رمزيّة الاحتراق في نماذج من شعر نصر سامي

0 521

عبد الحكيم قعلول – المغرب

 

     تكمن أهمية هذه المقاربة في أنها تقرأ أو تؤول رمزية احتراق البوعزيزي وأحداث الثورة التونسية في المجموعة الشعرية عربة لخيل الأساطير[1] باعتبارها ظاهرة خطابية تحمل بعدين: البعد المضموني المتمثل في المواقف والأفكار التي اتخذها الشاعر في بيانه، وفي البعد الشكلي أي معرفة الأشكال التعبيرية التي عُبر بها عن تلك المضامين.

من المهم الاعتماد على المقاربة الفوكوية للخطاب (نسبة إلى ميشال فوكو) باعتباره حدثا تاريخيا انبثق عن مرحلة تاريخية تتحكم في إنتاجه مجموعة من القواعد والقوانين، سواء ذات المصدر الخارجي أو ذات المصدر الداخلي، ومن جهة أخرى فإن قراءة الخطاب تحتاج إلى مجاوزة الجانب السطحي والمباشر للغة إلى ما يختفي وراء بنائها اللغوي، هنا ستبرز الحاجة إلى التأويل أو تبرز إرادة التأويل للوقوف عند اللاظاهر فيه داخل هذه القصائد.

رمزية البوعزيزي جدل الدال والمدلول:

        وفي هده المجموعة سنؤكد على الطابع المنزاح للغة، فاللغة البشرية وُجدت من أجل تحقيق التواصل، هذا الأخير مرهون بالمعنى، فلا يمكن أن توجد اللغة خارج وظيفتها الدلالية. غير أنّ الطبيعة التواصلية بين البشر تأخذ أحيانا مسارات منحرفة تخلق نوعا من صعوبة الفهم مردّ ذلك إلى سببين: سبب بنيوي يتعلق بكيفية بناء اللغة في الخطاب، والسبب الثاني متعلق بالمتلقي وطبيعة التلقي ذاته، حيث نعلم أنّ تلقي الخطابات المختلفة تتدخل فيها عوامل أكثرها سيكولوجية (ترتبط بالطبع البشري)، تتأثر بعوامل اجتماعية وسياسية وأخلاقية ومعرفية… وعلى هذا الأساس، فإنّ استقبال الرسالة يختلف من شخص إلى شخص، وقد يلعب المستوى البنيوي للخطاب دورا مؤثرا في هذا الاختلاف، خاصة وأنّ الخطابات مع كثرة تداولها تكتسي بفعل عنف الممارسة دلالات مضافة تكون بمثابة تراكمات دلالية تغلف المعنى الجوهري للخطاب، وتبعده قدر المستطاع عن متناول الجماهير.

الأكيد، أنه لا يوجد أي فعل مقاوم وثوري دون أن يتأسّس أيضا خطابيا، بمعنى دون أن يتجسد في خطابات، وإن كان ما أقصده في سياق هذا الموضوع هو المعانى التي رفعها الشاعر ضد القيم الفاسدة. فهذه المعانى عبّرت عن إرادة الشاعر في التغيير والثورة ضد الواقع الفاسد، ما يجعلها تمثل حدثا؛ فالخطابات هي أيضا أحداث تاريخية كما يعرفها ميشال فوكو، لم يكن لها أن توجد لولا أنها وليدة ظروف تاريخية.فكانت الثورة التونسية محفز للمجموعة الشعرية.

ما يميز هذه القصائد على اختلافها، أنها عبرت أيضا عن إرادة الكلام والرغبة في كسر أطواق الصمت. وكأنها ردة فعل على طبيعة الأنظمة التي تنتج وسائل وآليات لاستعباد الخطابات، وتكميم الأصوات وقهرها، وفي أحسن الأحوال تقنينها والحد من حركتها وفعاليتها كما تتجلى فيما يسميه فوكو بجمعيات الخطاب وبالحقول المعرفية وكلها تمثل مبدءا لمراقبة الخطابات، من خلال بعث دائم للقواعد.

يقول الشاعر في قصيدة “معلقة القصبة”

فتكلّم وتكلّم وتكلّم

ربّما أحييت ميّتا

ربّما حرّرت صوتا قال لا

جيلا فجيلا

نحن صنّاع الضّيا

فلتسمع الدّنيا صدى أعماقنا

تلك الجميلة

ثورة الأحرار مرحى

ألف مرحى

صرت جسرا

صرت للأمجاد سرحا

وجعلت الكون أحلى

وملأت بالضّياء الجسم والأرواح صبحا

فيك يمحى الظّلم

يمحى كلّ خوف

وجميع اللّيل والطّغيان يمحى[2]

