القصة عمل لغوي أساسه الجملة الأدبية

جدل - ورشة القصّة القصيرة بصلالة

0 479

سعيد الرّاشدي – سلطنة عُمان

منذ صغري وأنا أحب الكتابة، وتعلّمتها في التراب، ونقشتها على الصخر من أحد اصدقائي ونحن نرعى الإبل، ولكن الظروف لم تشجعني على ذلك بسبب انعدام التعليم في ذلك الوقت. بعد التقاعد من العمل، بدأت أكتب أي فكرة تخطر على بالي أو عنوان يعجبني. مع التركيز على كتابة كتاب عن صحراء الربع الخالي، وهي فكرة تراودي من زمان لشغفي بالكتابة عن تلك الصحراء، بحكم معرفتي لكثير من المعلومات عنها. بدأت أكتب بكلّ بساطة. بدأت بذلك بعد مشاركتي في الورشة التي تشرفنا بحضورها، واستفدنا من الدروس التي تعطينا إياها، وكانت أكبر مشجع لي على كتابة القصص والحكايات. مع تشجيع المحيطين بي من الزملاء في الورشة، خاصة الأستاذة إشراق النهدي التي شجعتني على ذلك، وأنا أكن لها كل التقدير والاحترام. يمكن القول إن الورشات والحلقات الدراسية كانت الانطلاقة الحقيقية لقصتي مع الكتابة. إذ فتحت لي أفقًا، ومهارات كتابية في مجال القصة والحكايات، وقد استطعت من خلال ذلك أن أؤلف كتابًا يحتوي على بعض القصص والحكايات والمعتقدات، لم تتم طباعته بعد.

مفهوم القصة هو سرد للأحداث الواقعة، مع تطعيمها بالخيال، لإثارة وزيادة الثقافة لدى السامع والقاري، وتعتبر القصة وسيلة جيدة لنشر الوعي الإيجابي بين أفراد المجتمع، والاستفادة من الإنجازات السابقة، وتجنب الأخطاء التي وقع فيها القدماء. الكتابة إحدى الوسائل التي تسهم في تطوير الحياة، ومن خلال الكتاب والمثقفين الذين يبينون السلبيات والإيجابيات للمجتمعات، ويوثقون الأحداث التي تمثل الإرث الحضاري للإنسان؛ لتستفيد منها الأجيال المتعاقبة في تطوير مجتمعاتهم وحياتهم، بناء على معطيات تلك الأحداث التي تم توثيقها، وقد توسع من مداركهم وأفاقهم المستقبلية، إضافة إلى أن الكتابة لها دور كبير في تطوير المستجدات والاختراعات والابتكار، وهي تؤدي إلى رقي الشعوب.

منذ الوهلة الأولى لحضوري هذه الورشة، عرفت كثيرًا من التفاصيل عن القصة بمراحلها المتسلسلة وبنائها القصصي، الهدوء الاول، العقدة، الحل، الهدوء الثاني، وكذلك محاورها، ومن أهمها الأحداث والزمان والمكان والشخصيات، إضافة إلى الوعي بالفرق بين الرواية والحكايات وعلاقة ذلك كلّه بالمشاكل الاجتماعية. فهمت أنّ أهم شيء في القصة هو الفكر، وتعلّمت عدم إهمال أبعاد القصة وخصوصًا، البعد الاجتماعي، والبعد النفسي، والبعد الحسي. اهتممت اهتمامًا خاصًا بالوسط الطبيعي الذي تتحرك فيه الشخصيات، والثقافة السائدة في المجتمع، وطبعًا استوعبت أن القصة عمل لغوي أساسه الجملة الأدبية، واخترت جملتي وأبعادها وممكناتها.

كانت هناك صعوبة في تجربة كتابة القصة، وهي تحتاج إلى كثير من المزايا السردية والإضافات الفنية التي تعطي جاذبية للقارئ، ولكن من خلال الورشة، وكذلك قراءة بعض القصص جعلتني أكثر قدرة وسلاسة في كتابة الحبكة القصصية، بدلًا من السرد التقريري. وأنا أقول: إن القصة عمل أدبي مهم جدا ينطلق إلى أهدافه من خلال صراع درامي يحقق للقاري متعة وجماليات تضيء العقول الغافلة، استخدمها الانسان منذ بداية حياته في كثير من المجالات، ومن أهمها تسلية الأطفال والموعظة الحسنة وغيرها من الأغراض، وتبقى القصة وسيلة أدبية مهمة جدا.

أتمنى أن يركز الكتاب على حث الإنسان ونصحه بالابتعاد عن الغلو والتصعب في معتقداته وفرضها على الآخرين، من خلال القصص والحكايات وغيرها من الكتابات الأدبية عن طريق الوسائل العصرية، الدعوة إلى التمسك بالمبادي والقيم الإيجابية، وترك العادات والتقاليد البالية المضرة بالإنسان والحيوان. في هذا السياق، كتبت بعض القصص وألّفت كتابًا عن الطبيعة في بادية ظفار. وآخر أعمالي سيصدر قريبًا.

أعتقد أن الغربة والحنين إلى الوطن، يثير في الكاتب المشاعر الفياضة إلى تلك المضارب التي تربّى فيها، وتعود به إلى ذكريات الطفولة وهي جزء من مكوناته الشخصية، فتبقى مزروعة لا تمحى، فإن قسوة الاشتياق تذكره بتفاصيل وأحداث الوطن، تدفعه إلى الكتابة عن هذه الأحداث بتفصيل تعويضا عن معايشتها على أرض الواقع.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.