الدرس النّقدي المغربي والتجربة السردية التونسية روايات نصر سامي أنموذجا

0 1٬048

 

ليلى القاسمي

صدر مؤخّرا كتاب على درجة كبرى من الأهمية، كيف لا؟ وهو كتاب اجتمع عليه عدد من الأساتذة المتخصصين ضمن ماستر النقد وآليات اشتغاله بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان مولاي بني ملال بالمملكة المغربية. وعنوان الكتاب “مناولات تأويلية ونقدية في أعمال نصر سامي الروائية”. والكتاب في حجم كبير 450 صفحة يشتمل على أبحاث علمية محكّمة في المشروع السردي للكاتب التونسي نصر سامي. ولقد تمّ تنفيذ هذا الكتاب بإشراف وتقديم د. مولاي علي سليماني الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان مولاي بني ملال بالمملكة المغربية.

وعلى حدّ علمنا فإنّ هذا الكتاب بالشكل الذي صدر عليه يعتبر أول كتاب نقدي يتمّ فيه الاهتمام من طرف فريق من الباحثين من المغرب بكتاب أو بمجموعة كتب لكاتب تونسي واحد. ومن هنا تأتي قيمته وضرورته، لأنّه يمثّل إضافة للاعتراف بالمادة المشتغل عليها تعاونا عربيا مهمّا ومفيدا وترسيخا لدور الجامعات في نقد وغربلة المنجز الروائي.

يتضمّن فهرس الكتاب تصديرا للأستاذ خالد معصي يشير فيه إلى أن طبيعة عمل الفريق الذي يتنزل في إطار سلسلة من المبادرات العلمية والمشاريع البحثية، وضمنها يشير إلى هذا الكتاب بقوله: “قراءة نقدية موسعة وثرية في أعمال الروائي التونسي نصر سامي، قراءة تستمدّ خصوصيتها ونجاحها على تعدد المناولات وتكاملها في حدود معينة، ومن الجمع بين مشارب وبيئات معرفية مختلفة من حيث اهتماماتها وميولاتها، ومن حيث طبقاتها العلمية وصفاتها الأكاديمي، فما أجمل أن يجتمع الأساتذة الأكفاء وطلبتهم المجدّون على كلمة واحدة في العلم”. ولقد بين التمهيد صلة هذا المشروع ببيئة أدبية وبحثية أصيلة ونادرة في الجامعات العربية، وعلى أنموذج بحثي قرائيّ يعمّق الفعل التشاركي الإبداعي العلمي ويشيعه في آن.

ثمّ يأتي التقديم بقلم د. مولاي علي سليماني، وفيه نلمس منهج الكتاب وأسباب اختيار المدوّنة، ولقد بدأه بقوله: “يعدّ الكاتب التونسي نصر سامي من الكتّاب الشباب الذين شقوا طريقهم في الكتابة السردية بثبات، مع تعدد لافت في الأجناس، فقد أبدع في الشعر (صدر له 10 مجاميع شعرية)، وفي الرواية (صدرت له 5 روايات)، وحاز التقدير من المختصين، وطوّع الألوان فأخرجها لوحات فنية لا تكفّ تستدعي نقاد الفنّ التشكيلي”. ثم أضاف: “وفضلا عن تمرّسه في الإبداع، فقد أفاده خياله الخلاق، واستطاع تحقيق تراكم إبداعي دفعنا إلى التفكير في مساءلة ما كتب قراءة وتحليلا، بقصد تقديم مقترحات قرائية متوعة ومتبايتة تثري أعماله، وتكشف الحجب عن المعاني الثاوية خلف النصوص”. ويؤكد الدكتور مولاي علي سليماني أنّ تفكيره قاده إلى تقاسم هذا العمل مع ثلّة من الجامعيين والباحثين الشباب ممّن وجد فيهم الاستعداد والأهلية للممارسة التحليلية والنقدية لاعمال نصر سامي. وتعددت المناولات واختلفت لأجل أن تكون القراءات النقدية موسّعة وثرية. وقدم خطّة الكتاب وتخطيطه، ولأهمية ما ذكره ودقته فإنّنا نورده كاملا كما ورد في مقدمة الكتاب.

