الخرزات المبتورة أو الحائطية          

0 468

قيس عمر – العراق

                  

نعم أنا من وصل تلك المفازة من عروق الأرض وجلس تحت العباءة الشاحبة بلون العالم  وكلم أسراب الهداهد المحلقة والهابطة ..نعم  كنت آخر الواصلين إليها وأولهم وتركت ظلالي الخرزية  تتحرك في البقعة المتشققة من الأرض فتتشابك عليها رؤى وتتنافر عروق الطين  وتتلوى .. بقربي  تحلق أسراب من طيور الهدهد تطلق صوتا موحدا يشد قامة الألوان لتجتمع حولي … هبط أمامي كبيرها بوردة  من الريش تزين رأسه وحط قبالتي تماما وضع عينه اليمنى في عيني اليمنى حدق فيها   وأرسل  صوتا  يحمل طينا وخرزا مشعا ينادي ببهجة عتيقة ليجلسني بقربه كان الصوت محملا  بكائنات تفر وأخرى تسافر في مواقع لها  أشكال دهليزية ومتاهات تتلقف روحي ونجوم تصطدم بشكل مخيف ببعضها  ورجال يتبعهم رجال وأشباه تتبعهم نساء  كائنات بإشكال غريبة وأسنان ناتئة وقبيحة .. كانت الخرزات تعكس في توهجها صورة العالم  كأنه حلم طيني  كبيرا يغلق رأسه  ويسمع لصمته تهدم طيني يحتدم بضراوة.. حرك الهدهد  جناحيه بقوة وهمس قرب أذني بلغة فصيحة  انه موسم آخر من مواسم التنافر انه موسم آخر من مواسم طيور الهدهد التي تشير بأجنحتها إلى  جهة الغرب المرصوفة بمواخير عديدة  وتقول سيكون قتل وموت وخراب يلقحه خراب ستطل كائنات  قبيحة وتجوب  أرضا  مشرقية ستزهر الأرض بالخراب والروث و ستعمل في روحكم لذة الطين  والحيطان البالية وستكون أرواحكم خربة وقذرة مثل روث الخنزير وستتطاول أعناق العوام حتى تشرئب للموت وترقد في شقوق منطفئة  وسيكون للخنزير عام ويوم يسمن فيه حتى ينفجر لوحده… ستهرول الدنيا نحو الانمحاء والانطفاء  وانتم تغسلون الطين بالكلام وتحدقون في عورة الصمت وتقلبون نعمة البوح  بين كفيكم فقط…… // . \\  “ان النقاط المتسلسلة قبل هذه النقطة تعني ما تبقى من الكلام القابل لان يعبأ بعدة كلمات آخر لكن هذه النقطة بين الواديين لها دلالة محددة غير قابلة للتأويل هي تعني انها  نقطة وحيدة تقف لوحدها في نهاية العالم معزولة عن أخواتها الباقيات النقطة هذه هنا تعني ان لها دلالة صبي يتيم يقطن في قعر وادي سحيق يبصر من بعيد  قطعة من العالم بشكل حلوى سحيقة تسكن خواء روحه التي تقطن في وادي جسده”

                                    *****

يقال انه كان وحيدا مثل دمعة تنتقل سرا من بين خد وخد يقال انه كان أسيرا في وهاد سحيقة وله ألف لغة وله ألف صورة ويقال أيضا انه كان فقيها ويقال انه شهد مذابح دارت سرا بين عالمين خفيين ويقال انه مربي طيور غريبة لها أربعة أجنحة ولها مناقير طويلة مثل أعناق الزرافات وانه يعرف لغة هذه الطيور ويقال إنها  قادمة من ارض أخرى لها هيبة ولسان  ينشطر مع كل لعبة كلام وبوح  إلى لسانين ثم تطل من الأصوات والألسن  طيور الهدهد بأسراب متعددة // دون نقطة نهاية للمقطع  \\     ” هنا لا توجد نقطة انتهاء الكلام بل توجد عبارة تقول أن النقطة غير موجودة  وهذا يعني أن دلالة اختفاء النقطة التي تنهي بالموت… والتوقف … بل تشير إلى أن الحياة مستمرة وان العالم مسكون بوديان سحيقة من الأرواح الدائبة إنها حرب تجري في أسفل العالم حيث القعر حيث…. التلاشي……. والانمحاء”

