كفيف والقطة فلورنس

0 216

مصعب الغامدي – السعودية

مرحباً أنا كفيف ،، اممممم لستُ كفيفَ العينين. وحقيقةً هذا هو اسمي ليس مقتبساً من روايات الأميرة والحطاب الأعمى. أنا وقطتي فلورينس نسكنُ في أعماق الغابة المجاورة للمدينة والتي تبعد عن المدينة بضعة أميال.. ذات مرة كنت في المدينة وفي وقتٍ متأخر، كنت أبحث عن متجر لبيع طعام القطط لأن فلورينس باتت أكثر شراسة ، اشعلت سيجارتي واستمريت في المشي بين المتاجر وجميعها كانت مغلقة ما عدا متجر في آخر الشارع كان مفتوحاً بإضاءة خافتة اتجهت إليه وعند اقترابي، فلورينس بدأت الهروب للخلف، سقطت سيجارتي وأنا ألحقُ بها وبدأت بالدخول من بين الأزقة الضيقة وكأنها تدل المكان، صعدت عبر سلالم الطوارئ الخلفية للمباني، أكملت اللحاق بها حتى وصلت إلى سطح أحد المباني وقد توقفت على سور السطح متأمله ما تراه، تقدمت لأرى فكانت مقابلة للمتجر الذي كنا سنذهب إليه، كانت تتأمل بلا حركة فقط ذيلها من يتحرك حملتها وعدنا للمنزل ، ولكنها كانت صامتة حتى شراستها التي كانت بها قبل ذهابنا اختفت.

بدأت أشعر بالخوف حقيقةً لأن القطط تتوقع حدوث الأشياء السيئة، لا تسخروا مني فأنا لم أتعلم جيداً. كان منزلي صغير جداً، بنائهُ من الخشب وفي أعلاه المدخنة كي أضع مدفأة لي في الشتاء. تلك الليلة كانت غريبة، أخذت حساء الدجاج وتوجهتُ لأعلى منزلي وضعت الكرسي وجلست متأملاً المساء وتأملت حياتي وحتى الآن لازلت اتأمل لما أروي عليكم من قصتي!!
لأنني وحدي وحتى ف لورينس لم تعد تخاطبني ولا تلعب معي، شعرت بالذنب، أخذت الجيتار، ولكنه ليس جيتاراً، فالذي أملكه لا يوجد به سوى وترين، لابأس في المستقبل سأصنع له أوتاراً، أو لربما اشتري جيتاراً جديداً.

في الليلة التالية كان الجو بارداً قليلاً، وكنت عازماً للذهاب للمدينة لأشتري الاكل لي ولفلورينس، ولكن لم يكن لدي إلا معطفا واحداً، فأنا لا أملك الكثير من المال. قررت أن أبقي فلورينس في المنزل؛ أطفأت المدخنة حتى لا تحرقَ منزلي الجميل، انطلقتُ قاصداً ذلك المتجر، مهلاً ؛ أنتم لديكم الفضول لم لا أذهب في النهار ..صحيح ؟
في الواقع أخاف النهار أو بالأصح أخاف ملاقاة الناس. لست شخصاً اجتماعياً وربما انني كفيف القلبِ، تلك الليلة كنت لا أملك شيئاً أبداً، حتى سجائري قضيت عليها. لم يكن هناك معي سوى الكبريت وبداخله ثلاثة أعواد. لا يهم، انطلقت نحو المتجر وعند دخولي كان هناك مجموعة قطط للبيع، لا أًخفي عليكم إنهم كانوا أجمل من فلورينس، كان البائع سيدة كبيرة في السن. تجولت في المتجر، سامحوني لم أكن أملك مالاً، لقد خبأت زبدة الفول السوداني ومخلل معلب في معطفي، ولكنني اشتريت طعاماً لفلورينس بـ ١٠ قروش.
قالت السيدة : انت … ما اسمُك ؟
ترددت وقلت : اسمي كفيف
ضحكت السيدة وقالت :
وتظن أن الجميع كفيفاً ؟.. سأسمح لك هذه المرة بأخذ الطعام. ولكن مرة أخرى لا تتعود السرقة !
ارتبكت وخرجت وانظروا ماذا وجدت!، كانت فلورينس الغبية أمام المتجر وتنظر للقط. حملتها لأن الجو كان بارداً وعدنا للمنزل ووضعتها على السرير غاضباً منها ولكنها كانت شاردة الذهن، فعلمت أن الحب قد زارها في ليالي الشتاء.
كيف تتأمل القطط في جو بارد .. الحب يا لهُ من وغد، أعددت طعامها وكانت أمام النافذة وكأنها تنتظر أحداً، سحبتها من ذيلها ووضعتها أمام طبقها لأنني لا أحب حركات المراهقة ! أعددت أكلي وجلست أقرأ صحيفة .. اممممم … في الحقيقة أنا سرقتها من المتجر ، أعدكم أنني لن أسرق مجدداً.
ولكن أخبروا فلورينس أن تكف عن مطاردة القطط، أنها لا تخجل !، لم أكمل قراءة الصحيفة ونمت كعادتي أمام المدفأة تاركاً خلفي روايات عدة، تُقال للقطط.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.