“لذة المكاشفة السردية” في حضرة المرويات الكبرى

كتاب نقدي لنصر سامي

0 831

سماورد

يتناول الكاتب والناقد التونسي نصر سامي في كتابه المعنون بـ”لذة المكاشفة السردية”، الصادر مؤخرًا عن دار الوتد القطرية، مجموعة من الأعمال الروائية بالدراسة المتأنية؛ وذلك من خلال ما يقارب عشرين مقالة مطولة أو بحثا تحليليا. في هذه الدراسات، تتبعٌ لأربعة أبعاد (مادي، وزمني، واجتماعي، وسيميائي) يمكن مقاربة الأعمال الروائية عبرها؛ باعتبار الرواية أثرًا أدبيًا تتخطى كونها مجرد نص. وفي هذا الاتجاه، سعى نصر سامي إلى تجاوز ظاهر النصّ، وإلى محاولة الخوض في باطنه، والكشف عن المضامين والمعارف الذاتية والتاريخية والاجتماعية والجغرافية والفلسفية والعلمية والتقنية والأنثروبولوجية وكيفية تسريدها، وعملية إذابتها داخل الرواية؛ استنادًا إلى الرأي القائل أن الرواية استوعبت جميع الفنون وجميع العلوم، ولم تعد حكاية ممتعة فقط.

نصر سامي

استكمالًا لهذه الرؤية، يرى الكاتب – عبر ما يطرحه في هذه القراءات – أن العمل الروائي مهما بدت مختلفة هيئته النهائية التي قد يظهر عليها؛ فإنه ليس إلا نتيجة لما يلتقطه في شبكته اللامتناهية التعقيد بتداخل خيوطها المتنوعة، حيث يبدأ هذا التنوع بما قبل المرويات والشعر ومرورًا بكل الأجناس ولا ينتهي عند حدود التفكير الفلسفي، وجميعها أجزاء أصيلة في تكوين العمل؛ تفقد استقلاليتها التي كان تنفرد بها خارجه.

 هذه الحركية في الأجناس خلال الأبعاد الأربعة بتنوع المضامين الذائبة هي من مميزات الرواية، وتسمو عبر ميزة أخرى تتجلى في اللذة؛ اللذة التي حاول الكتاب كشفها عبر دراسة عمل منفرد، أو عبر دراسة فكرة في كتب متعددة، أو عبر مزج أساليب الدراسة. يمكن، أيضًا، قراءة هذه اللذة في العناوين التي وُسمِت بها الدراسات التي تضمنها الكتاب مثل: الجسد المنهوش وسروده؛ وبذور الخديعة في تربة السّرد؛ والرّواية بديلا عن الوجع؛ وحكمة الخسارات؛ وعضّات السّرود الكبرى وآثارها؛ والرواية والإيهام بالتاريخ، والاندراج في الاستشراق؛ والمتن المنسيّ  الذّي لم يكتبه رواة  الأناجيل؛ والرواية ومراثي الموت الكبرى.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.