 

    *****

أبصرته من بعيد متكورا ومنحشرا في فضاء الأرض ارض طينية تمتد تحته أفقيا وعموديا  في نفس الوقت وهي مشتققة بشكل كبير وموحش والهواء ساكن سكون العالم المحيط بتلك الفلاة من عروق الأرض. كان نحيل  الجسم بدت عليه أثار صرخات موحشة وليالي مترعة بالأسرار والبراري التي تطوق حضوره  صار من بعيد أشبه بقطعة ملقاة في الفلاة الجريحة وهو متلفعا بعباءته ودافنا رأسه الوحيد جيدا.. تهادى إلى مسامعي صوته مبتلا منكسرا مخنوقا  من بعيد وهو يتبرعم بقوة حولي فاتحا الفلاة على عدة وجوه.. كانت زاوية نظري متنافرة مجتمعة في نفس الوقت بحيث صرت أراه ملقيا بنفسه على طول الفلاة لتستدير الأرض من حولي ويكون هو مستلقيا فوق الظلال  المسفوحة حوله وناشرا عباءته بعيدا داخل حاشية التراب .

كانت خطواتي متسارعة نحوه وهو يشعر بي.. الحظ هذا من صوت أنفاسه بيد انه أبقى رأسه في عمق// تكوره\\  ” دلالة الخطوط المائلة هنا محددة بأنها تشبه الوادي المنخفض في الأرض والفعل يتكور يعطي في موسيقاه اللفظية معنى الانطماس والانطفاء في عمق أو لربما في قعر ما  “  ناظرا في مسبحته المتعلقة بيده كان يولج أصابعه بين خرزات  المسبحة وبصوت ندي يرسل صورته في جوف الصوت  فتعلق في رخام //موصلي \\  “دلالة موصلي هنا الموضوعة بين واديين عميقين هي للدلالة على مدينة منسية مشطوبة من خارطة الطين الكاذب حصرا ولربما تكون حاضرة في خارطة كتب الجغرافيا المدرسية فقط  “ وفي عتمة البرد تنطلق من فمه طيور تحلق حوله وتلامس هالة محيطة بروحه الطينية  و بتكوره على وحدته والأرض من حوله تدور بهدوء لتستقر بين فجواته و تتلوى في العتمة الباردة تتشكل روحه الحائطية يرقبها هدهد بعين واحدة  وخرز يعكس صورا سحيقة …

                                       ****

وضعت راسي تحت العباءة وغطيت نفسي جيدا بحيث لا أرى أحدا كنت انظر إلى مسبحتي بخرزاتها الثلاث  وأنا

جوسيب كاروسي - ايطاليا
جوسيب كاروسي – ايطاليا

مستمتع بها تنفلت بخفة بين يدي وتتلوى من اللذة المصاحبة لتحريكي لها كانت خرزات من حجر يسمى المهدهد حجر نادر عثر على ثلاث قطع منه فكانت هذه المسبحة ويقال إن مادته هي دموع ألف فقيه خفي جمعت وصارت حجرا أملسا نقيا تنعكس فيه الصور والحركات الدقيقة بل إنها لتعكس روح العالم وتقلبات أرواحه بل إنها كما زعم  الكفوي من روح الأحجار القابلة لامتصاص بحار الحزن وبحار اللذة //وتذويبها\\   فيها  ” ودلالة الخطوط المائلة هنا لا تؤول فهي تعني الذوبان في أسفل الروح في قعرها؛ ولأن التذويب يتم في الأسفل دوما فهذا يعني أن دلالة الذوبان هي في الأسفل في الوادي المنخفض “.. كانت الخرزات تئن بين يديه وهي تنزلق في الخيط نحو الأسفل والخيط عبارة عن شعر ابيض مجدول بخفة وجودة غريبة وعالية .. كان ابيضا  ناصعا على الرغم من قدمه يقال إنه مصنوع من شعر الخطيب البغدادي الذي شاب في ثلاثة أيام  من هول الفتن التي تبرعمت في زمنه  وفي قعر فتنة التدوين يرسل الخطيب أطيافه  الحائطية ويسقيها بفتن الطين فتتحشرج روحه اختنق الخطيب  ببغداد واختنقت به ولما تطاول عنق الحشرجة  من حوله اخرج مدونته  الطينية  ودون عليها //أزيز\\ عصور وملاحم خفية وأخرى لها زيف الرؤوس المتدحرجة نحو دجلة والفرات.. شاهد الخطيب الطيور تلامس قعره الطيني  كل الطيور لامست قعره ….. إلا الهداهد ..