يختزل هذا الخطاب الشعري عقودا من القهر الذي طال إرادة الانسان على التعبير، فالخطاب الثوري في هده المجموعة حركته هذه الرغبة، إن لم نقل أنها كانت المحفز الأساسي، صحيح أن المجتمعات العربية عانت ومازالت تعاني من سياسات تجويع وإفقار مبرمجة للطبقات الشعبية الواسعة على حساب حقوقها في الثروات التي تتمتع بها أوطانهم، لكن العطش الحقيقي كان إلى حريات أخرى معنوية كحرية التعبير. كان لسنوات قليلة من الصعب أن تخرج الجماهير وترفع شعارات على شكل “الشعب يريد اسقاط النظام” بكل هذه المباشرية والوضوح، فهذه النصوص في ذاتها قد ساهمت في إذكاء الشعور بنوع من التحرر من الخوف، الخوف من الكلام، الخروج من أغلال الصمت.هكدا فتقت وفضحت القصائد الواقع وانتهكت كل أشكال الصمت تجاه ذلك.

شعرية الكجتو أنا أحترق أنا موجود:

إن الشاعر يجعل من لحظة احتراق جسد (محمد البوعزيزي) لحظة رمزية جعلت الاحتراق خطابا يعبّر عن رؤية للعالم، رؤية مسكونة بحسّ تراجيدي. فرمزية احتراق البوعزيزي في المجموعة تتحدّث عن أحداث القهر والتجويع عن آلام سنوات من الظلم وقتل الأحلام ومصادرة الحقوق. وياتى هدا الخطاب في ضوء الفهم التالي  إنّ الجسد كما يكتب فوكو في (جينيالوجيا المعرفة): “ساحة لتسجيل الحوادث… إنّه المكان الذي تفكك فيه الأنا”. وتعبّر عن تفككها وتمزقها، فعليه تتجلى آثار التاريخ على شكل كدمات وجروح وأوشام واحتراق داخلي وخارجي؛ لقد حاول فوكو أن يصحّح التصوّر الذي يقول أنّ الجسد لا يخضع إلا لقوانينه الفيسيولوجية فقط، الواقع أنه خاضع لأنظمة خارجية تاريخية تؤثر فيه، وتحاول تشكيله والإمساك به والتحكم فيه كأنظمة الغذاء والأنظمة الإجتماعية والأخلاقية، وبهذا المعنى فالجسد يتشكّل تاريخيا من خلال علاقته الجدلية بمختلف الأنظمة.

الاحتراق إذن كان ذلك الفضاء الذي وقعت وتقع فيه كل حالات الشعر في المجموعة، والدعوة إلى تحرير الخطاب هي أيضا دعوة إلى تحرير الجسد من سلطة الأنظمة: الجسد المقموع، الجسد المكبوت، الجسد المُعاقب، الجسد المنفي، الجسد المستبعد، وكل هذه الأجساد تحدّد علاقتها بالسلطة.

يقول الشّاعر:

النّار ألطف، وهي تحرق، من جحيم الحاضر الملآن

بالتمييز والإقصاء والخوف المقيم بروحنا. النّار أرحم من

وعود جرّبت قرنا فلم نلمح ضياء في الفضاء ولا سماء

في المدى.[3]

كان إقدام  محمد البوعزيزي على إضرام النار في جسده احتجاجاً على واقع ظالم ومشوَّه؛ مفارقة شكَّلت منعطفاً إبداعيا أسّه احتراق جسد. فاحتراق الجسد كان الممر الذي تسلّلت عبره روح البوعزيزي لتحلّ في القصائد؛ بعدما تواترت هذه الروح التي أطلقت عنان التمرّد لنفسها من شخصٍ فرد إلى أمّة، معلنةً رفض واقع الاستبداد والاستعباد، مكلّلة بحلمٍ طالما طال انتظار تحقّقه. إنه الحلم بـ”المدينة الفاضلة”. ولا غرو، ما دام الجسد المشتعل المحترق كان أسّ “المجموعة”؛ أن يكون تعنيف الجسد والتعذيب حتى الموت، شرارة أجّجت ثورة وما دام الجسد قد حضر في “سفر البوعزيزي” حضوراً صاخباً .

وإذ كانت الثورة مخضَّبة بالدماء والأشلاء، وقد انتُهك فيها الجسد الإنساني على نحو يرهق الضمير الإنساني الحي ويعذِّبه. لكن بالرغم من رعب المأساة وهولها، فقد عمّدت حضور الجسد في المجموعة، صورة أخرى للجسد، بدت كأنها تتحدَّى صورته الواقعية، وقد حضر في المجموعة بقوة موازية لصورة الجسد المعذّب، المعنّف، المقتحَم، المقتول، والممثَّل به. فتجلّت الصورة الأخرى للجسد في الرقص والديناميّة، دفعت القارئ إلى الشعور بأنه أمام تراجيديا، جزء منها مأسويّ، يفنى في نهايته الجسد الثائر، لكنه يعود إلى الحياة من جديد في جزء آخر يمثِّل نوعاً من تحدٍّ صارخ لفنائه. ما يعني أن الثورة في المجموعة هي ثورة جسد على جسد، مثلما هي ثورة عقل على عقل. فلما كان صحيحاً أن العقل الثوري الجديد أسّه الحرية، ويتمرّد على عقل قديم، سلطويّ؛ فالصحيح أيضاً أن الجسد الجديد الثائر جسد حر راقص، وتلقائيّته غير مألوفة في التعبير، ويتمرّد على جسد نقيض يأتمر بالغرائز العدوانية المحضة، وهذا الأخير موسوم بالعقم.