يقول د. مولاي علي سليماني: “ولأجل أن تكون قراءاتنا النقدية موسعة وثرية فقد تعددت المناولات واختلفت فجعلناها موزعة على خمس مناولات:

أولا: المناولة الثقافية: قدمنا فيها مقاربة نقدية ثقافية من خلال بحث بعنوان “حكايات جابر الراعي من الطبيعة إلى الوظيفة: مناولة تقابلية ثقافية لصراع الأنساق”، حيث كشفنا عن طبيعة الحكايات أولا وعن بعض وظائفها ثانيا، وبيّنا صراع الأنساق من داخل الحكي، باعتباره نسقا معرفيا ينتصب وجها لوجه مع النسق المضاد، ومثلنا الأمثلة للتقابلات الثقافية القائمة بين النسق المهيمن الطاغي، والنسق المغلوب المستضعف، وأرجعنا هذه الظاهرة الثقافية إلى المنشأ الذي ظهرت فيه في الثقافة العربية، كما هو الأمر في بيان الجاحظ وأغاني أبي الفرج، واشتغل على النقود المضمرة في الحكايات على جهة التمثيل لا الحصر.

       ثانيا: المناولة اللغوية الأسلوبية: نمثل لها ببحث د. خالد معصي الذي اعتمد الحوار أساسا للكشف عن الإمكانات اللغوية والأسلوبية لصناعة خطاب روائي بليغ في “رواية العطار”، بوصفه قناة للمعرفة والكشف والبناء. معتبرا أن بلاغة الحوار في رواية العطار مشروطة بالتكامل الواقع بين المداخل اللغوية، والأوجه الأسلوبية التي تستدعيها تلك النماذج المدروسة من الحوار، وهي رؤية تراعي نسقية الحوار والسياق العام الذي يؤطر كل حكاية على حدة.

ثالثا: المناولة التأويلية التقابلية: وقد ضمت ” قراءة مفتاحية في أصوات العطار لنصر سامي وهي دراسة تأويلية-تقابلية للباحثة نعيمة المبتوث، فقد كان صوت الأصوات فيها مسموعا، في عملية بناء أحداث رواية العطار لنصر سامي، إذ يستطيع القارئ المؤول أن يرى ذاك الانعكاس التقابلي بين أصوات العنوان (ع ط ر)، وبين الرواية المتمثلة في بطلها (جمال الدين العطار)، وكاتبها (نصر سامي).

       أما الباحث محسن الصالحي فقد سعى ، كما ذكر، “إلى إضاءة جوانب من المعاني التي تزخر بها أعمال الروائي التونسي نصر سامي؛ وذلك بالاستعانة بالآليات المتضمنة في التأويلية العربية؛ كونها تُولِّد معاني الخطابات بصفة عامة، انطلاقا من أدواتها المعرفية البنائية والسياقية”.

رابعا: المناولة السردية والموضوعاتية: واشتملت على ستة بحوث، أولها: “المقومات الفنية والتربوية لأدب اليافعين” لصاحبه ذ. ميلود عرنيبة، بين من خلاله أن الكاتب نصر سامي استطاع أن يبدع حكايات ملائمة لفئة اليافعين، وضمنها أبعادا مختلفة؛ فضلا عما أودع فيها من مقومات التشويق والإبداع من جهة وما حوته من الغرابة والعجائبية. فضلا عما أودع فيها أيضا من قيم تربوية هادفة سواء ما تعلق منها بالقيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية والكونية، أو ما له أثر كبير في تثقيف اليافعين وتعليمهم، وأرجع الباحث ذلك لما اتسمت به أعمال نصر الروائية من عناية لغوية وصنعة بلاغية. مما تبين معه أهمية الحكاية وقدرتها على الاستمرار والسفر دون أن تفقد بريقها على الرغم من ظهور أجناس جديدة.

       أما الباحث عاتق نحلي فقد تسلح من خلال قراءته التأويلية “فلسفة الحكي في تجربة نصر سامي الروائية: من حكايات جابر الرّاعي إلى الطائر البشري” بذخيرة من الاستراتيجيات القرائية المتساندة التي يتكامل فيها التحليل والتطبيق. وقد أفضت هذه القراءة إلى استنتاج مفاده، قدرة الحكي على استشراف حقيقة الوجود ،باعتباره مرادفا للمعرفة.