  استوحش الخطيب  العالم أغلق بابه //وجز شعره\\  ” جز تعني هذه الخطوط المائلة ان الخطيب مد يده لشعرة الطويل ومن شدة  حشرجته اقتلعه من جذوره والاقتلاع يعني من الجذر يعني من أسفل الشيء أي مكان منخفض بالضرورة وادي الرأس مثلا ”  ومات وحيدا وصار العالم كائنا يتلوى خلفه ثم وجدت خيوط  الشعر المجدولة  من شعر رأس الخطيب البغدادي لتدخل فيه ثلاث خرزات

أولجت الخرزات الثلاث في خيط الخطيب المجدول وصار يسمع في الجوار أصوت قوية ومحتدمة قعقعة عظام واصطدام أجساد وانسلاخ جلود أصوات حيتان تنطلق من جوف بحار عتيقة وأزلية واسماك ترسل أصوات موت جماعي خارج بحارها وقهقهات لملوك وسياط تهوي وعاهرات متشحات بشهوة الطين والموت معا  وعرب وعجم يعرون بعضهم بعضا في سوق له دكات مرتفعة شيدت من الكلام  جلبت من ماخور  /// العم سام\\\\\   ” الخطوط المائلة بعنف وحدة وموت وعويل وصراخ  هنا تعني أن لي صديقا قال لي هل حقيقة إننا نرى أوغادا أمريكان يتجولون في شوارع الحي الشعبي الذي اقطن فيه أولائك المخنثون عبروا كل تلك البحار واتو من اجل النفط والمقامرة بدماء المغفلين والحمقى فقلت له انها حقيقة فجز شعرك  . الأوغاد هنا يقطنون بالقرب منا تجدهم يعرونك في ليل طويل ويطبقون موتا نفسيا يخجل الطين يطلقون عليك  موسيقى ومياه مثلجة أو قد تبصرهم يطلقون الرصاص على مجنون حدق فيهم !!!!!!! يا الله إنهم  لقذرون  وتنبعث منهم رائحة الخنازير المدجنة انهم يخجلون مفهوم الرجولة أليس كذالك توقف لعلي أتوقف كفى انتهت دلالة الخطوط المائلة توقفففف آه آه آه مفاهيم المروءة المنخورة ” يجلس إليها الأراذل ويحتكم إليهم قوادون ولصوص وأوباش ورعاع وخدم  ومخنثون شربوا حليبا من أثداء كلاب مريضة وآخرون شربوا من مجارير معلبة وحليب معلب وعبيد وكلاب قطعت مفاهيم الوفاء وقطط  وعاهرات لهن فروج من الصراخ المعقوف  وأثداء  يتحشرج الطين فيها ويئن .. أصوات غنج  قرب كرسي  كبير وأصوات طيوررخ عملاقة تحلق وتضرب أجنحتها بجنون وغيظ  باحثة عن أسراب الهداهد و تداخلت الأصوات جميعا وتحاورت في العماء ثلاث خرزات وخيط من شعر ابيض..

قالت الخرزات الثلاث مجتمعات للخيط:  نحن خرز //المهدهد\\  ” المهدهد ليس نسبة إلى طير الهدهد بل هو نسبة إلى  الهدهدة وهي كما تقول أمي  تعكس موسيقى الكلمة  الهدوء والسكينة لما تكون طفلا وتحتضنك أم  مشبعة بعطر الطين وعروقه  فيصير الهدوء و ستجد الوقار والسكينة التي ترتبط بجنون انعكاسات الخرز المحيط بك وبالنتيجة مكان منخفض من الأرض “ جمعنا من دموع الفقهاء و أمسينا بين دمعة وفتنة أمسينا… بين فقيه قيامة وفقيه دنيا ….أمسينا بين/ وبين… وبين هذين البينين// بين\\ خفي لم يبصره  المتحلقون.والمتناثرون في العتمة و صقيع الثبات الموحش.

