الدراسة الأكاديمية، حيث أدركت أنها تمتلك موهبة، وأن بداخلها بذرة فنانة تشكيلية تحتاج سقيا لتنمو. فسقت هذه البذرة بالدورات التأهيلية في الفن التشكيلي والتي ساهمت في أن تضعها على العتبة الأولى في عالم الفن التشكيلي والمعارض الجماعية.

سألتها من اكتشف موهبتك، وكيف؟، فأجابت “داعمي ومشجعي الأول هو والدي لروحه السلام والرحمة، فقد أخد بيدي منذ صغري بكل كلمات الدعم ومشاعر الثقة بموهبتي وبكل ما أحتاجه كطفلة مُمارسة للفن من أدوات فنية وكلمات مشجعة، فكانت ثقته بموهبتي بمثابة نور لطريقي لأثق بنفسي ولأستمر في طريق الفن حباً وشغفاً”، الأب، الأم، متى ما آمنوا بأطفالهم، سيملك الأطفال كل ثقة العالم، والأجمل، أن يكون من حولهم من أصدقاء وأهل يحملون ذات الإيمان، وهذا ما كانت عليه عائلة الشملاوي “الحمد لله إذ حباني بعائلة داعمة آمنت بموهبتي فدعمتني، وتبنت موهبتي تشجيعا ودعما واحتفاء بي و بنتاجي الفني، فأنا أحيا في كنف عائلة محبة للفن متذوقة له داعمة لي طوال الطريق”. لم تتخصص مريم الشملاوي أكاديميا في الفن التشكيلي، بل درست الفيزياء ثم إدارة الأعمال، وأثناء دراستها الأكاديمية كانت تمارس الفن كموهبة، حيث ترى وتؤمن بأن الفن ليس حرفة، وليس المجال الذي سيفتح لها مجالات العمل، فأن تؤمن لها مستقبلا وظيفيا، يعينها على ممارسة هذه الهواية، ويعطيها مساحات أكثر حرية للإبداع، فـ “الفنان الناجح يجب أن يثري جعبته الفنية ويغدي الفنان بداخله ليدير فنه كموضوع ولون وتكوين وكحضور أيضا  في ساحة الفن، وسبل الاطلاع والتثقيف والتغذية البصرية اليوم كثيرة، فمن لم تتح له فرصة الدراسة الأكاديمية للفن، يمكنه طرق العديد من الأبواب لتطوير رؤيته الفنية وأدواته ولتثقيف نفسه، وهذا سينعكس وبلا شك على مستوى نتاجه الفني”، وتؤمن أن “اللوحة هي مرآة لروح الفنان ومقياس لعمق فكره”، ولكنها تؤكد لو أن الزمن يعود بها فإنها ستدرس الفن خاصة وأنها تلحظ الاهتمام الواضح بالفن التشكيلي في الوقت الحاضر، اجتماعيا ورسميا أيضاً.

اختارت الفنانة مريم الشملاوي المدرسة التعبيرية في لوحاتها، سألتها لماذا هذه المدرسة، ما الذي ميزها عن غيرها من مدارس، فأجابت “هي أداتي للتعبير عن دواخلي وعن تلك المشاعر التي أعجز عن شرحها كلمة ونصاُ، هي تعبر عني كامرأة لوناً وريشة وعن المشاعر والعواطف والحالات الذهنية التي تثيرها الأشياء أو الأحداث في نفسي كفنانة وامرأة لأنطلق ببوح فرشاتي لأعبر عن دواخلي ولأصبغ بلوني على بياض الكانفاس ألوان أحلامي وتطلعاتي”، وعن تركيزها على المرأة التي صارت الثيمة الاساس لكل لوحاتها، تقول “المرأة عنصر أساسي سائد في لوحاتي ولكنني حينما أرسم المرأة لا أرسمها كملامح جميلة، إنما أرسمها كحالة شعورية للتعبير عن ذاتها الداخلية وأرسم كينونتها كأنثى فأتلمس المشاعر وأخاطب إحساس المتلقي  بملامح المرأة”، وتكمل حول غياب جسد المرأة والتركيز أكثر على وجهها وملامحها “وجه  المرأة في لوحاتي ليس ملامح وحسب بل هو بوابة الشعور للتعبير عن دواخلي بأسلوب يشعر فيه المتلقي بالتماهي مع اللوحة شعوراً وحساً، فتصله الفكرة والرسالة، وكأنني أعبر عن احساسه واحساسي عبر ملامح وجه المرأة”.