كانت لغة الجسد الثائر، الحر، الراقص هي الأجدر، على ما يبدو، في مقارعة اللغة الواقع، أي، لغة العقل المحمَّل منطق “الواحد”، منطق الاختزال الذي يختصر الحياة، والكثرة، والتنوّع. إنه منطق تثبيت العقل واعتقال النهوض الفكري الذي مارس سلطته على الجسد باعتباره خصوبة ونبضاً وتعدّداً؛ فلغة الاحتراق في المجموعة، حرّرت الفرد من المفهوم المحنَّط، ومن العقل السلطوي الذي لا ينتج إلا نفسه، حتى أنه بلي من فرط الاستعمال والتكرار. فالقيود كلّها تُشتَقّ من واحد أوليّ يتجلّى هو نفسه في واحد ثانٍ وثالث ورابع؛ وفي نهاية المطاف يكون الواحد الأوليّ هو السائد فحسب. لكن الجسد الثائر المحترق يبدو كأنه انقلب على هذه القاعدة، فتجسّد بعدما كان مغيَّباً، وعتق نفسه من المفهوم المطلق، ومن الواحد، واتصل مباشرة بالإنساني، أي بمكانه الطبيعيّ، الماديّ، الحسيّ، الحركيّ، النابض بالتفاصيل وبالأحداث والمتغيِّرات.

        كان النموذج الأهم الذي دلّل على ولادة جسد البوعزيزي الجديد في المجموعة وضعيّة غير معتادة، يمكن المرء أن يقرأ من خلالها ولادة مفاهيم وقيم وسلوكيَّات جديدة، بدت كأنها تمرّد على وضعيّة قديمة قُسِر عليها الإنسان خلال عقود من سواد الاستبداد بثقافته الاستبدادية المجنِّدة للمجتمع. وبوضعيته الثورية الرشيقة والأنيقة أفصح الجسد في المجموعة عن معاني التعاون والتآزر؛ كما أفصح عن عمق الشعور بوحدة المصير الإنسانيّ.

يقول الشاعر في قصيدة يهديها إلى روح شهداء الثّورة إلى أحيائها أيضا

جدّدتم شكل الصّباح

فلم يعد للصّبح ذاك اللّون

ذاك الأسود

وجعلتم هذه البلاد قصيدة

في كلّ قلب ثائر

تتجدّد

وخرجتم في كل زاوية

يدا بيد

فأورقت الشموس الرّصد[4]

إن هذه الوضعيّة الجديدة للبوعزيزي الذي ظهر في القصائد تعاكِس وضعيّة الجسد الذي تَعسْكَر طوال عقود، وتُناقِضها. فقد كان الجسد مقموعاً، تختفي حيويّته خلف وقارٍ متحجِّر اتّسم به عصر الاستبداد الذي حكم الإنسان. وإن عقد مقارنة بسيطة بين وضعية الجسد الحر في مشهد القصائد خاصة في قصيدة معلقة القصبة وقد تفتّحت شخصياتها للرقص منطلقةً متقافزة،  وبين المشهد الاستلابي القديم كأنها كتل صلبة تتحرّك وفق إيعازات.غير أن قيم المواطنة هذه لم تكن لتروق للقائمين على نظام استبدادي مبنيّ على كره الآخر، وعلى الجهد الحثيث لقطع العلاقة بين الناس وسط تعاظم مدّ الرذائل في المجتمع التونسيّ المحكوم بآحاد مشتقِّة من الواحد الأوليّ؛ بعدما استحال كل “واحد” طفيليّاً ينتضي عصا السلطة ويعظ الناس بنصِّها “المقدّس”.