قال الخيط :  أنا شعر الخطيب وموته الطيني… لما مات مولاي الخطيب أبصرت الناس  متحلقين حول عينيه المفتوحتين ولم تبصر تلك الحشود دمعة مختنقة في عينيه اسمها العالم  ظلت محبوسة ثلاثة أيام و بعثرت الأيام بعضها بعضا  ولما انصرف الناس بقي // قيس بن عمر \\  ” لا يعني اسم قيس بن عمر هنا اسم شخص علم بل هو هنا لايشير إلى التمثال كما يزعم المعجميون وانه تمثال  كانت العرب في الجاهلية تطوف حوله بل هو خلوة معزولة عن العالم هو اسم يشير في معناه الذوقي إلى الخلوة ليس إلى تمثال أو إلى اسم علم هو هنا  خلوة عابرة فقط  “  لوحده بقربه  واخرج دفا وضرب  ضربات فهامت حول مولاي الخطيب موجات  خرزية وطينية تلوت بين يديه المتيبستين. تسارعت الضربات وتسارعت الموجات والخطيب ينفث الشيب عن شعره المجدول ويطرد حشود الفتن بيمينه عنا  وتلقف الدف من يدي قيس بن عمر وانشد هو فصلا من بهجة ا الوديان المشغولة بالفتن الخفية ..

مواسم مواسم تأتي وترحل مواسم مبتورة

مهملة مغمورة متشابكة وطينية

 محملة بحصاد الرحيل والفراغ

 الرؤوس….والفؤوس …صفا واحدا قامتا

ليوم تحتشد فيه الوديان في حضرة فتنة يتيمة

لها ألف فقيه يحدق في اختلافها المفتون

ولها ألف عورة من الكلام تفتح أوزار الموت وأطياف الخراب

ليوم تقوم فيه قيامة الوديان والفتن معا

إنها العبرة الأخيرة تنهض من رقادها فقط لتنحت وجه للعالم بلون… الطين والخرز العابر….لي ….// ولك  \\  ”  لي ولك معا كان يلوح الخطيب أثناء إنشاده وضربه على الدف انها تعني أنت أي صارت الآن لي ولك كلتاهما تشير إلي أنا قيس بن عمر بمعناه الذوقي الخلوة العابرة على الرغم من لعبة الأقنعة النحوية التي تشير إلى الخطيب  بيد انه أشار إلي أنها لي أنا “

فقالت الخرزات بلسان واحد: لما صرنا من دموع الفقهاء الاخفياء  وكنا قطعة خرزية واحدة تجمعت عيون حولنا في عراء موحش.الجميع كان يحدق في الوهج المنعكس منا ونحن في توهج مميت ووميض يصاحب كل عين تسقط علينا  تغمرنا موجات الضوء ويصير العالم صغيرا فينا  حتى التقطنا صاحب العراء الذي يطوق حضوره بأسراب من طيور الهدهد  التقطنا ثم صيرنا ثلاث خرزات متشابهة فصار لكل منا لون ولكل منا اسم تعرف به سمى الخرزة الأولى//  مبتورة\\ والثانية //الحائطية\\ والثالثة //الخلوة العابرة \\  وتناثر بعدها العالم في ألوان خرز المهدهد المجموع من دموع الفقهاء هكذا كنا معا نفتح الدرب بين يدي صاحب العراء وخيمته وطيوره تتبع حضوره في وهج العراء ….

