نصوص ترتّب ملامحها

0 77

 حامد عبدالصمد البصري – العراق

 

بريق الذكريات                                          

 

في فضاء ممر الحديقة

في فصل يضم كل الفصول

كانت روحي مشدودة

تتنفس بإيقاع صامت

في مزيج من الشعر، والتعريجات على بستان الفلسفة

وفي السماء قطع من غيوم بيض، عالية جدا

وعلى فمي مذاق قريب لحلاوة نهر خوز

وبهبات صبا

رأيتُ من صرفت ثلث العمر معها

تقتربُ مني

انتصبت أمامي

وكان وجهها شعاعا لؤلؤيا

–  صباح الخير

–  صباح الخيرات والمسرّات

تراجعت خطوة الى الوراء

اخرجتْ كتابا من حقيبتها

–  ليس لدي من الوقت ما يكفي

ابتسمتْ

وكأنها تقول:

– ان روحي تحفظ حقيقة قلبك….!

وبصوت هامس جاءت كلماتها

– اتوقُ إلى النهار الجميل

احن والقلب على فطرته، كانه في طفولته

غير ان الصدأ يعلو افكاري، فلم اعد اسمع نغمة الروح

– سلامتك امسحي الغبار عن عينيك الواسعتين

ستتمخض الأفكار عن احساس، لن ينضب الخيال فيه

ولن يجف القلب، لا ولن تموت الطفولة

– هذا صوتك الشاعري بمخارج حروفه

ووقاره القرويّ الاصيل

اشكرك على كل حال

نظرتُ اليها وعلى محياها ندى قصيدة

– وددتُ لو تبقين معي….!

نتحدث كثيرا  …!

انك النبع المتدفق بين اشجار روحي

وعلى كل جوانب الحياة التي احبها –

اعادتْ الكتاب الى حقيبتها الكبيرة

استرجعت انفاسها

وكأنها تقول لي:

استمتع بهذا الفضاء وكفى

تقدمت خطوة الى الامام

سارت وكادت حقيبتها الكبيرة تضربني

لكنها لمست كتفي

(وهي ضاحكة)

– اعتذر منك لقد مررت على الهامش…!

اعتذر وانحني اليك

– طريقك الى القمة…وسبيلك الى النور

تابعتْ مشيتها

تضفر الخطوات ياسمينا

والنسيم الخفيف يداعب خصلات شعرها

 

حين أرتّب حلمي

 

لمستُ بأطراف أصابعي جبهتي

كآنّي أريد أنْ أسترجع إلى ذاكرتي

صورة شيء قديم

نظرتْ إليّ

فطوّقني الخجل كرجفة الشتاء

وخرجتُ فجأة

من وادي الصمت

كانت مصلحة نقل الركاب

تسير بنا بسرعة

في طريق أبي الخصيب

فأسرعتُ بالشعور بجانب خفيّ

يدنيني إلى النظر إلى وجهها

(سبحان الخالق)  ….!

–  ماذا بك

(كان بصوتها شيء يشبه الحب)

– لا شيء ولكني أريد ….!

–  ماذا تريد…؟

– أريد أن يكون يومي مترعاً بأنفاس الربيع …!

–  لماذا…؟

– لتهنأ العين ..

ويستريح القلب قليلا

– أقلبك متعب لهذا الحدّ….؟

بماذا متعب ..؟

أيّ  غيم أتى ..

أيّ غيم سوف ينأى ..؟

ألستُ أنا معك  ..؟

–  بلى أنتِ معي، واكن …!

بعد قليل سألملم خطواتي

وأغيب عنك

وسأكون وحيداً ..

غريباً بين الناس ..!

وستتوافد كلماتك كلّها

وأبقى أفكّر فيك

– لا أرجوك لا تكن هكذا …!

(السواد الفاحم اللامع كان لون شعرها وعينيها الواسعتين)

لكنّها حين تتحدّث تأتي كلماتها

خفيضة جميلة  كفضّة القمر

تنضح بالضوء، وبحلاوة الطهر

وكأنّها تهمس بأسرار مقدّسة

– إذا كنتَ وحدك

أغمض عينيك ،باسترخاء تام

وأرسم وجهي ..ملامحي

في وئام، لأ تذرف فيه الدموع

ودوّن في مخيّلتك الذكريات

سترى الدروب كلّها تحمل ذهباً

وتفوح ذراّتها عطراً …

وتزخرف باب دارك ورود الياسمين …!

ستراني وأراك وقلبك سيهدأ تماماً

بباقات حنين جديد

للقاء بين ساحل وبحر

(حلّ عليّ  السكون ،وأنا أصغي لكلماتها)

أطرقتُ ثم رفعتُ رأسي

– شكرا لك يا غالية 

(نظرتُ من زجاج نافذة الباص)

لقد وصلتُ هذه قريتي

– آه لو تأخر وصولنا قليلا

أي لو بقينا أكثر في الباص

(كانت العبرات تتساقط على قميصها بصمت)

– أتركي … لقد بقي الكثير من الكلام

في قلبي …..!

معذرة

لن أقول وداعا

– وداعا ……!

سيبقى لقاؤنا على مرّ السنين يقظة هائلة

نزلتُ من الباص ونزلتْ معي كلماتها

واحدة …واحدة …واحدة 

مملوءة بالأسرار والعجائب

وظلّ عبير ها مفعماً 

بأنفاس الحياة  

شعاع نور لن ينطفئ

هدوء                                                                                                                                               

كان يسوح  بموجة  عطر

من وحدته،  وعلى فمه قصائد

 كأنّها شفاه تصلّي  … 

وبعينيه حفنات أسرار 

 وذكريات بنور متوهج … 

ذكريات كالعشب

القريب 

يسألها  :  – بعد أنْ راوده الصمت قليلا-:

– لماذا أنتِ تأتين لي مساء 

هل انتهت الحفلة …وابتلّتْ روحك بالشوق..؟  

-لأنير أرجاء الغرفة 

فتتوارد الكلمات الى خاطرك

وتصبح نفسك أشد تألقا، وتدور في أعماقك 

تساؤلات عديدة، وسط صمت وهدوء…!  

سكتتْ 

(دار على نفسه دورة …دورتين)

– هذا الصمت لا يكفي

– وبمحبة

وبنداء شوق.. والقلب يبتلّ بالدفء

فرأى وجهه أكثر من ديوان شعري       

قرّب الكتاب إليه

سمع نفسه تقول:

 – ما ينبغي، لا ينبغي ..قلبي مترع بالودّ…! 

أغلق الباب  أسند رأسه على غلافا لكتاب

ثمّ نام ……!

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.