لم يعد يحكمَ الاحتراق في المجموعة تصوُّر إيديولوجيّ مثقل بمسلّمات الرأي الواحد، والموقف الواحد، والسلوك الواحد،. فقُتِلت الحياة ، وأثّر التصوّر الإيديولوجيّ في التعامل المسلكيّ مع الجسد. بيد أن الثورة في المجموعة نفضت التعاليم الطوباويّة لتنفث الحياة والنبض في الجسد_الذات. ما دفع بالجسد لأن يحضر بكثافته الوجودية والسياسية والجمالية والثورية؛ وحلّ الجسد الحر الجديد الما بعد الحرق محلّ الجسد الصنم. رافق تلقائيّة الجسد الحر، تفتّح الفردية المنسجمة والمتصالحة مع الجماعة، والمتّفقة مع غاياتها. إذ الاحتراق هنا ما عاد مادة فناء، إنما بات صانعاً المفاهيم من خلال جبروت مقدرته في توليد أحداث تاريخية كبرى. هكذا يبشر نصر سامى أنه، ما عادت المفاهيم والشعارات والقيم تسقط على الناس من الغيب. وما كان لأركان سلطة متجذِّرة، وراسخة بكل صنوف القهر والعنف أن تُضَعْضَع، لو لم يكن الإنسان الما بعد الاحتراق المحتجّ حاضراً بالترافق مع الكلمة الثائرة في الشارع. وكيف لثورة أن تقوم، إن لم تكن في أصلها قدَماً تطأ الأرض بخطى واثقة مزلزِلة؟! إذ التجربة التي يخوضها الجسد المولد بعد الاحتراق هي الثورة الحقيقيّة التي من شأنها إسقاط ما لا يسقط . ومن الفعل والاختبار والتجربة، تنبع نظرية ثورية تحرّر العقل مما حمله من وباء وهباء.

يقول الشّاعر:

نحتاج ما تحتاجه الكلمات في ترتيب عالمها غدا.

نحتاج أجنحة لنرحل دون عود نحو حرّياتنا.

 نحتاج أن تتحرّر الرّوح السلبيّة من معاقلها وأن تتجدّد النّظم القديمة كلّها.

 نحتاج ما تحتاجه الكلمات حين تريد أن تحيا.

سلاما كي نسوق معيزنا نحو الحقول وفرصة كي تستطيع الرّيح أن ترتاح في هذي الدّروب نعم، طمحت.[5]

 هكذا كشفت الاحتراق  في المجموعة عن عسف الفصل الذي حرص السلطوي على تكريسه بين الجزء والكل، بين الجسد والروح، بين الفكر والسلوك. أي بين العالم الحسي الفيزيقي والعالم الروحيّ العقلي.

إن البوعزيزي في المجموعة لم يكن”الإنسان العادي”، بلا ملامح ثورية، يُنتج بلا علم منه ولا رغبة، بطولةً جماعيّة تقود وتنجز ثورة. بل أسئلته تشغل الإنسانية فهي مدفوعة إلى توظيفه، لكن يبقى نصر سامي له القدرة على صهرِ الأسئلة وأجوبتها في مفارقات الحالة ونمذجة الشخصيّة. فالشاعرِ  يهرب بالرمز من عَراءِ المباشر إلى حيث التضمين والتكثيف والتخيل. وهو واع  بأن نصوصه ليست فضاءً لتسطير الحقائق، فالمعنى فيها مفتوحٌ، وهي فضاء للإسقاط فبناء نص عن البوعزيزي وإحداث الثورة، متخيَّلاً، يعبّر عنّا نحن ولا يعبّر عن حاله إلاّ في حدود ما يتحقّق منها فينا وما نُسقط عليها منّا.

تحول البوعزيزي من الإنسان العادي إلى الرمز ولا يمرّ من العادي إلى الاستثنائي إلا بالشعر، وإن مرّ بقي مهدَّداً بالإرجاع إلى العادي. لهذا أسباب كثيرة، منها جاذبيّة الأصول الاجتماعية. بدءاً، إذاً، تتبيّن صعوبة الترميز لنصر سامي الذي أراد بناء شخصيّة استثنائيّة في “سفر البوعزيزي”. فيجرؤ على فتح ما انسدَّ من روافد الترميز في مرحلةٍ يبدو، الآن، أنها كانت غفوةً أو غفلةً قبل صحوة: تحدّي نصر سامي، شخصيةً البوعزيزي، وهو هنا يتحدى الثقافة السائدة، لا في نقل أخباره، وهي قليلة، ولا في التعليق عليها، وإنما في قدرتها على ترميزه. الترميز هو رؤية ومعرفة وآليات، وهو أيضاً، هنا، موقف فكري سياسي تجاه فعل “الإنسان العادي”. في كل حال، لن يبقى من البوعزيزي ومن أمثاله غير ما رُمّز وانبنى نموذجاً.

ليس لنا من البوعزيزي وعنه غير صورتين وحيدتين، لا يُشكّ فيهما، يتداخلان تحت عنوان صور البوعزيزي مع صور أخرى كثيرة ليست له قطعاً. بعض صوره مركّب وبعضها متخيَّل، فقد التقط الشاعر صوراً له غيابيّاً. وبقدر ما يلتبس الواقع أو نجهله يسهل بالإسقاط، تعويض الحال التي أُريد تثبيتُها لحظة التصوير. الإسقاط بالتماهي يعدّل الصورة،كما يسوّيها لتعادل صورةً أخرى هي في الذهن، بحسب ما قام في النفس. هكذا يصبح الواقع هامشاً للصورة تُطرِد إليه ما لا تتحمّله صورة البوعزيزي المعروفة في الواقع لا نرى فيها ما كان يَرى في القصائد، لا نعرف وجهةَ نظره. نرى ذراعيْن ترتفعان وتنفرجان. قيل إنه كان يصفّق في عرس، ولعله يغني، ومن التعاليق ما ذهب إلى أنه فيها “مُقبل على الحياة”. ليكن! ولكن، بعد أن حدث ما حدث، تُرى الصورة من خلال ما حدث، وهذا ينقلها إلى زمن غير زمانها: البوعزيزي، رافعاً ذراعيه، لم يعد يصفّق وإنما “يخطب”.