       وترى الباحثة سارة باقس أن القراءة الموضوعاتية لرواية الطائر البشري تكشف عن توجهات الكاتب وتعرب عن فكره، الذي تسيطر عليه موضوعة المعرفة بشكل ملحوظ وتغذيه الرغبة في تغيير الواقع وترسيخ روح العلم والثقافة في نفوس الناشئة التي يعول عليها في تحقيق نهضة المجتمع الإنساني وتقدمه وازدهاره. واعتبر الحكاية هي ذاك المعين الذي لا ينضب لتحصيل المعارف والانفتاح على الحضارات والثقافات، مقررا بذلك مركزية الحكي في تخليد الوجود الإنساني وحمايته من الضياع.

أما الباحث هشام ميري فقد سعى، من خلال، بحثه “التكامل السردي في رواية حكايات جابر الراعي”، إلى بيان التكامل القائم بين مقومات العمل السردي من شخصيات ومكان وزمان لما لها من أهمية بالغة في الرواية، للتناسب القائم بين المقومات المذكورة في بناء عالم سردي عجائبي غريب. فحضور العجائبي في الرواية مرتبط بتنوع الشخصيات والأفعال؛ وهذا لا يعني أن المكان غير المكان، والزمان غير الزمان بل إن مدار الأمر على قدرة الشخصيات على خلق العجيب، بما يوفره لها خيال الروائي الرحب والفسيح.

       وقد اشتغل الباحث خالد العنيكري على موضوع “بَلَاغَةُ السِّمَاتِ فِي الخِطَابِ الرِّوَائِي الفَانْتَاسْتِيكِي” من خلال التطبيق على رواية “الطَّائِر البَشَرِي” فتوقف عند السمات البلاغية المكرورة في المتن الروائي من البداية حتى النهاية، محاولا كشف النقاب عن بعض مقومات الخطاب الروائي البلاغية.

       أما الباحث محمد بونفي فقد عكف على بيان مواطن الجمالية والواقعية والخيال في أعمال نصر سامي..

خامسا: المناولة اللسانية: وقد اندرج ضمنها ثلاثة أبحاث : الأول قدمه الدكتور مصطفى عقلي في موضوع “نحو قراءة لسانية وظيفية لرواية حكايات جابر الراعي القالب التخيلي أساسا للتأويل”.

وقد قدم الباحث مقاربة وظيفية للخطاب السردي، فاشتغل على رواية “حكايات جابر الراعي” مستندا إلى فرضية القالب التخيلي، لمقاربة الخطاب المجازي، بمفهومه الواسع، إنتاجا وتأويلا، على حد تعبير الباحث، بغية تمحيص مدى ورود هذه الفرضية وانطباقيتها على الخطاب عامة والسردي العجائبي خاصة.

       أما البحث الثاني فقد أنجزته الباحثة زينب السعداني في موضوع الخطاب السردي من منظور نحو الخطاب الوظيفي : رواية الطائر البشري نموذجا، استثمرت من خلاله الباحثة الآليات والإواليات اللسانية الوظيفية لقراءة الرواية المذكورة واستكناه مقاصدها وغايتها التواصلية.

       أما البحث الثالث لصاحبته الدكتورة دلال وشن المعنون “بالسياق التداولي وحدود التأويل في حكايات جابر الراعي” فقد سعت من خلاله إلى بيان ما للسياق التداولي من وظيفة في عملية التأويل بالاعتماد على أهم عناصره وهي المرسل والمرسل إليه والزمان والمكان واستراتيجية الخطاب”.وفي هذا أتى د. مولاي علي سليماني على ثبت بالأعمال المقدمة في متن الكتاب ساردا أهم غاياتها ومبوبا لها ضمن سياقات معرفية ونقدية متنوعة، وانتهى التقديم بفقرة مهمّة نوردها كاملة:       “نرجو، من خلال جهود الباحثين مجتمعين، بهذه المناولات التأويلية  والنقدية واللسانية،  ومن خلال التنزه في العوالم الحكائية والعجائبية لنصر سامي، أن نكون قد استكنهنا نقود السارد الخفية والمضمرة. وسلطنا الضوء على نسيج أعماله الروائية، من منظورات مختلفة: نقدية وتأويلية وموضوعاتية ولسانية خرجت بالنص السردي من مجرد القراءة المحايدة إلى القراءة النقدية المثرية للنص، لأجل أن تعطيه أبعادا تأويلية تتناسل بها المعاني، وتلبس الحكي حلته المعرفية وقيمته الإنسانية، ليصبح سلاحا قادرا على التغيير نحو الأفضل، لخلق جيل يحتفي بالقراءة، ويقرأ لكي يعيش، ويسافر لكي يحكي، ما دام الحكي وسيلة للتحرر من قيود الزمان والمكان، فلا رقابة ولا أصفاد، ما دام للإنسان خيال يجوب به الآفاق ويعبُرُ به الأنفاق، فهنا واقع، للحياة فيه حدود، وهناك ، بالخيال، نشدان للمفقود، وتجاوز للموجود”.

