لم يكن يُدرك أن قطعة الزجاج التي التصقت به قادرة على أن تقلب حياته هكذا. لم يكن إلا حضورًا عاديًا قبل أن يعرفها، لا يلتفت كثيرا لملامح الوجوه من حوله والتي تحمل معها ثقل الحياة، كان أكثر خفة، أكثر راحة حتى وهو ينصت لبعض الهمسات أو تلك الضحكات من حوله، كان يبتسم وكأنه جزء من حكاياهم المبهجة.
الآن وقطعة الزجاج ملتصقة به هكذا، أصبح أكثر ثقلًا وهو يدرك أن تلك الملامح أصبحت أكثر ثقلًا وهو يدرك أن تلك الملامح أصبحت أكثر وضوحًا ببؤسها وعاهاتها، أصبح أكثر تبريرًا لردات فعله، أكثر انتباها لتفاصيل لم تكن تعنيه. المفاضلة المقيتة، التركيز المبالغ، حتى بعض تلك الهمسات والضحكات التي كانت تبهجه اكتشف أنه البطل فيها بحضوره التافه في خطة الحياة المتقنة للبعض كتسلية!! تلك مأساة أن تكون منتبهًا جدًا!! أعاد مسح قطعتي الزجاج جيدًا بعد أن أصلح نظارته ووضعها في جيبه، تبدو الزوايا مقلوبة حين تكون أكثر وضوحا، أكثر قربا من دائرة المواقف، وكم نحتاج لضبابية الرؤية أحيانا لنكون أكثر خفة بالتغاضي.
أغلق الباب وراءه وهو يكمل تمتمته:
-دع العالم يتلاشى من حولك، يتلاشى متى ما شئت ذلك!!