هناك صورة احتراقٍ أولى مقمحةٌ في القصائد البوعزيزي يبدو فيها المحترق هارباً من النار بالنار. ما شكّله اللّهبُ منه له وجهان أعلى يبدو آتيا وسفلي يبدو ذاهباً. لعلّهما ارتسما في الأذهان كما ارتسم وجها الاله جانوس الموهوب إليه والمشتقّ منه شهر جانفي: إله خرج من خَواء العالم، ناظراً بوجه إلى الماضي وبالآخر إلى المستقبل، في آن واحد. أين كان يتّجه هذا المحترق؟ إلى باب مفتوح، لخروج بلا رجعة، أم إلى باب نجده؟ هل سبق المرادُ الإرادة؟ لا ندري، ولكنّ أغلب الظن أن المقبل على قتل نفسه –مهما كان عزمه- يبقى فيه بعض رغبةٍ في إنقاذها. هو لا يصدّ من أراد خلاصه وإن لامه إن نجا. لكأن الإقدام على الفعل هو المراد، لذاته، وليس الموت.

إن الموت احتراقاً هذا الموت الجامع لكلّ الميتات هل هو الشّوق إلى تخلّص علني ومطلق من شروط الوجود على الأرض؟ إن كان هذا الشّوق ففيه صورةُ ما تأتي عليه النار، ما يترمّد.في تخيّل الترمّد انفصالٌ لا رجعةَ فيه. هو، بهذا المعنى، تطهّرٌ وتطهير كاملان منتهيان. أما العلنيّة فهي في الإشهاد: إضرام النار في الجسد يكون، كما جرت به العادة، في فضاء عام، لكي يشاهده الناس ويُخبروا بما شاهدوا. هذا الإشهاد لا يطلبه من قتل نفسه في حيّزٍ خاص. أن يكون هذا أمام واجهة السلطة، أمام مؤسساتها، كما فعل البوعزيزي، فهذا إعلانُ مواجهةٍ، إعلانُ اتهامٍ ومحاكمة ينزاح بالغضب من الخاص إلى العام. والبوعزيزي وسيطاً ومنشّطاً يدعو فيه إلى التطهّر الجماعي. لم يحترق البوعزيزي في ساحة واحدة من ساحات سيدي بوزيد وإنما احترق، في اللحظة نفسها، في ساحات عديدة من ساحات تونس. المشهد جوّالٌ والنار انصهار: انصهار الجماعة في حال واحدة. من هنا كان التماهي، بدايةً، على وجه التطابق والتوحّدهناك موتاتٌ أقل ألما من موتة الاحتراق بالنار. هذه الموتة هي من أقدم وسائل القربان، ولكن أثرها في نفوس الأحياء ليس من جهة التضحية بقدر ما هو من جهة الألم الذي فيها. هذا الألم هو الذي يهبه المحترق إلى الأحياء. الإحساس بهذه “الهبة” جعل نصر سامى يشبّه البوعزيزي بالمسيح. وراء هذا شعور غامض بالذنب يدفع إلى الاعتذار على تقصيرٍ ما. حتى طلب الشهادة للبوعزيزي هو، في بعض حالاته، اعتذارٌ له. يمثل رمز الاحتراق في المجموعة الحالة الشعرية القصوى التي جعلته يخرج من الرمال التي طمست الحقائق، هذه الحالة الشعرية حررت الإنسانية من معتقلها التاريخي الكبير، خرج الخطاب ليعبر بقوة عن رفضه للسلطوية المضاعفة وأن يقول أن القوالب والنمطية لا يمكنها أن تعتقل الفرد طويلا لتحيين اللحظة الأنطولوجية القاسية التي أدت إلى حدوث منعرج حاسم وغلغلة الموجود الثقيل الذي لا يقبل بسهولة الخروج عن الطوق، إلى جمالية جعلت الفرد يكتب قصيدته بجسده وبروح الجماعة، فنصر سامي يدمر الجسد لتنكتب القصيدة بقسوة، إن الجسد المحترق هنا اكتسب دلالة طائر الفنينق الذي يخرج كل مرة من رماده بعد مشهدية مأساوية عن دلالة الاحتراق، هنا تبتت الحياة في المفهوم الجذري للحظة الرفض  الذي يعبر عن حالة تأزم عميق في رمزية الحدث، حالة تأزم عميق في السلطة. فالثورة كقيمة لغوية تتجاوز النظام الأورتذكسي لتلك البلاغة المعجمية لصالح بلاغة استعارية تعرَّى فيها الناسوت من كل أشكال الناسوتية، ليصبح في مأزق حقيقي، الجسد هنا تحرر من القيمة النرجسية، من عقدة الامتلاك إلى تطور. ما قام به بوعزيزي القصائد أحرج اللا إنساني وأوقفه عند تناهيه، وجعله يقف عند حدوده القصوى للتهالك الذي أصاب الانسان، ومن ثمة صادر كل الأحكام المبدئية عن مشكلة الانتحار ودلالتها بالنسبة للسائد الذي صادر حرية الفرد في جعل جسده ديناميت يتفاعل من خلال تحطيم القيود القصوى للتحرر من أشكال الاستعباد التاريخي ضد السلطان. ففعل البوعزيزي جعل اللا إنساني يقف عند حافة الإفلاس، وهنا نتساءل هل ما آل إليه الجسد البوعزيزي انتحارا أم فعلا تحرريا للقيم الإنسانية؟ التي ظلمتها الإرادات الاختزالية للسلطة، تلك السلطة المركبة والمتسمة بأكثر من رأس؛ سياسية الواجهة الأولية وإبداعية في الواجهة الخلفية، هذه السلط المضاعفة التي حجمت دور الفرد وأيقنته في اتجاه واحد من أنه تابع، بل جعلته عبدا إضافيا للتركة أو “ذاتا” مقبورة في الجماعة. وبالتالي حرمته؛ أي تصرف بمطلقية في ذاته الذي أصبح قلعة برومثيوسية أخيرة في اتجاه تعديل الوضعية التاريخية للجسد الذي طالما كان ملكا للحاكم، ولم يكن ملكا للذاته، هذه الوضعية أهدرت الفرد من الداخل، وجعلته يشعر بأنه تابع للمنظومة ، لكن الجروح التكرارية على جسد الفرد والإهدارات المتكررة لحقوقه في الحصول على قيمة السعادة، جعلته يشعر أنه لم يعد شيئاً. لذلك قرر أن يعيد تصويب الوضعية لذاته وهذا يجعله يثور ضد كل الأيقونات والقيم الفاسدة التي تضافرت في تسييج الإنسان واختزاله كقيمة لا يمكن التصرف فيها، هنا فقط خرج الجسد عن طوره، ليصبح قيمة تهديمية أو كقيمة تعبيرية وإنجازية لإفلاس السلطة القائمة وجعلها تقف عند حدودها لذلك حين تحول الجسد إلى ديناميت انتقال الملكية من الجماعة إلى الفرد سهل بعمق تهاوي السلط وأصبحت أمام مطب حقيقي وجوهري هل نعد فعل البوعزيزي انتحارا أم شهادة؟، هذه الرؤية التعبيرية جعلت البوعزيزي كقيمة نصية في مشهد الحرق ينتقل رمزيا من معبد اللاجدوى إلى تحقيق بشرية الفعل أن يسقط الفعل في التحميل القهري إلى كونه ظاهرة إنسانية مؤقتة نعتبرها حدثا شكَّل مفصلا أساسيا بين وضعية الجسد المهدور ووضعية الجسد المتحرر والذي قاد ثورة ليس فقط على السياسة، بل حتى ثورة على القيم الفاسدة التي تعرت من التباسات التاريخي وأصبح لزاما أن تراجع موقفها.

إن تدمير الجسد بالمفهوم البوعزيزي يعني إعادة تدبير الذات التي وقفت بشجاعة أمام إحراجاتها وإكراهاتها؛ فالحرق هنا لا يمكن أن يقرأ ضمن تلك الآلية التقليدية، بل يمثل الحد الأقصى لانهيار الخوف، باعتبار الجسد قيمة تاريخية مختزنة في مفهوم الجماعة، إنه الممكن الأخير للقيمة التعبيرية عن حالة القلق، أو هو لحظة الامحاء القصوى حين يعزل العقل عن التعبير عن ممكناته أمام سلطة لامعقولية، سلطة قهرية، سلطة مستبدة. فالبوعزيزي دمر كل هذه الأبعاد وأصبح في مشهد الحرق قيمة جمالية غاية في التراجيدية، ذلك المشهد عن كومة النار يحمل دلالة مفصلية لشعلة النار التي نزلت بخطاب الجسد من قيمة تاريخية لمكانة إبداعية، ويصبح الجسد له دلالة أرضية، هذا الانزلاق جعل النزعة التطهيرية تشتغل بقوة إضافية للمأساوية المريعة لكن القربان لم يكن تيساً في التقاليد التراجيدية، بل كان الإنسان في أوثق العلائق بالجسد الذي وقعت عليه الطقوسية والاحتفالية، فالحرق في المجموعة يعبر عن خرق لكل تلك التقاليد الموروثة كابرا عن كابر، إنه توليد لطاقة جديدة ينتهي فيه التقييم الرمزي للجسد إلى كونه قوة تدميرية لتلك السلطة.

