شجرةُ ميلادٍ بالمقبرة

0 459

سامي الطلاق – السعودية

 

يميلُ عليكَ الفراغُ

كباقي الليالي

يشاطركُ المكانَ

فلا تستطيعُ أن تردَعَهْ

 

ويركلُ هذا الهواءُ

عليكَ حصىً مُثقَلةً بالشماتة

ويمضي مع الريحِ

ليشتدَّ ويزرعَ خوفهُ بالصدى

ويُطلقُ هذا الصهيلَ

كأنَّ المدى خافَ أن يسمعَه

 

بميلادِ موتِكَ

أُشجِرَت المقابرُ بالقُبَّراتِ

بالشّعرِ..

علَّ المقابرَ أن ترضَعَه

 

بداخلِكَ شيئٌ ثقيلٌ كنايٍ عجوزٍ

أضرَّ بهِ الصبرُ..

فراحَ يرجوهُ أن لا يطيلَ المكوث؟

كشوكٍ لا يمكِنُ أن ينزعَه

 

تسَربَلتَ بالكمنجةِ حينَ شُكاةٍ

وللأغنياتِ أن ترسُمَ الريحَ تغنّي

تطبّبَ فينا المواجِعَ

فكم من جراحٍ بقَت موجَعَه

 

ترِفُّ لكَ عينُ الفراشاتِ

حينَ بِذارِ الصباحِ بجفنِ الحنينِ

ويشتكي الليلُ هذا السُباتَ

فيوقِدُ أبياتهُ بالهزيعِ الأخيرِ

يُقبّلُ شفَّةَ الفجرِ.. ينامُ بشوقٍ معَه

 

ليبقى الوصالُ طريًّا طروبًا عصيًا عطوفًا رحيمًا

كإستحالةِ فرحةِ الأحزان..

أو أن نشيَّعَ الموتَ للمقبرةِ

وباللَّحدِ استحالةَ أن نودِعَهْ

 

شتّانَ بينَكَ والنائمينَ

وقوسُكَ يشتَدُّ ولا مِن سهامٍ

ولا مِن قصيدةٍ تنامُ معَكْ

 

خبّأتَ بالرُّوحِ أغنيةَ النازحينَ

ممزوجةً أقدامُها بشوكٍ وطين

أسكنتَها أضلُعَكْ

 

وهذي البياضاتُ تأكلُ فيكَ الدقائقَ

تقرِضُ منكَ الثواني

كأنَّ لياليكَ فألٌ.. وأوراقُها أدمُعَكْ

 

تقاسَمتَ رغيفًا بصحبةِ ذئبٍ جريحٍ

تضاحَكْتَ مع غُربانَ المنازلِ

رافَقتَ بومةَ بيتٍ صغيرٍ

يؤطّرُ لوحتهُ عقربان.. وبيتُكَ هذا الفلَك

 

وأرقَصتَ هذي السماءَ

حتى طرُبَت نجمةٌ..

فقالت بعدَ أن أسكَرتَها “هيتَ لك”؟

وأترَفتَ حرفَكَ بالناهِداتِ..

ليُرضِعنَ شعرَكَ صوتاً.. لكي نُرجِعَه

 

حيِيتَ فلم يفُتكَ قطارُ الممات؟

ومتَّ فلم تفُتكَ الحياةُ..

وبينهُما أنت صوتُ الغناء وأنتَ الأذان

وأنتَ السرابُ وأنتَ العدم وأنتَ.. وأنت..

شقيًّا صبًّا بهيًّا “عصيَّ الدمعِ” رقراقُها؟

يشارِكُكَ البحرُ ملحَ الفقيرِ وكعك الدّعَه؟

 

وأنتَ الصبايا يُغنّينَ..

“دوخلتي حِجّي بي..

حِجّي بي..

لِمَن يجي حبيبي.. حبيبي…”

للحبيبةِ كتبتَ أهازيجَكَ المُمتِعةْ

 

تثورُ لوحدِكَ ملء الفراغِ..

تشتَّتَ فيكَ الوجودُ.. تشظّى

تشتَّتَ فيك لكي نجمعَه.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.