وفي خاتمة الكتاب تم تلخيص المحتوى، بالتركيز على أهم نتائجه، ولأهميته نورده كاملا: “رغم تعدد المناولات واختلاف المنطلقات والقراءات وغنى المفهومات والمصطلحات، إلا أن ثمة خيطا ناظما يجمع بين هذه المشاركات في عقد فريد، يغري القارئ ويحفزه، أولا، على السفر إلى جزر المتن المنقود المتمثل في أعمال نصر سامي الروائية لاكتشاف عوالم جديدة من السرود العجابية الماتعة المشدودة إلى خيال مبدع خلاق لا حدود له، ويدفعه، ثانيا، إلى التعجيل بالإياب قصد إنعام النظر في جهود هؤلاء الباحثين لاستكناه أسرار هذه الأعمال الروائية والوقوف على تخوم أدبيتها وإبداعيتها، والتعرف على المسكوت والمضمر فيها، وذلك من خلال مداخل قرائية متنوعة وموسعة، تجمع بين ما هو موضوعاتي وتأويلي ونقدي ولساني.

د. مولاي علي سليماني

وقد جاءت نتائج هذا العمل وخلاصاته متسمة بالتنوع والتكامل تبعا لتنوع المناولات والمداخل، واستجابة لمبدأ التكامل المعرفي والتفكير التشاركي الذي يؤطر هذا الكتاب الجماعي دافعًا وغايةً. وتلكم النتائج والخلاصات نعرض لها كالآتي:

