قهوة محلاة

0 574

ريهام الناجي – مصر

في مدينة الموتى، اعتاد الأموات القيامة من قبورهم ليلًا. بعد انتصاف الليل بساعة تنفتح بطون القبور، وتقذف ما بدواخلها إلى السطح، ليسير الجمع باتجاه ساحة الرقص يقودهم صوت الموسيقى الجنائزية المنبعثة من مذياعٍ قديم.

يقيمون مراسم العزاء من جديد، ويتبادلون أخبار أوقاتهم اللامنتهية داخل القبور، ويروون تجاربهم في الحياة على الجانب الآخر بينما يشربون القهوة السوداء. عندما تستحيل دكنة السماء إلى الزرقة الباهتة، يهرع الجميع إلى قبورهم، يتمددون داخلها، يغلقون مصاريعها ويشدون عليهم أكفانهم في انتظار ليلة أخرى.

وحده هو كان يخرج كل ليلة متتبعًا موسيقا مقطوعة “قصة حب” المنبعثة من الحديقة الذاوية.

عبثاً حاول إقناعهم بالذهاب معه، أغراهم بأن القهوة هناك محلاة والريح أهدأ، لكنهم لم يستمعوا إليه.

ذات فجر، وقبل اكتمال الشروق، انتظروا حتى تمدد داخل برزخه وأغلق باب قبره، فتقدموا جميعًا، ووضعوا حجرًا كبيرًا فوق مدخل القبر.

في الليلة التالية، كان السهر أمتع والقهوة ألذ.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.