مُتواليةُ “أحبابَنا سيروا” .. النَّضِرةُ دائماً

1 2٬214

أمجد المحسن – السعودية

أطفالنا سيروا، سيروا.

نغدو إلى النّهر الجميلْ.

.. في القارِب الذي كانَ سامي قفطان بطلَهُ، وثلَّةُ أُطيفالٍ في دهر ما قبل الأشياء. يُكرِّسُونَ النّهرَ المُعدَّ خصّيصاً لهذه القصيدة،

وجسرِي ليِّنٌ من هُنايَ إلى هنالك، وسمائي لم تكن أبعد من عُلبةِ حليبٍ وفِضَّةِ مِفَكِّها ….

لم تكن على ضَفَّة الدقائقِ الثلاث حروبٌ وطُغاةٌ.

لم تكن الأدخنةُ أفعوانيّةً كلا عدَميّةٍ.

لم أنتبِه إلى أنَّ أهلَ الكواليس لا يرتدونَ ثياباً فوسفوريّة.

أحبابنا سيروا، سيروا.

نغدو إلى النّهر الجميلْ.

عما قليلٍ سأدخل المدرسة لأني ألححتُ على والدي.

هناك سأصادِفُ لأوَّل مرَّةٍ من سيعبرون سواحلَ السّذاجاتِ، ولن يصطاد أحدٌ منهم سمكةً واحدة.

سامي قطّان يُعاود الأغنية، والكورال النّهريُّ ماشٍ لا يقِف.

لا أنهار هنا، ثَمَّةَ البحر ….

أربعة أعمدةٍ في الدفتر: أ، ب، ت، ث. وتبدأُ بالتفكيك.

اخترتُ لاحقاً اسم مدرّسي الشّاميِّ ليكون كلمة سرٍّ لما لم أعد أتذكّر ما هو الآن …..

في نهرِنا سَمكٌ،

يشتاقُه الصيّاد

يصطاده شبكٌ

فيفرح الأولاد …

الحقيبةُ خفيفةٌ جداً كأنَّ أجسامنا بلا وزن،

نقلاتُ فُقاعةٍ سجيَّةَ شَبَكةٍ لا تحملُ الماء.

لكنّ أجسامَنا تقْرِضُها الجاذبيّة.

ما الذي الْتَهَمْناهُ أو الْتَهَمَنا؟

الأوزانُ التي تثقُلُ شيئاً فشيئاً من تُخمة سُوءِ الفهم الدّائم.

ماذا يجري،

الحقائبُ تثقُلُ كأنَّ شخصاً ما

يدسُّ خلسةً في كلِّ حقيبةٍ هلالاً يكبرُ بالمشي …

الجاذبيّة تصبح قُوّةَ الوقت الضّاربة.

ما أطيبَ السّمكا

يُشوى على النّارِ

هيَّا لِنأكلَهُ

في رفقة الجارِ

أيَّامها لم أكنْ أعرفُ أنَّ سقوطَ نخلةٍ هو سُؤالٌ وجوديّ.

مُديةُ الأسئلة عن آذان الحيطان الفِيَلَةِ، عن المجادلاتِ في استكانات الضُّحى. العُيُون تغيضُ، والنّخيلُ عوارٍ.

يفرحُ الأولاد

أو لا يفرحون ….

الأغنية في جريانها تجدُ لها ثُلمةً في جدار السّماء، وتكِنُّ كفاختةٍ في نخلٍ منسيٍّ.

مَن شاعرُك المفضَّل؟

صباحات الشّتاءِ في الكَنَف.

رائحةُ الطَّبَانةِ التي مزاجُها الوسْمُ وتبِعاتُها نحوُ غَلَط الدّاتا.

نداءُ أبويَّ باسمي ….

والبحر.

ما أطيبَ السّمكا

ما أنفع السّمكا

لحمٌ يُغذّينا

زيتٌ يُقوِّينا

مُكتفٍ بالسَّمَك. ولا آكلُ اللحوم ….

ومن منافع السّمك أنه يقوِّي ذاكرتَكَ ويُنسِيك صيَّادَهُ.

مع أطفالي، زرقة البحر الناشبةُ في المُفضَّلة …

تستعادُ المواقيتُ كصورةٍ مُرمَّمَة.

جارتي قِطَّةُ الذّاكرةِ وغيمةٌ طافيةٌ في الحوافّ …

دهليز العبيرِ الذي لا يضمحلُّ معيَّةَ نسوةٍ خارجاتٍ من صَفَر.

نسِيَ الصبيُّ نسيانَهُ هناك.. وحملَتْهُ درَّاجةُ الذّاكرة

إلى غدٍ لا نسيانَ فيه.

أين أجدُ نسياني؟

مَن لي بمنْ يجدُ نسياني؟

هل أبتاعُ نسياناً وأعلِّقُهُ ومفاتيحَ البيتِ لئلا أنسى.

هل النسيانُ ثمينٌ إلى هذا الحدّ؟

أطفالنا سيروا، سيروا.

نغدو إلى النّهر الجميلْ ……

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. ام ابيها يقول

    جميله جدا بوركت وبورك قلمك شاعرنا الفاضل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.