 وفي وهج العراء دخلت الخرزات في شعر الخطيب المجدول  نهضت أولا المبتورة ولما استقرت في خيط الخطيب قالت وهي تحدق في الحائطية والخلوة العابرة :  البتر..هو الوشم الذي يلتصق بك فتكون فارغا واعزلا ومقهورا ومتفرغا من كل الأشياء التي تحيل إلى الوزن أو إلى الحدود البتر يذكرك دوما بالوهم ويذكرك بالجذر أي لا يوجد لك شيء تعيد التصاقك به أو لاشيء ترجع إليه بعد فساد روحك في غمرة الطين  والبتر هو وشم سرمدي في روحك…نهضت الحائطية بخيلاء ووقار ولونها ينتشر بكثافة تكسر تفاصيل الوهج المزيف ودخلت خيط الخطيب وهي تحدق في  المبتورة مرة والى الخلوة العابرة التي بقيت لوحدها تحدق كيف ينتظمن في صف  سرمدي وقالت الحائطية :  ترجع بك الحيطان دوما إلى فكرة الاتكاء فقط فالحائط يجعلك تحاول أن تسند ظهرك إليه أي يجعل عقلك ومزاجك جاهزا لفكرة المغامرة؛ لأن ظهرك مستند إلى شيء ثقيل ومهيب له صلابة ويشير إلى لحظات الاحتضار لما تفقد عزيزا تتكئ على الجدار فيكون الجدار وهما عضليا يشد عضلاتك الذابلة أمامَ دهشتك في لحظة تنفرد فيها بطينك المهزوم الحائط يذكرك دوما بالعجز؛ لأنه خارج عنك وأنت مبتعد عنه فهو قرين عجزك أيضا والتناقض هو أساس وجودك وحضورك.. الحائط هو حياتك الغائبة وهو الذي يستر أصواتك دوما ولا يسمح للريح باختراقك من كل الجهات يحافظ عليك الحائط فهل فكرت يوما بسر بقاء الحائط في مكانه وعدم تركه الواجب تحت كل الضروف والمغريات …محتاط دوما محتاط …ثم صمتت الحائطية وسكنت .. فنهضت الخلوة العابرة وتقدمت نحو خيط الخطيب وهو يرسل اصواتا تحتدم بقوة في وهج العراء نهضت وتحرك لها خيط الخطيب واضطرب لدخولها فيه وبعد أن استقرت فيه سمع لخيط الخطيب أنين عظيم وصل إلى كرسي السلطان وفتنه المحوطة بألف خرزة وهمية هسهس خيط الخطيب وارتجف من هول الخلوة العابرة وهي تضع طينها المهدهد فيه  وترسل أطياف الطين نحو وهج العراء والوديان تتبع حفيف واصطفاق أجنحة أسراب الهداهد المحلقة فوق انتظام الخرزات في الخيط وقالت :

 تحيل الخلوة إليك بعدة أحاسيس لكن سيدها هو ترك الدنيا والإعراض عن الطين ولكن الخلوة تعطيك دوما مفهوما محددا أحيانا هو أن تذهب لقعر أي منخفض من الأرض وتجلس لوحدك وتنتظر أسراب من طيور الهدهد لتترك عينيك تلتصق بصوتها أثناء اصطفاق أجنحتها وهي تضرب أمامكَ موجات الهواء المحيط بك  والعابرة… سيصبح للكلمة مع الخلوة معنى أخر هو أن تهرب بطينك وتخلد إلى ذاتك الكاذبة فتتعرى في الوادي وتكشف عن وجهك القبيح وتشاهد قبح حشرجتك المكومة وهي تطلق صوتا وحشيا في وديان الطين …تتصور في خلوتك لما تجتمع بكلمة العابرة أن العالم كله محض طين  أو انك قد تركت خلفك عالما لكنك كاذب لم تترك سوى الخوف والانهزام من أوجاع المرآة التي تبصرك كل صباح وأنت ذاهب للعمل أو وأنت تذهب نحو مصيرك أو وأنت تبتلع طعامك أو وأنت تهرب من جنون قد يبصره المقربون منك . الخلوة العابرة تذكرك دوما بمسبحة تتلوى فيها خرزات من الطين تراها تنزلق بين يديك وأنت تتذكر رائحة الطين السرمدية تدخل انفك؛ لتشعرك أن العالم يحرك أذنه؛ ليسمع حركتك الوحيدة وحشرجتك المتقطعة في خلوتك العابرة  تحت ظل حائط مبتور.

ختم

ليلة الحلم

 بالخطيب البغدادي

 وهو يطرد الفتن

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.