قصيدةٌ إلى جورج فْلويد

0 842

أمجد المحسن – السعودية

أهلاً جُورج،

طاب يومُك.

لم نتعرَّفْ بعدُ، وقد لا يحدثُ هذا.

لكنَّك صَحبتَني هذا النَّهارَ كمنْ يحملُ محراثاً ثقيلاً على سلَّمٍ طويل.

غرابيبُ سودٌ بين درجَتَيْ موسيقى، والجُدُدُ البيضُ بين درجَتَيْنِ أُخَريَيْن،

لأنَّ الموسيقى أوسعُ من رقصة بجع ومن كسّارة بُندق.

فهل العنصريّةُ مُفردةٌ شِعريّة؟

ماذا يُمكنُ للعُنصريِّ أن يفعلَ غيرَ أن يحفُرَ ثقوباً سوداءَ حول خُطواتِه.

جورج،

كنتُ سأطلُبُ منكَ المنادَمة، لكنِّي أخشى أنَّ يأسَكَ أصبحَ عميقاً بعُمقِ تلك الحُفَر التي صارت مشهداً يوميّاً في الشارع المؤدي إلى البحر.

في دورة الخطِّ العربيِّ التي الْتحقتُ بها أيَّام الجامعة، جاورتُ  زرياباً من إفريقيا،

كان يستنكِفُ من مُلامسةِ كتِفِي أو كَتِفِ جارِه الآخَر.

يأسهُ من الغُرباءِ أفدحُ من اللاثِقة.

ليتَني آدمَ لونٍ أكثَرَ مما أنا.

كنتُ سأحدِّثُه عن عبيدٍ بيضٍ وسُودٍ كانوا يُنقَلونَ ككومة حبالٍ على السّفائن من محيطٍ إلى زقاق محيط.

كغيمةٍ مُصطنعةٍ يُفكِّرُ العنصريُّ،

والغرابيبُ السّودُ حيالَ الصّواري كخلفيّةٍ موسيقيّة.

لكنَّ العُنصريَّ لا يُحبّ الموسيقى.

النهايةُ تقتربُ.

غربانٌ لا حصرَ لها كأنها كلماتٌ انتزعتْ نفسها واندفعت إليكَ من كتاب موصَد.

وعلى كلِّ أحدٍ أن يعلِنَ كلِمتَهُ الحَدِّيَّةَ لأنَّ الأرضَ ستنتهي، ولا بُدَّ من آدمٍ جديد لتسأل الملائكةُ اللهَ أتجعلُ فيها من يُفسدُ ويسفِكُ؟

عَوْدٌ أبديّ لن يشهَدَهُ نيتشه.

فيلمٌ لم تحبّه أطفال العائلة الذين ضَجروا من المقاعد.

ماذا على مَن أوثَقَكَ يا جورج أن يُعِلِن؟

الرّجُلُ الضّخمُ يثيرُ في ضعيفِ البِنيةِ شهوةَ ترويضِ الطبيعة العصيَّة. وفي لحظةِ الوباءِ الذّائعة، كان عليه قبل أن ينقرضَ النّاسُ أن يُوثِّقَ الفَرْقَ الذي لا يعرفُهُ الوباءُ، فهبطَ على عُنقِ أخيهِ.

وكان رأسُ قلمٍ بحبرٍ أسودَ ملقىً على الأرضِ لوخزِ قلبِ الأيّام.

وغرابيبُ سُودٌ في الخلفيّة البعيدة  كأرامل.

هل الأرضُ تنتهي ؟، هل ثمَّةَ حاجة لآدمٍ جديد؟

هل العنصريّةُ مُفردةٌ شِعريّة؟

السّياقُ يُنبِتُ الشِّعرَ لا المُفرداتُ …

لكنّها على كلِّ حالٍ ثقيلةٌ كخفّاشٍ على جلدِ بالون.

خُذ نفساً عميقاً.

آليات التنفس الصّحيح فرضُ عَينٍ.

التقنيةُ سهلة لكنّها تحتاجُ تدريباً يا جورج …

ستنظم ضرباتِ قلبِك، وستجعلُك مرتاحاً مع جسدِك.

 

ما لك يا جورج؟

خُذ نفساً عميقاً..

لماذا لا تفعلُ؟

أنت عنيدٌ يا جورج.

تنفّسْ …..

 

الأرضُ لن تنتهي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.