كرست أعمالها لفلسطين وقضيتها

المصممة هبة ياسين: عطائي لفلسطين يتجسد في تصاميمي

0 2٬430

عباس الحايك – سماورد

 أثناء بحثي عن صور تناسب مقالاُ من مقالات مجلة سماورد، وجدت صدفة تصميماً لامرأة ترتدي الثوب الفلسطيني بزخارفه الفريدة، بحثت عن صاحبة التصميم ووجدت حسابها على الانستغرام، تصفحته ووقفت أمام مصممة مبدعة، تشي تصاميمها بقدرة عالية وإمكانات ووعي أيضاً. إنها هبة ياسين مصممة الجرافيك الشابة، الفلسطينية التي تعيش في لبنان، وتعود أصولها إلى قرية صفورية المهجرة في مدينة الناصرة المحتلة، التي هجر الاحتلال الصهيوني أهلها وأقام مكانها إحدى مستوطناته.

كان شغفها في البداية نحو السينما وصناعة الأفلام، وكانت الحلم أن تصبح مخرجة سينمائية. لم تتمكن من دراسة السينما في لبنان، ففكرت في دراسة الإعلام لكن الصدفة قادتها لدراسة التصميم الجرافيكي. شغفها للأفلام جعلها تحبط لأنها لم تكن تنوي أن تدخل مجال التصميم، ولم تفكر فيه يوماً. في الصف الأكاديمي تعلمت أساسيات التصميم وانطلقت لتبدع لنا تصاميم أثبتت قدراتها، واكتشفت أنها يمكن أن تجد ذاتها في التصميم. قدمت أفكاراً في الجامعة حصدت اعجاب المعلمين وأنهت دراستها بتفوق.

حين سألتها عن عدم دخولها عالم الفن التشكيلي واختيارها للتصميم الجرافيكي، أجابت: “أعتقد أن ما أقوم بتقديمه هو نوع جديد من الفن. الفن التشكيلي واللوحات رغم الإبداع والجمال فيها، إلا إنها أصبحت كثيرة في يومنا هذا، تعلمت أثناء دراستي الجامعية أساسيات الرسم والفن التشكيلي، ولدي لوحات 5 لوحات تشكيلية، تحاكي و تجسد ازقة المخيمات الفلسطينية بمناطق مختلفة في الشرق الأوسط”.

ومن وجهة نظرها ترى أن الفن التشكيلي والتصميم الجرافيكي يحتاجان لمجهود وتركيز وإتقان، ولكن ومن خلال تجربتها الذاتية وجدت أن التصميم يمكن التدقيق في تفاصيل العمل بشكل أفضل، ويمكن تنفيذ الفكرة التي تطرق ذهنها بطريقة أفضل ووقت أقل، فهي تميل أكثر لاستخدام اللابتوب على استخدام الريشة والألوان.

في تعريفها الخاص بحسابها على تويتر وانستقرام، كتبت أن فنها مخصص لفلسطين، وهذا واضح تماماً في كل أعمالها المنشورة، سألناها إذا كان هذا الأمر يمكن أن يحدها في دائرة إبداع واحدة، فردت مؤكدة بأنها من أشد المعجبين بالكتاب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، وتؤمن بمقولته الخالدة “إن الإنسان بنهاية الأمر قضية”، فلسطين قضيتها، فكونها فلسطينية بشكل عام ولاجئة بشكل خاص، فإن ما تقدمه من أعمال فنية موجه ومكرس لفلسطين، ويبدو أنها غير معنية سوى بفلسطين وهي دائرتها.

