فن الشعر

0 290

 سلطان محمد – السعودية

  

طبقًا للجرجاني ولي

هذا هُوَ الشعرُ   خصيةُ الشرِّ

كلما ارتدى سروالًا صار أكثر قُبحًا

صارَ يسبح في عرَقٍ ويغرقُ ثم يسبح ويغرق

كأنه سيزيف بحريٌّ

 

هذا هو الشعرُ   شتيمةٌ ترتدي ربطة عنق

وفي إصبعها الوسطاني خاتم من الألماس

تنادي به النادل لكي تهمس له بالحقيقة

لعله يتشجعُ ويدسها سُمًّا في عسل الوهم

 

هذا هُوَ الشعر   لسان يتدلّى من فم المشنوق

في وجه الجلاد

 

هذا هو الشعرُ   يدٌ تعبث في شَعْر السياسة

كلما أوشكت على التقاط صورة من كاميرا التاريخ

 

هذا هو الشعرُ   وجهي عندما أستيقظ من النوم

عينان واسعتان وفمٌ حامض يحوّل المرآةَ إلى ليمونةٍ

واللغةَ إلى معجون أسنان!

 

المستقبل الخاثر

 

كشطتُّ دمي لأقرأ مستقبلي

فرأيتُ نابكَ يلعب البلوت مع جراحي

أيها الشعرُ

رأيتُ فيك الوحش والأليف الخائف من الوحش

رأيت فيك الزومبي الذي يعرف من أينَ تُعَض كتفي

والمصل الشافي

ورأيت فيكَ مرآةً لا تظهر أمام وجهي إلا حين أنام

مرآة تتقعر وتتحدب سريعًا كخصر راقصة مصرية

ولا تقول لي حين أسألها عن مستقبلي غيرَ أحيه!

ثم قلت لا بأسَ

هو قدري أن أراكَ وأعمَى عن كل شيء غيرِكَ أيها الشعرُ

سأرسم خرائط خرائبي بنفسي لكيلا يُهندسها الأغبياء

أريد أن أحفر قبري بيديَّ

وأبطحَ الحبيبة فيه قبل موتي بسويعة لأنني أخاف الأماكن الضيقةَ والمقابلات الشخصيةَ والانتظار الطويل

أما بعد قيام الساعة

فحينذاك سأشير إليك بسبّابتي باكيًا

وأشتكيكَ عند الله!

 

حجر

 

حجَرٌ صغير في عمر المراهقة يتابعني أينما سرتُ، ولا يتركني أبدًا، لا يعرف معنى التخلّي، يمشي ورائي، يتدحرج ويتدحرج حسْبَ سُرعتي، لا يمل انتظاري خارج الباب إذا أطلت داخل الحمّام، لا يزعل إذا ما ركلته بعيدًا عني في فورة غضَب، يحاول تسليتي حين أقول له “لقد مللتك” فيقلدُ الأرانب أو السلاحفَ، يتمسّح بقدميَّ كهرّة مدللة إذا أحس بي رائق المزاج، ما له من لسان رغم كل الكلام الذي يقوله، وإذا ما رأى الأرق يفتك بي جاء مكان مخدتي وتحوّل إلى غيمةٍ، يمسَحُ دمعتي بخنجَر كمن يحكُّ ألماسةً، ويقف متأهبًا مثل حارس شخصي بالمنشفة عندما أستحمُّ.

حجَرٌ صغير في عمر المراهقة مع أنه مولودٌ قبلَ آدمَ والأرض والسموات؛ وُلِدَ، عن غير قصْدٍ، من آباط الملائكة، من تحت أجنحتها، عندما أحسسنَ بالحرارة بينما الله يسوّي الجحيم قبلَ الجنةِ،

عن غير قصدٍ، وقد صار المقاصدَ كلها، في الجوهر

صارَ ظل ارتباكي بين الخطو والخطوات

صار خُصلة التاريخ التي يتغنج بها أمام الدهر الجامح

وصار المحو المكتوب في الرئة، أمام عين القلب

آه، كم أحبك أيها الحجَرُ الصغير

يا نعمتي من العذاباتِ، يا جَرْوي

أيها الشِّعْرُ!

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.