بعد مشاركات جماعية عدة، نظمت بالتعاون مع فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام معرضها الشخصي الأول (المنيفات)، سالتها عن معنى الاسم، ولماذا اختارته، فكانت إجابتها “كلمة (منيفة) تعني المُرْتَفِعٌة، الشَامِخٌة، كَامِلَةُ الأَوْصَافِ، تَامَّةُ الطُّولِ وَالْحُسْنِ، ولطالما قرن الشعراء هذا الوصف  بالجبال فيقال: جبال منيفات  كدلالة على الشموخ والرفعة، تماماً كالمرأة التي تحضر كعنصر أساسي في بياض لوحاتي بملامحها الحادة والقوية والحنونة في الوقت نفسه، تلك الملامح التي تجسد وتعكس صبرها وأحلامها وعزمها وإصرارها وشموخها سعياً للوصول للرفعة والمكانة التي تستحقها. النساء في لوحاتي ليس لهن شبيه إلا الجبال المنيفات، شامخات وطموحهن القمة.. تماماً كنساء وطني!”، سألتها إذا كانت صفات المنيفات عي صفات المرأة المكتملة التي تعلن تضامنها مع قضاياها عبر لوحاتها، فنفت أن القصد أن يكون الشكل هو ما تقصده، بل أنها ترسم كمال وجمال الشعور لا الجسد والوجه، “أصور في (المنيفات) تعددية الأدوار وذلك الفيض من الأحاسيس التي تتملك المرأة حباً وحناناً وطموحاً وقوة ليمزجن كل فعل لهن أو ردة فعل بمشاعر رقيقة وينثرن سحر إحساسهن على جمال أدوارهن الحياتية. تلك الابنة الحانية والأم المتفانية والزوجة المعطاءة والقائدة الطموحة المنيفة. فكل دور تعيشه المرأة تنثر عليه عبيراً من عطر احساسها.. ذلك هو الجمال والكمال الذي أرسمه بفرشاتي”.

من معرضها المنيفات
من معرضها المنيفات

ترى مريم الشملاوي أن الفنان يجب ألا يتوقف عن المشاركة في المعارض المشتركة أو الجماعية طوال مسيرته الفنية، فالمعارض الجماعية تتيح للفنان التعرف على تجارب الاخرين وتبادل الخبرات الفنية والانفتاح على الاساليب الفنية والتعرف على التقنيات الحديثة وتطوير لذائقة الفنانين والتعرف على مختلف التوجهات الفنية، سالتها عن الذكاء الصناعي، كيف ترى كفنانة تشكيلية ما يقال عن أنه سيحل محل الرسامين، والكتاب، والمصممين. فهل تخشى على الرسم والفن التشكيلي الدي يبدع فيه الإنسان من هذا الابتكارات الجديدة؟، فكانت وجهة نظرها “قد تتفوق الآلة في التصميم الفني بكفاءة عالية تفوق العقل البشرى وقدرتنا كفنانين من ناحية الدقة واللون والوقت لينتج الذكاء الصناعي لوحات آلية تنافس المبدعين إلا أننا وبلا شك لن نشهد أبداً اللحظة التي يموت فيها الفن والفنان أمام أعيننا. فما يميز الفنان البشري عن الآلة هو وببساطة أنه (إنسان) مزيج من شعور يحرك مداد فرشاته، والشعور ينتقل من روح الفنان إلى روح اخرى، فإبداعات الفنانين الملهمين بما يمتلكونه من خيال وإلهام وإحساس ومشاعر تجعلهم مؤهلين لمخاطبة حواسنا وشعورنا، والولوج لمناطق شعورية وجمالية في دواخلنا. الفن هو حديث الروح للروح بلغة الفرشاة واللون”.

الفن التشكيلي ما زال فنا (نخبوياً) لم يصل لأن يكون فنا شعبيا، ولم نصل لمرحلة أن نرى كل الشرائح الاجتماعية تقبل على حضور المعارض التشكيلية، فكيف ترى الشملاوي تقبل الناس لهذا الفن، تجيب: “الفن التشكيلي شكل من أشكال الثقافة، وازدياد إقبال المجتمع عليه وتذوقهم له هو دليل على نمو الحس الجمالي والثقافي المجتمعي، ولا يخفى علينا أن الفن هو وسيلة مهمة في تكوين وعي الإنسان بالقضايا من حوله، والمتذوق اليوم يعي تماماً أن الشعوب لا ترتقي إلا بمبدعيها ومثقفيها، لذا نشهد نقلة نوعية في دعم المهارات والإبداعات البشرية بمختلف المجالات، إلا أن هذا الحضور وإن ازداد فهو يبقى حضوراً على استحياء. نطمح مستقبلا أن يتم استقطاب شرائح مجتمعية أكبر في المعارض عن طريق التربية البصرية للأفراد وتزويدهم بقدر من الوعى الفني وتنمية المعيار الجمالي في نفوسهم والارتقاء بالذوق والحس الإبداعي لديهم، أيضا وبكل شفافية فنحن نحتاج كوادر ذات خبرة في إدارة وتنظيم المعارض والتسويق الاحترافي قبل إقامة الحدث الفني. أعتقد أننا وببعض الأفكار الخلاقة للمنظمين سنشهد معارض أكثر جاذبية، وسنستطيع تشكيل نوع من الثقافة الإبداعية لدى المجتمع والتي ستمكننا من جذب شرائح أكبر من المجتمع، ونرتقي بذلك بالذائقة المجتمعية”.

تستعد الفنانة التشكيلية مريم الشملاوي حالياً لنقل تجربتها الفنية لمعرض فني شخصي بالرياض، كما أنها تعمل بكل جد لإنجاز أعمال جديدة تضاف لقائمة إبداعاتها وتعزز تجربتها الإبداعية.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.