عاشت هبة ياسين في مخيم للاجئين لست سنوات في لبنان، كانت ترى فلسطين على جدران المخيم وبين أزقته، فكانت فلسطين حاضرة حتى في مدن اللجوء، فكما يقولون “كل شعوب الأرض لديها أوطان تعيش فيها، إلا الفلسطيني لديه وطن يعيش فيه”، تقول أن “فلسطين هي البوصلة، هي الوطن المسلوب، فلسطين هي القضية، فلسطين منحتني الكثير، منحتني الكرامة، منحتني تاريخاً عريقاً وأدباً راق، منحتني شعباً جباراً عنيداً، منحتني لقب “فلسطينية”، وعليه يجب أن أعطيها بالمقابل. وعطائي تجسد بتصاميمي، حاليا كل أفكاري أحاول حصرها بفلسطين، وإعطائها طابعاً فلسطينياً”.

فلسطين حاضرة في كل أعمالها، فلسطين القضية والهوية. تحضر قضية العودة، والجدار العازل، وتحضر أيضاً الملابس الفلسطينية بزخرفتها المميزة كامتداد للهوية. ففلسطين “هي القضية والوطن المسلوب، فلسطين ليست أرضاً مسلوبة فحسب، بل ثقافة وتاريخاً مسلوباً، يحاول الاحتلال سرقة كل ما هو فلسطيني ليطمس تاريخنا، ومن هنا يأتي دور كل فلسطيني لكي يحارب من أجل كل ما هو مسلوب. ودوري هنا يكمن في المحافظة على الثقافة والتاريخ الفلسطيني من جهة ونشر كل ما هو فلسطيني من جهة أخرى”. نشرت هبة مجموعة من تصاميمها هي عبارة عن طوابع فلسطينية، من خلاله تمكنت من التعريف بمختلف المدن الفلسطينية، من شمال البلاد إلى جنوبها، وتسليط الضوء على أشهر المعالم فيها. ومشروعها الآخر الذي يعنى بإعادة إحياء المنشورات القديمة، الخاصة بنساء فلسطينيات وكانت الغاية من هذا المشروع هو تسليط الضوء على الزي الفلسطيني التقليدي، والحرف الفلسطينية التقليدية. ومن مشاريعها الأخرى أيضاً، (قصص جداتنا القديمة)، حيث نشرت على شكل تصاميم قصص الجدات وأغانيهن وشرحت فيها بعض الألفاظ الفلسطينية الواردة في الأغاني. وترى أن كل تصاميمها “عفوية نابعة من حب فلسطين”.

تصاميمها هي نتاج اتقانها لبرامج التصميم المعروفة مثل Adobe illustrator و Adobe photoshop وهذا ما يجعلها قادرة على كسب المال من وراء هذه الموهبة، لكنها لا تفكر بأي مردود مادي، كل ما تركز عليه هو خدمة فلسطين من باب الفن. قد تفكر يوماً بالعمل التجاري لكن لتقدم جزءً من أرباحها لمساعدة العائلات الفلسطينية المحتاجة.

تطمح هبة ياسين إلى عرض أعمالها في معرض خاص، وتحتمل أن يكون هناك معرضاً خاصاً يجمع أعمالها في الأشهر القادمة، كما أنها تطمح لجمع تصاميم مشروع حكايا جداتنا في كتاب يكون متاحاً للقراء، ولديها مشروع (قرانا المهجرة) وهو كتاب يجمع تصاميم للقرى الفلسطينية المهجرة متبوعة بملخصات بسيطة عن هذه القرى. حتى الأطفال لهم نصيب في أحلامها، حيث تحلم بتجربة تصاميم للأطفال تعرفهم بفلسطين تاريخاً وثقافة.

طموحها كبير، فثمة حلم يراودوها، أن يكون لها معرض شخصي لأعمالها في بلدها (فلسطين)، يحضره أهله، يشاهدون ذواتهم فيه، ذواتهم التي انشغلت بها وقدمتها في تصاميم جرافيكية، كما تطمح لمواصلة العمل لخدمة فلسطين. هي لا تستطيع أن ترى نفسها بعد سنوات، أين، وكيف، ما هو مستقبلها وهي الفلسطينية. لكنها فقط تحلم. والحلم وقود.

يمكن زيارة حسابها على الانستغرام:

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.