عن المسمار الاخير في نعش التعايش!!!

0 550

أيوب إبراهيم – سوريا

غريب هو الكائن البشري، يرتقي ويبلغ ذُرى السلوكية تسمو به بعيداً عن البشر العاديين، ولكنه إذا انحدر عنفاً وقسوةً فقد يصير دون مرتبة البهائم بكثير، وإلاّ كيف تصبح الضحية أقسى من جلادها في أحايين كثيرة. ولربما كانت الكاتبة الإنكليزية جين أوستن محقة في تحسّرها، عندما كتبت: “وحاسرتاه! نحن الذين حُرِمْنا الحنان، ما استطعنا أن نكون حنونين.”

لقد خُلق الإنسان في أحسن تقويم، يشترك الإنسان في 97% من جيناته مع القرود و90% من هذه الجينات أصله من البكتريا التي تعيش في أحشاء الإنسان في علاقة تكافلية، هو يستطيع العيش في تكافل مع البكتريا لكنه عاجز عن العيش مع أخيه الإنسان الذي يتنفس معه الهواء نفسه. فكيف هو إنسان؟، وكيف هو في أحسن تقويم؟.

أحسن تقويم في الخلقة و في الفطرة، ثم أنه إما يرتقي وإما ينكص الى الوراء.

(قتل الإنسان ما أكفره)، العقل الذي مُنح للإنسان استُخدم كسلاح ذي حدين: الخير والشر…وقد غلب استخدام الحد الثاني عبر صراع دامٍ مستمر منذ البدء، فقتل الأخ أخاه بدءا بقتل هابيل وليس انتهاء بمحاولة قتل يوسف في الجب، ومازال مسلسل قتل الاخوة وقتالهم مستمرا والقادم أعظم. والخوف من قيامة جديدة بعد اثنتين سابقين اقصد الحرب العالمية الثالثة التي تبدو نذرها واضحة للعيان.

أم أن الانسان غير الجنس البشري، الانسان بحياته كإنسان يستطيع الانتقال من وعي لآخر، بينما القرد يبقى قرداً، و بعض البشر ليسوا أكثر من قرود لكنهم غير قابلين للأنسنة بشكل او بآخر. في كل سورية الكريمة تجد داراً فقط إن كنت كريماً، والكرم موقف أخلاقي “عجل شکون یا وال ما تفتهم هاذ راس لو جبسة يا صغير”، حتى العلمانية لا يجوز استسهال ادعائها بمنطق الدولة، بثقافة المواطنة، بعدم بث طاقة الكراهية هذه وعدم الترويج لظاهرة العلمانوفوبيا بين الارياف والمدن وتصنيف الناس على حسب ما تملك من ضيق الأفق. يكفي سموماً فما عاد جهازنا المناعي يحتمل المزيد، منابر المثقفين والنخبويين يجب أن تكون للتنوير لا لمزيد من الاستقطاب والإصطفاف وبث التفرقة. ومن المؤسف أن يكون أقطاب العلمانيّة وأيضاً مدّعوها أدوات و مطيّةً لهم في مسار الدم والتقطيع. نهر الدم ككل الأنهار له ضفتان، أما آن أن نفهم ما يرسمه شياطين الخارج والداخل لهذا الوطن المسكين، لربما بشكل غيبي وغبي يصر الناس في مجتمعاتنا على كل ما يفرقهم ويزيد من شروخ اختلافهم ويعزز خلافاتهم ويبالغون في إظهاره وإشهاره والتمسك فيه مهما كان سطحياً وسخيفاً لدرجة أننا أصبحنا مجتمعاً سطحياً بالغ الهشاشة فقد جوهر وقيم وجوده الحضارية الحقيقية.

فالغني يبالغ في بذخه وفحشه، والفقير يبالغ في حاجته والمتحزب والمثقف يبالغ في شعاراته ومثالياته والمتدين يبالغ في قشور ومظاهر دينه على حساب جوهره. فلماذا لا نزيد ونكثر مما يجمعنا، ونعزز ما نتفق عليه ونحبه؟!، ولا نتكلم ولا نشاهر على المايكروفونات بما يفرقنا و يضطر الناس لعدم الشعور بالأمان وللحديث دائما بالأنا

و الأنت نحن وهم، دعونا نجتمع على كل ما نحب وننبذ كل ما نكرهه ويفرقنا حيث يمكن أن يجتمع اليسار باليمين والمتشدد بالمتحرر والحزبي بالحيادي والمدير بالغفير والغني بالفقير والناس اللي فوق والناس اللي تحت، و(بيت بومالحة وبيت بوقعقور)[1].

[1] العائلتان المتصارعتان في المسلسل السوري الخربة

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.