يقول الشّاعر على لسان بوعزيزي القصيدة:

ما متّ لكن قلت لا للموت حيّا. قلت لا للظّلم، لا للخوف،

 لا للاحتقار، وقد تفاوتت القوى النّار خير من برود

 اللّامبالاة الرديئ ومن وجوه اللّوح ومن صدأ الإدارات

 ومن أرجع غدا.[6]

        هذا التدبير المختلف للجسد في فضاء المجموعة أعاد ترتيب قيمة الحياة، هل الفناء ضد نزعة الحياة وبالتالي لا يملك الفرد وضع حد لحياته؟ هذه الصورة “صورة الحرق” تحمل برنامجا شعريا مغايرا تعود بنا إلى لحظة إهدار العقل، إنه تعبير عن التعطل والتكلس المطلق لإعادة بناء قيم انسانية يمكنها إعادة تأويل المجتمع، فالجسد الذي خرج عن طوره يعبر عن إفلاس في القيم التي صادرتها اللامعقولية السلطوية التي انبت أساسا على عالم الإيهام اللاعدل وبالتالي، يعبر الحرق هنا عن قمة الرغبة في الحياة لكن حياة جديدة ، بل هو من جهة أخرى يعبر عن نقلة في أقنوم الحياة التقليدية التي رسخت السلطة القهرية التي جعلت الفرد خارج حدود الجغرافيا المعاصرة والتي تجعل اللذة وعناصر المادة أساسا للحياة الكريمة، لذلك فشل الفرد في إنتاج عالم اللذة، لأن أحد المرجعيات الكبرى في بناء ثقافة الشرخ التي يمكن أن تنقل الفرد من كونه تابعا لكونه مستقلا، معتزا بفرادته لأنه قيمة منتجة في التاريخ لا قيمة تنتجها السلطة القمعية، ولعل قيمة عالم اللذة هي المحرك الفعلي لإنتاج خطاب المجموعة الذي يمكن الفرد أن يشعر بالسعادة بعيدا عن المعبد القهري المحروس بالأسوار، والتأويلات التي جعلت الجغرافيا الذاتية مليئة بالعشوائيات وعززت من مبدأ الشعور بالضيم والظلم لأن البناء التحتي للاستبدادي ترفض فصلا بين السلطة السياسية وعالم اللذة حتى يمكن للفرد أن يبني السعادة بعيدا عن الخوف. وهنا أطرح سؤالا جوهريا ما معنى أن ننتج من الجسد المحترق المتشظي خطابا للثورة؟ بل ما معنى أن يصبح احتراق البوعزيزي قيمة بلاغية وجمالية حررت نصر سامى من كل السلطانيات اللا إنسانية؟ بل حرر الذات من هيمنة الجسد بالمفهوم الدوغمائي، والجسد بالمفهوم الأخلاقي؛ الجسد المستور، المتواري خلف الحجب المضاعفة للتاريخ/ الثقافة/ التقاليد… تلك السلطات الرمزية التي مارست تغييبا للذات.

إن الجسد المحترق مارس إنقلابا كليانيا قاد نصر سامي نحو إحداث قطيعة مع المفاهيم الكبرى التي ستتوارد في شكل نقد جذري للقيم السائدة. الإحراق هنا؛ هو تدمير للكينونة المعطلة لمفهوم التساؤل لماذا أنا موجود؟ إنه خروج إرادي للقوة الكامنة في الذات نحو تصدير هوية جديدة تتجاوز التكلس القيمي والثقافي والمعرفي والانساني والسياسي الذي جعل الذات العربية مهدرة القيمة تابعة لزمنية مفقودة، من لحظة الاسترقاق لصالح هويات شعائرية تمجيدية للسلطان، تلك الأنظمة مفلسة معرفيا وراكدة تاريخيا متوارية خلف الكلام الحامل لقيمة الانكسار الذاتي. فرمزية الاحتراق قيمة لغوية تجاوزت النظام البياني/ الخطابي التقليدي، لصالح بلاغة جديدة اتخذ فيها الجديد قيمة تحريرية له من التبعية للقديم، من عقدة الامتلاك إلى كونه ديناميت، هذه الذات المتفاعلة ذاتيا نتيجة تعطل مبدا الجماعة في العقل، نتيجة إفراغ الجسد من صيغ تمظهر السلطة عليه في شكل تراكم أنهك الجسد في الحفاظ على استمرارية الحياة، من لحظة الإحراق، فهو نوع من قهر السلطة لجسدها باعتباره/ الجسد/ ممنوحا باسمها وملكية لجامعتها.

