يوم عطلة عادي

0 336

أيوب إبراهيم – سوريا

يصحو المتزوجون الكلاسيكيون صباح الجمعة متأخرين قليلا، ينظر الزوج الى زوجته في السرير والى علبة السجائر على تلك القطعة من الأثاث التي عجزت اللغة العربية عن تعريبها فبقيت (كمودينة)، يشعر براحة نفسية أن أولاده ما زالوا نياما. يشعل سيجارة وينهض لإعداد القهوة، يسمع تغير اتجاه نوم زوجته بالاتجاه الآخر في إشارة لرغبتها بتناول القهوة من يديه.

يحاول وهو يغلي القهوة تذكر ما فعلاه ليلة البارحة، فيصاب بمرض تجاهل ما جرى. يفاضل بين شغف البدايات بكل التفاصيل وسرعة الروتين أمس حد نسيان الأحاديث التي كانت تثير الشهوة اكثر من الفعل نفسه. تنسكب القهوة قليلا على الغاز يمسحها كيف ما اتفق ويحملها إلى غرفة الجلوس تطل زوجته من غرفة النوم مرتدية بيجاما يكرهها وبشحاط مفتوح وجوارب ذكورية سميكة، وتثائب مفتعل وابتسامة لا تشبه تلك التي كانت تبتسمها في وجهه حين كان ينقب في دواوين نزار عن قصيدة تشبهها وحين كان يستمع لكوكب الشرق ويتخيلها. تجلس قبالته فتنتبه هي على شعر صدره كيف اصبح مبعثرا وعلى تجاعيد جبهته واصفرار أسنانه وكرشه الذي ينمو كأنما جنين يسكنه، حتى يديه لم تعودا يديه وخاتم الزواج عصي على خنصره كونه يتحسس من المعادن حسب زعمه. ترتشف القهوة ويرتشفها ثم تقول في سرها هل هذا الكائن هو نصفي الاخر حقا؟ويقول هو هل هذه هي التي كنت اشتهيها اكثر من سيجارة الونستون؟، وفي غمرة التساؤل يقطع شرودهما صوت ولدهما الأصغر بابا ماما ما بدنا نروح ع بيت جدو؟ فيرمق زوجته بنظرة لا مبالاة ويقول فاقوا الاولاد قومي حطي فطور !!!!

فيما ينهض العازبون متأخرين كثيرا يفاضلون بين القهوة والفطور فيختارون القهوة، تجلس عازبة صباحا تضع رجلا فوق رجل تنتبه لجمال فخذيها حتى بملابس النوم تسمع فيروز من سماعة موبايلها الذكي، تعيد قراءة محادثات الماسنجر وتطل على صفحات اشخاص حذفتهم وتتحسر على من لم تمنحهم فرصة أكبر ليكونوا نصفها الآخر وتتأفف من لا مبالاة ذاك البروفايل الذي لا يعيرها الاهتمام الذي تبحث عنه، تنظر إلى بيت أهلها الذي تناقص ساكنوه موتا او زواجا قبل ان يباغتها صوت ما يقول: تعي افطري!!. وينزوي عازب صباح الجمعة مرهقا من كثرة النوم ينظر إلى والديه اللذان شاخا فجأة والى موبايله المليء بالتفاهات يحاول أن يبدأ بمشروع ما لهذا اليوم لكنه يكتفي بالجلوس و لعن الحالة والوضع والزمن الذي اوصلنا الى أيام اصبح فيها الخروج من المنزل يحتاج موازنة مستقلة لا يمكن لموارده تحملها، يقطع فوضاه العابثة باب يطرق ليس إلا صبي السمان ليوصل للمنزل كفايتهم من الخضار و التبغ والخيبة!!

ويستيقظ العرسان الجدد على مشاعر غريبة، هي تريد الذهاب لقضاء العطلة في بيت أهلها وهو يريد أن يتسكع مع أصدقائه القدامى. هي تراجع صفحته الشخصية لترى من تفاعلت مع منشوره الأخير، وهو يبحث في الثلاجة عما يأكله لشعوره بالجوع بعد ليلة حمراء فيكتفي بنصف موزة منسية وقطعة شوكولا ليباغته صوت من داخل غرفة النوم :مين هي عاصفة الحب اللي حاطلا احببته ع صورتا الشخصية؟ فيستغفر و يحوقل و يلعن الساعة التي تزوج فيها!!!

فيما تكون صحوة الارامل مفعمة بالفقد يبحثون في زوايا الجمعة عما ينسيهم الحزن العتيق وتغدو صباحات الوحيدات مليئة بالأفكار المفعمة بالخوف من الموت في وحشة ودون ضوضاء محبين.

ويستفيق الأيتام مثلي على روتينهم اليومي وقهوتهم العادية دون قارئة فنجان تجزم أن الطريق مسدود يا ولدي بالإذن من نزار قباني، فقد مات شهيدا من كفر بكل شيء حتى دين المحبوب في هذا الزمان المليء بالشياطين والملائكة و الآلهة دون وجود إنسان واحد ..

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.