  • إن حكايات جابر الراعي قد استطاعت بما فيها من لهو وحكمة، أن تضطلع بوظيفتها الثقافية، وأن تؤسس لمسرود نافع وظيفته المثلى هي التوعية وليس التعمية، في وقت كثر فيه الزبد الإنشائي، والعبث في الكتابة.
  • سعى السارد إلى بناء وعي فاعل بطريقة شعبية هامشية في مضمونها، ونخبوية في طريقة إنشائها، واستطاع من خلالها تعرية الأنساق الجاثمة في المعيش اليومي، بغية تصحيح العلاقة مع الآخر وتقويمها،  ولأجل تحقيق مزيد من الراحة النفسية والإبداعية للذات الساردة.
  • استطاع نصر سامي بفعل سلطته في الكتابة أن يصنع ذائقة مضادة للأولى، بمحكي يستمد فاعليته من المخزون الثقافي الشعبي، باعتباره شلالا ثقافيا، وموردا حكائيا لا ينضب أبدا.
  • يستمد الحوار في رواية العطار بلاغته من اعتماد السارد على ملكاته اللغوية والبلاغية وتوظيفها توظيفا دلاليا عميقا يراعي مقتضيات الأحوال.
  • ينطلق السارد في رواية العطار، من كفاءة أسلوبية، ورصيد معجمي مهم يسمحان بإنشاء حوار بليغ يستجيب لمجموع المقاصد والغايات التي يسعى السارد إلى تبليغها بواسطة شخصياته.
  • يقوم الحوار في رواية العطار أسلوبيا على مبدأِ تخير اللفظ، وقد استطاع السارد من خلاله، أن يزيد من تماسك الخطاب بلاغيا.
  • يشكل الحوار البليغ لبنة مركزية في البناء السردي لرواية العطار، وعنصرا فاعلا في عملية صناعة خطاب أبلغ.
  • إن أصوات عنوان رواية (العطّار) لنصر سامي، مفتاح الوصول إلى ما يحمله النص من معان؛ ذلك أن المفاتيح الصوتية للعنوان، حين تساندت مع مفاتيحه المعجمية والصرفية والنحوية، وتقابلت مع النص، استطاعت فتح بعض مغالق شخصية بطل الرواية وراويها.
  • إن أعمال نصر سامي الروائية مبنية ببُنى نصية، منحت للروايات قوة بنائية، ورصفا سليما متينا، ولو لم يكن الرجل مُلِمًّا بالعربية لما تأتى له ذلك. ورأينا من خلال البنى التي سُقناها كأمثلة أنَّها أسهمت إسهاما قويا في توطيد معاني الروايات وبناء أحداثها، وتجلى ذلك في البنى الصرفية والنحوية والبلاغية.
  • شكَّلت البُنى السياقية، زيادة على البنى النصية، أساسا للبناء الروائي عند نصر سامي، واتضح ذلك من استناده إلى بنى سياقية عديدة مثلنا لها نحن باستناد نصر سامي إلى المعرفة القرآنية، والعقيدة الدينية، والاستناد إلى الشعر، والأمثال السائرة.
  • إن فلسفة الحكي في تجربة سامي نصر الإبداعية تتجلى في مرادفته للمعرفة؛ أي إن معنى الحكي في الروايتين هو القول بقدرة الحكي على النفاذ إلى حقيقة الوجود، وذلك عبر جدل نسقين ثقافيين رئيسين: ظاهر ومضمر.
  • سلط نصر سامي الضوء على القيم التي تسود مجتمعه بطريقة غير مباشرة، من خلال الحكايات الكثيرة التي أثثت فضاءات هذا العمل الروائي، محاولا ترسيخ القيم الإيجابية ونقد السيئة منها ونبذها.
  • إن تعامل نصر سامي مع سرد الحكايات في قالب مشوق يجعلنا لا نشعر بالملل، بل تنتابنا نوبات العشق لسبر أغوار السر الذي يتحقق أو لا يتحقق.
  • عمل نصر سامي في روايته “الطائر البشري” على تقديم عالمين متناقضين، من خلال طبيعة الأحداث وأنماط الشخصيات والفضاءات. محاولا مدّ المتلقي بعمل روائي مليء بالقيم الإنسانية الكونية والدينية الإسلامية في صورة بديعة مقبولة عند جميع الفئات العمرية الراشدة.
  • لروايات نصر سامي الثلاث “حكايات جابر الراعي، والطائر البشري، والعطار” سمات مميزة تفتح للرواية العربية أفقا فسيحا من الإبداع؛ إذ مزجت بين اللغة السلسة التي يفهما جل القراء، واللغة السريالية التي تحتاج قراءة خاصة للوصول إلى ما يرمي إليه الكاتب.
  • كشف المزج بين الواقع والمتخيل في رواية “الطائر البشري” عن معاناة الذات الإنسانية الباحثة عن هويتها وتحققها الفعلي كذات إنسانية في الوجود.
  • اعتماد الكاتب تقنية الوصف من أجل تبليغ مقاصده؛ حيث صار الوصف عنصرا أساسا مهيمنا خضع لمشيئته السرد.
  • مزاوجة الكاتب بين الترتيب الطبيعي والترتيب الموسوم أو مبدأ الإبراز التداولي الناتج عن استخدام تقنية الاسترجاع السردي، الشيء الذي أضفى على روايته طابع الجمالية والتأثير الفني”.

.بهذا ينتهي الاقتباس المطول من الكتاب، ونكون قد وصلنا لخاتمة هذا العرض لكتاب نرى أنّه سابقة في الدراسات الأدبية البينية التي يتصادى فيها المبدعون العرب إبداعا ونقدا، ولئن شملت البحوث ثلاث روايات من أهم أعمال نصر سامي فإن له رواية أخرى بعنوان “الآيات الأخرى” هي باكورة أعماله كان يفترض أن يشملها البحث، وصدرت له بعدها رواية أخرى هي “برلتراس” نأمل أن يتمّ تداولها من طرف نفس الفريق وقد صار خبيرا بأعمال الكاتب وصارت له به دراية كبيرة. وأحسب أن المستفيد الكبير من هذا الكبير هو نصر سامي نفسه لما سوف يحصّله من عميق التفسيرات والرؤى، ولما سوف يلاحظه من دقة الباحثين وهم يمحّصون كتبه تفسيرا وتخريجا وتفكيكا ومساءلة، والكتاب بعد هذا كلّه عمل متقن رصين ثاقب الرؤية يدخل في صلب وظيفة الناقد الأدبي العارف الذي يبشّر بالموهبة ويحضنها ويدفعها نحو المزيد من العمل، وليت جامعاتنا العربية تستفيد من هذا الدرس النقدي المغربي.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.