يقول الشاعر:

احرق تكن. فالعود معقود بناصية الرماد والليل ترهبه

 القصيدة. [7]

 إنه إفناء وجودي لقيمة الجسد الذي لم يعد له معنى في ظل ترسب القهر التي غطت الجسد في بعد واحد، فالبوعزيزي أحرق الجسد كتعبير عن تأزم العلاقة بين الحاكم والمحكوم بين الموجود والمنشود. الحرق هنا؛ تفكيك للأبنية التاريخية، نحو تجديد العلاقة بقيمة الحياة خصوصا، إذا كان تفجيرا لأنظمة الرقابة والمصادرة بقطع الصلة بالسلطان الفاسد، نحو تأسيس تفاعل قيمي جديد نحو تجاوز الأثر النفسي إلى التخريج الجديد الذي انهارت فيه قيمة الجسد المنصهر في دلالته؛ الحرق مع أن الحرق كفعل واحد يبرر منطق هزيمة الجماعة أمام الفرد، لأن قيم الجماعة لم تستطع أن تؤسس في الفرد قيمة المحافظة على جسده باعتباره ملكا جماعيا/ بل باعتباره أمانة ووديعة. إنه إنتاج لخطاب جديد لأسطورة فينيق الذي يحيا من رماده بجسد أكثر شهوانية، البوعزيزي قتل كل الأبنية الرمزية في العقل التاريخي، أصبح الفرد هو المعذب بقراره، تجاوز الإرث الأخلاقي، لأنه انتهاك للسلطة نتيجة الفراغ الكبير في إقناع الفرد بضرورة حماية الذات من كل ما يحاك به من خطر ليصبح التدمير الذاتي هو ضرب للذات من الخارج بعد تلك المراجعة التي حصلت بجلد الذات بعد الهزائم المتكررة للإنسان العربي أمام أعدائه، فيصبح المتبقي الوحيد للانتقام هو الجسد، باعتباره الممثل السيميائي الوحيد للسلطة المغشوشة في يد الفرد. على الرغم من خطورة القرار والدوافع المؤدية لهذا النزوع الذي يحمل قيمة الانتحار.

إن الحرق هنا؛ عبَّر عن عودة العقل إلى ممارسة التفكير في لحظة فجائية فجائعية، وهل التفكير إلا حرق للذاكرة؟ وتشكيل وعي جديد باندثار الوعي القديم إلا من أثره، إنها فلسفة الغياب والنسيان للوصول إلى أكثر المحطات الإبداعية في تاريخ البشر/ الثورة. ففي تلك اللحظة التي تناسى فيها البوعزيزي من يكون حرر العقل العربي من تبعياته التاريخ. إن جسد البوعزيزي يمثل قطيعة مع الإرث المغشوش في أنطولوجيته. والبوعزيزي هو الهادم في تاريخ السلطة الذي انفجر ضد كل تلك المهزلة ليقتل رمزية الانتهاك والفساد في التاريخ المستلب، فالبوعزيزي في القصائد أصبح لوحة فنية على قساوتها تحمل رؤية قبيحة للسلطة الظالمة ونصا مفتوحاً على ألف قراءة. مع البوعزيزي، لم يفقد الجسد جماليته/ لم يفقد الشهوة/ اللذة/ لم يصبح دالا سلبيا على انحسار دور الشهوة/ الإشباع/ ليصبح الجسد ذاته ديناميت، الجسد حطم الوثوقيات الكبيرة التي خذلت الإنسان  في العيش بكرامة.

 فذات البوعزيزي تمثل الحالة النقدية الجذرية التي يمكن أن تراجع فينا كل المتخيل التاريخي للمفاهيم الكلية للحرية، الإنسان، الوطن وما تبقى من البوعزيزي في تلك الصورة الفنية التي أصبح فيها نص الصورة يعبر عن لوحة فنية تمثل فعل مقاومة ضد كل الأيقونات الاختزالية للفرد، الفن يحرر الذات من جبروت الدوغمائيات أو ضد كل الأنماط التي شكلت نماذج متعددة لفعل المصادرة الكامن في العقل العربي الذي أسفر عن كائن شاحب مستلب الإرادة. فالشعر في المجموعة رهان تحرري من الاسترقاق، هذا التقدير الجمالي لصورة البوعزيزي هي الضامن الوحيد لحرية الفرد العربي الذي بدأ فعلا بكتابة تاريخ بشري من لحظة مناهضة القيم القصوى المتوارثة لصالح قيم حياتية تؤكد على فلسفة التحرر

[1]  سامي نصر، عربة لخيل الأساطير، الثقافية للنشر والتوزيع، 2011، نشر محدود .تمّ تضمين قصائده كلّها في هذا الكتاب.

 [2] سامي نصر، عربة لخيل الأساطير، ص 107

 [3] نفسه، ص 109

  [4]  نفسه، ص 97

[5]  نفسه، ص 60

[6]  نفسة ص ص 94 ــ 95

 [7]  نفسة ص ص 90 ــ 91

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.